الى أبناء عمر المختاراعتذار و رجاء و تحية وإكبار صالح بن عبد الله* روى لي أحد معارفي أنّ الملك إدريس السنوسي رحمه اللهلما وصلت المظاهرات الى قصرهسأل أحد مساعديه:آش يبّوا؟، ماذا يقولون؟ فأجابه: إنهم يقولون: إبليس ولا إدريس. فرفع يديه إلى السماء ثمّ قال: اللهمّ استجب ثم أرفق ذلك بصلاة ركعتين. وكان بعد ذلك ما كان. و جاء العقيد معمر القذافي ليملأ الحناجر العربية الخارجة لتوّها من نكبة 1967، ثمّ لتتحوّل بعد ذلك بركات النصر والخير الذي بشّر به في أيّامه الأولى الى نار تصلى، لم تقتصر على ليبيا وتونس وباقي الشعوب العربية، بل امتدّت الى كافة أرجاء المعمورة. ولم يستكن الشعب الليبيّ المغوار الى هذا المستبدّ القاتل بل انطلقت مقاومته منذ السنوات الأولى من حكمه وتتالت قوافل الشهداء لكنّ بطش العقيد و زمرته و دعم القوى الكبرى التي جاءت به و تآمر أغلب الأنظمة العربيةعلى الشعب الليبي الجريح و تورّط قطاعات وزعامات ليبية لا يستهان بها مدّدت في عمر نظام القذافي، ولكنّ سنّة الله في كونه أن يملي للظالم حتى اذا أخذه لم يفلت. لم تكن 42 سنة كافية لردع هذا الظالم العنيد وعودته الى رشده أن يرتدع و يثوب الى رشده خاصة أن سقطت عنه ورقة التوت فيما يعرف بالبرنامج النووي الليبي . لقد استمرّ هذا المستبدّ القاتل في عنجهيته وكان لابدّ لهذا الظلم من نهاية. فجاءت ثورة 17 يناير المباركة واندفع شباب الثورة لا يلوي على شيء، شعارهم : نحن لا نهزم ننتصر أو نموت.! دماء الشهداء ما تمشيش هباء. صدقوا الله فصدقهم ونصروا الله فنصرهم و لن تحد لسّنة الله تبديلا، ولينصرنّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز. كنّا قريبين قرب أهل الكنانة من غزّة . كنّا نتألّم لمصاب اخواننا نفرح لتقدّمهم و نحزن لتقهقرهم لم نكن نملك من الشجاعة و من القدرة الجهادية لنهبّ لنجدتهم ، جدنا بما قدرنا عليه من الغوث المادّي و نحن مدركون تقصيرنا فمعذرة أحبّتنا. واليوم وقد نصركم الله و لم بيق الاّ القليل و عدوكم بإذن الله مهزوم لا محالة وليبيا الحرّة عادت الى أهلها بعد اختطاف فاق الأربعة عقود. فالله الله أحبتنا والتفريط في هذا النصرالمبين إنّ ليبيا اليوم هي القضية المركزية للأمّة فهي ملئ الأعين والأفئدة نجاحها نجاح الأمة بأسرها و فشلها- لا قدّر الله- فشل الجميع. حافظوا على وحدتكم، حافظوا على استقلالية قراركم ، أروا العالم من أنفسكم قوة ، وقدّموا النموذج الحضاري الذي انتظرناه طويلا. *سجين سياسي تونسي سابق