بالارقام: إنخفاض في حجم الدين الخارجي لتونس.. #خبر_عاجل    وزير الفلاحة يفتتح بقبلي موسم جني التمور ويؤكد أنه قطاع محرك للنمو ومصدر للعملة الصعبة    عاجل/ السوق التونسية تشهد نقصا في اللحوم الحمراء يناهز 65%    بوتين يحذّر: أي استهداف للأراضي الروسية بصواريخ "توماهوك" سيواجه برد "مدوٍ وقوي"    عاجل/ نتنياهو يجمّد مشاريع قوانين "فرض السيادة" على الضفة الغربية    عاجل/ ترامب: مروان البرغوثي في قيادة غزة ما بعد الحرب    النادي الصفاقسي يفوز وديا على نادي اولمبي الزاوية الليبي 2-0    يوسف البلايلي يتبرّع ب20 ألف دينار لفائدة هذا النادي التونسي    الديوانة التونسية: إحباط محاولة تهريب قطعة أثرية إلى خارج التراب الوطني    قابس: تظاهرات عديدة تؤثث احتفالات المدرسة الوطنية للمهندسين بقابس بالذكرى الخمسين لانبعاثها    الليلة: أمطار متفرقة ورعدية بهذه المناطق..    عاجل/ العثور على إمرأة وطفل مشنوقين في مستودع.. والنيابة تحقّق    الأستاذ محمد بن عباس: الجامعة التونسية باتت اليوم مؤهلة لتكون شريكا متكافئا في مشاريع البحث والتكوين مع نظيراتها الفرنسية والدولية    لاعبة الترجي الرياضي تحقق رقما قياسيا في المسابح الفرنسية    بنزرت الجنوبية: وفاة شاب تعرض لحادث شغل    المهدية: الأساتذة ينفذون وقففة احتجاجية بساعة في قاعات الأساتذة    مشاركة أكثر من 1000 متسابق ماراطون "القلوب الشجاعة"    بطارية تدوم لخمس سنوات وأداء ثابت: ابتكار OPPO الجديد يغيّر المعادلة، قريبًا في تونس    مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026 : ضبط النقاط التي ستتم إثارتها خلال جلسات الاستماع الى ممثلي رئاسة الجمهورية ووزارة الشؤون الخارجية    الاتحاد الإفريقي يحدد موعد قرعة دور المجموعات لدوري الأبطال وكأس الكونفدرالية    سيدي بوزيد: اعطاء اشارة انطلاق موسم جني الزيتون    خطوة بخطوة: كيفاش تجدد؟ ''CARTE SEJOUR'' في تونس    شنيا صاير: فيضانات وانقطاع كهرباء واسع في فرنسا؟ ...وهذا هو السبب    عاجل: القضاء يبرّئ شيرين عبد الوهاب نهائيًا من هذه القضية    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    بشرى لطلبة الهندسة الاتصالية: شهادة دكتوراه تونسية – يابانية لأول مرة...هذه التفاصيل    عاجل/ اصابة تلاميذ في حادث حافلة نقل مدرسي بهذه الجهة..    العثور على جثة متحللة داخل منزل منذ عام بالقيروان    عاجل/ الموت يفجع حركة النهضة..    الرابطة الأولى: تعيينات حكام مباريات الجولة الحادية عشرة    التونسيتان بيسان وبيلسان كوكة تتوجان ببطولة مسابقة تحدي القراءة العربي في موسمها التاسع    سليانة: تدعيم المستشفى الجهوي بعدد من التجهيزات    أول رد من حماس على قرار محكمة العدل الدولية ضد الكيان الصهيوني..#خبر_عاجل    معلمون وأساتذة نواب يعلنون تنفيذ وقفة احتجاجية أمام رئاسة الحكومة للمطالبة بإدراج أسمائهم ضمن الدفعة الثانية للانتداب    جامعة كرة القدم: الكشف عن مواعيد انتخابات الرابطات    تونس تصنف ضمن افضل 25 وجهة سياحية في العالم ينصح باكتشافها سنة 2026    بمناسبة العطلة المدرسية: رحلات ترفيهية على ذمة التونسيين    ضغط الدم المرتفع؟ إليك الأعشاب الطبيعية التي قد تساعد على خفضه بأمان    إنتقالات: لاعب تونسي يلتحق ب"بلال العيفة" في الدوري الليبي    المسرح الوطني التونسي وبيت الحكمة ينظمان بتوزر ندوة فكرية حول "أسئلة الهوية والغيرية وتمثلات الذاتية في المسرح التونسي"    عاجل/ أحداث قابس: هذا ما قرره القضاء في حق الموقوفين…    الصحة العالمية: إجلاء طبي ل 41 مريضا بحالة حرجة من غزة    فيديو لترامب يفقد أعصابه.. ويهاجم صحفيا    نابل : التوصّل إلى حل نهائي لإشكالية فوترة القوارص وتسهيل نشاط صغار التجار ( فيديو )    رابطة أبطال أوروبا: ريال مدريد يواصل التألق وليفربول وبايرن ميونيخ وتشيلسي يحققون انتصارات عريضة    بذور اليقطين أم الشيا.. أيهما أغنى بالألياف والمغنيسيوم والبروتين؟..    وزارة الصحة: إطلاق مشروع التكفّل بحالات التوقف القلبي خارج المستشفى    المنستير ولمطة في عدسة التلفزيون الإيطالي: ترويج جديد للسياحة التونسية    العلم يفكك لغز تأثير القمر على النوم والسلوك    أَحْلَامٌ مَعْتُوهَة    بهدوء .. كائن رماديّ    مهرجان «المّيلة» في دورته الثانية .. تثمين للموروث الغذائي، وتعزيز للسّياحة المُستدامة    حقل البرمة: نحو حفر 10 ابار جديدة لإنتاج النفط والغاز    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    عروض سينمائية وموسيقية فرجوية متنوعة في الدورة الثانية من المهرجان الدولي للسينما في الصحراء    الأشقاء يبقون أشقاءً: هكذا علّق قيس سعيد على الجدل بين تونس والمغرب حول التمور    قيس سعيد: بلاغ استثناء المغرب من تصدير التمور غير مسؤول يقتضي الواجب مساءلة صاحبه    يوم الخميس مفتتح شهر جمادى الأولى 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمر المختار والثورة الليبية-محمد بركة
نشر في الحوار نت يوم 11 - 05 - 2011


عمر المختار والثورة الليبية

محمد بركة
سجَّل قائد الكفاح الليبي ضد الاستعمار الإيطالي في الثلث الأول من القرن الميلادي الماضي، المجاهد الشهيد عمر المختار حضورًا رمزيًا في ثورة مواطنيه الراهنة؛ الهادفة لإسقاط الطاغية معمر القذافي، وبدا اسم عمر المختار منذ السابع عشر من فبراير الماضي أشبه بكلمة سحرية، أو كلمة سر في المشهد الثوري الجديد في ليبيا.
وإلى جانب اشتراك ثورة عمر المختار ضد الإيطاليين مع ثورة الليبيين ضد القذافي في هدف واحد هو التخلص من الاستبداد، والتطلع إلي الحرية، استلهمت ثورة 17 فبراير ذكرى بطل المقاومة ضد الإيطاليين عبر مفردات عديدة تراوحت بين إطلاق اسمه على جماعات مشاركة في المظاهرات الشعبية الحالية، وتوجيه النداءات إلى أحفاد عمر المختار والحديث عن ليبيا عمر المختار.
وتم رفع علم استقلال ليبيا القديم في معظم المدن الثائرة وفوق البعثات الدبلوماسية الخارجية المنشقة على نظام القذافي المستبد، بالعلم الذي كان يرفعه عمر المختار وهو العلم الأسود ذو النجمة، وكانت الهيئة التشريعية التي وضعت علم الاستقلال الليبي عام 1951 قد جعلت وسطه العلم الأسود ذا النجمة والهلال، الذي اتخذه الشهيد عمر المختار شعارًا له في الكفاح ضد المستعمرين الإيطاليين.

مفارقات ملفتة
ومن المفارقات الملفتة أنّ ثورة عمر المختار قادت المقاومة ضد الاستعمار الإيطالي، في حين اشتعلت ثورة 17 فبراير لإسقاط نظام يُعد زعيمه القذافي أبرز حليف لإيطاليا في العالم العربي وشمال أفريقيا، والمفارقة الثانية أنّ مدينة بنغازي التي جرت فيها محاكمة الإيطاليين للزعيم عمر المختار، هي ذاتها التي انطلقت منها شرارة الاحتجاجات المطالبة بتنحي القذافي.
والثالثة إذا كانت آخر كلمات قالها الشهيد عمر المختار قبل تنفيذ حكم الإعدام فيه عام 1931: إنّنا نقاتل من أجل ديننا وحريتنا؛ حتى نطرد الغزاة أو نموت، وليس لنا أنّ نختار دون هذا، فقد قال أحفاده بعد ثمانين عامًا ونيف بلسان حال قدّموا فيه آلاف الشهداء :نحن نقاتل من أجل حريتنا وكرامتنا، حتى يسقط معمر القذافي ونظامه أو نموت، وليس لنا خيار سوى هذا.
فعندما استجوب الضابط الإيطالي عمر المختار قائلاً: هل حاربت الدولة الإيطالية؟
عمر: نعم.
وهل شجعت الناس على حربها؟
نعم.
وهل أنت مدرك عقوبة ما فعلت؟
نعم.
وهل تقر بما تقول؟
نعم .
منذ كم سنة وأنت تحارب السلطات الإيطالية؟
منذ عشر سنين.
هل أنت نادم على ما فعلت؟
لا.
هل تدرك أنك ستعدم؟
نعم.
ويستعطفه قاضي المحكمة قائلاً: أنا حزين بأن تكون هذه نهايتك.
فيرد عمر المختار:
بل هذه أفضل طريقة أختم بها حياتي.
ثم يحاول القاضي أنّ يغريه فيحكم عليه بالعفو العام، مقابل أن يكتب للمجاهدين أن يتوقفوا عن جهاد الإيطاليين، فينظر له عمر ويقول كلمته المشهورة: إنّ السبّابة التي تشهدُ في كلّ صلاةٍ أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسولُ الله لا يمكنُ أنْ تكتبَ كلمةَ باطلٍ.
لقد قضى شيخ الشهداء وشعاره: نحن لا نستسلم.. إما أن نموت وإما أن ننتصر.
ولعل الحضور الأبرز لعمر المختار في ثورة الليبيين الجديدة تمثّل في تذكير هذه الثورة للشعب الليبي بشكل عفوي، بذكرى أسد الصحراء، وبطل النضال الليبي التاريخي ضد الاستعمار الإيطالي.

سيرة مجاهد
وُلد الزعيم الليبي الراحل عمر المختار ببرقة الليبية عام 1862 م لأبوين صالحين، وشاءت إرادة الله أن ينشأ عمر المختار يتيمًا، فقد توفي والده أثناء سفره إلى الحج بعد أن أوصى أحد رفاقه بولديه عمر، ومحمد، وكانا يقيمان بزنزور يدرسان بزاويتها.
ذهب عمر إلى زاوية الجغبوب لإتمام دراسته، وظل بها ثمانية أعوام يحفظ القرآن الكريم، ويتعلم العلوم الإسلامية وخلال الدراسة ظهرت صفاته الخلقية السامية، ولما كان عمر المختار قد تأدب بآداب الإسلام، فقد أحبه شيوخ الطريقة السنوسية وزعماؤها، الذين كانت لهم مقاليد الأمور في ليبيا، ونال ثقتهم، ولذلك اصطحبه السيد محمد المهدي السنوسي معه عندما انتقل إلى الكُفْرة، وكان محل ثقته، كما عيّنه شيخًا لزاوية القصور بالجبل الأخضر.
واحتل الاستعمار الإيطالي ليبيا سنة 1911م، وارتكبوا الكثير من الفظائع، وعاثوا في الأرض الفساد، وبدأ نضال المجاهدين من أبناء ليبيا، ودعا الزعماء السنوسيون في بني غازي وغيرها شيوخَ الزوايا للجهاد، وأسرع عمر المختار يلبي النداء، وأظهر في كفاحه ضد المستعمر الغاصب شجاعة نادرة، ومقدرة كبيرة على القتال، فقد كان مؤمنًا بحق وطنه في الحرية والكرامة.
وتولى عمر المختار قيادة المجاهدين، وبدأ في رسم الخطط لأتباعه، وقد التزم في بداية الأمر موقف الدفاع والتربص بالعدو، حتى إذا خرج الجنود الإيطاليون من مواقعهم؛ انقض المجاهدون عليهم كالصقور، فقاتلوهم قتالاً شديدًا، وأخذوا منهم ما يحتاجون إليه من أسلحة، وبعد أن بدأت الحرب العالمية الأولى عام 1914م، فاجأ المجاهدون المعسكرات الإيطالية، وأشعلوا الثورة في الجهات التي يحتلها الإيطاليون.
وسافر الأمير إدريس السنوسي إلى مصر في سنة 1922 للعلاج، ولطلب المساعدة من مصر، فعين عمر المختار نائبًا عنه، نظم عمر المختار صفوف المجاهدين بعد هجمات الإيطاليين المتتالية، وأخذ مجموعة المجاهدين، وذهب بهم إلى الجبل الأخضر، وأنشأ قاعدة عسكرية، ومراكز لتدريب المتطوعين، فتوافد عليه الناس من كل ناحية؛ ليشاركوا في الجهاد ضد المستعمر. فعين لكل قبيلة رئيسًا منها، وأجمع الرؤساء على أن يكون عمر المختار قائدًا عامًا ورئيسًا لكل المجاهدين، بعد أن أقسموا على الجهاد حتى آخر لحظة في حياتهم، حتى يخلصوا وطنهم العزيز من أنياب المستعمر، وازداد القتال شراسة بين المجاهدين والإيطاليين، وكانت معركة الرحيبة ومعركة عقيره المطمورة وكرِسَّة، وهي أسماء أماكن في الجبل الأخضر.. من أعظم تلك المعارك التي شهدتها منطقة الجبل الأخضر، وانتهت كلها بانسحاب الإيطاليين مخذولين، مما رفع من شأن عمر المختار في نفوس المجاهدين، فالتفوا حوله، وتعاهدوا على مناصرته.
لم يركن البطل عمر المختار إلى الراحة، بل ظل يقاتل، وكيف لا يستمر في القتال وأمام عينيه صور الفظائع والانتهاكات وأصناف العذاب التي صبها الإيطاليون على شعبه، فقد قتلوا الآلاف، ومثَّلوا بالكثيرين، وهتكوا أعراض النساء، وألقوا في السجون أعدادًا عظيمة من الرجال والنساء، وأذلوا الشيوخ والأطفال، وحرقوا الزروع والثمار، فكان لابد من القتال حتى الموت أو النصر، وبعد أن انتشر القتال في كل أنحاء ليبيا، قرّر عمر المختار الذهاب إلى مصر لمقابلة الأمير إدريس السنوسي ليتلقى منه التعليمات بشأن الجهاد.
وفي طريق عودته من مصر إلى برقة عن طريق السلوم أبلغ جواسيس الجيش الإيطالي رؤساءهم أن عمر المختار عبر الحدود الشرقية، فأعدوا له كمينًا للقبض عليه، وما إن ظهر عمر المختار ورفاقه حتى أطلق عليهم العدو مدافعهم الرشاشة، لكن المجاهدين استطاعوا التصدي لهم وانقضوا على القوة الإيطالية وأبادوها عن آخرها، ولمع اسم عمر المختار في سماء الجهاد.. عرفه الصغير والكبير كقائد بارع يتقن أساليب الكر والفر، وانضمت إليه القبائل المقيمة بالجبال، وتعاطف معه الشعب؛ فأمدوه بما يقدرون عليه من مؤن وأسلحة.
ولم يعرف المجاهد الكبير طعم الراحة، وحاول مشايخ قبيلته، ذات مرة منعه من الجهاد لكبر سنه، فقال لهم: إن ما أسير فيه هو طريق الخير، ومن يبعدني عنه فهو عدو لي، ولا ينبغي لأحد أن ينهاني عنه.. ولم تفلح مدافع الجيش الإيطالي في وقف هجمات عمر المختار ورفاقه، فحاولوا استمالته وشراءه بالمال، ووعدوه بحياة ناعمة هنيئة، لكنه رفض، وأخذ يدافع عن تراب وطنه بكل قوة وشراسة، وألحق بالإيطاليين خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، مما دفع موسوليني إلى تعيين المارشال بادوليو حاكمًا على طرابلس وبرقة، وبمجيئه إلى ليبيا بدأت مرحلة جديدة من النضال في برقة والجبل الأخضر.
واتصل الحاكم الجديد بعمر المختار لإنهاء الخلاف، وقبل عمر بشروط فيها الكرامة والعزة لوطنه، لكن الإيطاليين حاولوا خداعه، وتأكد غدرهم عندما قامت الطائرات الإيطالية بإلقاء قذائفها على عمر المختار ورفاقه من المجاهدين، فبدأ النضال من جديد!!
اشتبك المجاهدون مع الإيطاليين في معركة كبيرة في أكتوبر عام 1930م، وقد عثر الإيطاليون بعد انتهائها على نظارة عمر المختار، كما عثروا على جواده المشهور مقتولاً في ميدان المعركة، فقال جرازياني نائب المارشال بادوليو متوعدًا: لقد أخذنا اليوم نظارة عمر المختار، وغدًا نأتي برأسه، وظل عمر المختار يقاومهم وهو متسلح بالإيمان حتى وقع البطل في الأسر؛ ففرحت إيطاليا كلها فرحًا شديدًا.
ودعيت المحكمة إلى الانعقاد، ونصبت المشنقة، وجاءوا بالبطل الكبير عمر المختار مقيد اليدين بالسلاسل والقيود، وحكموا عليه بالإعدام شنقًا في محاكمة صورية لم تستغرق سوى ساعة وربع الساعة، وكان الشيخ آنذاك في السبعين من عمره، وسار المجاهد الكبير إلى حبل المشنقة بقدم ثابتة وشجاعة نادرة، لا يتوقف لسانه عن ترديد الشهادتين؛ حتى نفذ فيه حكم الإعدام، وعندما وجدوا أنه لم يمت أعادوا شنقه مرة ثانية.
ولقد توالت الصيحات من الأحرار والشرفاء في كل مكان .. اتركوه.. لا تقتلوا شيخًا كبيرًا جاوز السبعين من عمره.. أي ذنب جناه؟! لم يفعل شيئًا سوى أنه دافع عن تراب وطنه وعزة دينه!! لم يستجيبوا لنداء الرحمة.. أعدموه وسط أهله وعشيرته.. لم يتركوهم ليعبروا عن أحزانهم.. حبسوا دموعهم في عيونهم.. قتلوا البطل المجاهد.. قتلوا العزة والكرامة.. ألا ساء ما يفعلون!! وهب حياته من أجل حرية بلاده والجهاد في سبيل الله، وتمنى أن يلقى الله شهيدًا فحقق الله أمنيته.
أمير الشعراء يرثيه

وقد رثاه أمير الشعراء أحمد شوقي بقصيدة رائعة يقول فيها :

رَكَزوا رُفاتَكَ في الرِمالِ لِواءَ
يا وَيحَهُم نَصَبوا مَناراً مِنiiدَمٍ
ما ضَرَّ لَو جَعَلوا العَلاقَةَ فيiiغَدٍ
جُرحٌ يَصيحُ عَلى المَدىiiوَضَحِيَّةٌ
يا أَيُّها السَيفُ المُجَرَّدُبِالفَلا
يَستَنهِضُ الوادي صَباحَ مَساءَ
توحي إِلى جيلِ الغَدِiiالبَغضاءَ
بَينَ الشُعوبِ مَوَدَّةًiiوَإِخاءَ
تَتَلَمَّسُ الحُرِّيَةَ الحَمراءَ
يَكسو السُيوفَ عَلى الزَمانِ مَضاء

ويقول:

إِنَّ البُطولَةَ أَن تَموتَ مِن الظَما
إِفريقيا مَهدُ الأُسودِ وَلَحدُها
وَالمُسلِمونَ عَلى اِختِلافِ دِيارِهِم
وَالجاهِلِيَّةُ مِن وَراء قُبورِهِم
في ذِمَّةِ اللَهِ الكَريمِ وَحِفظِهِ
لَم تُبقِ مِنهُ رَحى الوَقائِعِ أَعظُماً
لَيسَ البُطولَةُ أَن تَعُبَّ الماءَ
ضَجَّت عَلَيكَ أَراجِلاً وَنِساءَ
لا يَملُكونَ مَعَ المُصابِiiعَزاءَ
يَبكونَ زيدَ الخَيلِiiوَالفَلحاءَ
جَسَدٌ بِبُرقَةَ وُسِّدَ الصَحراءَ
تَبلى وَلَم تُبقِ الرِماحُiدِماءَ


ثم يقول :

لَبّى قَضاءَ الأَرضِ أَمسِ iiبِمُهجَةٍ
وافاهُ مَرفوعَ الجَبينِ كَأَنَّهُ
شَيخٌ تَمالَكَ سِنَّهُ لَم iiيَنفَجِر
وَأَخو أُمورٍ عاشَ في سَرّائِها
الأُسدُ تَزأَرُ في الحَديدِ وَلَنiiتَرى
لَم تَخشَ إِلّا لِلسَماء iقَضاءَ
سُقراطُ جَرَّ إِلى القُضاةِiiرِداءَ
كَالطِفلِ مِن خَوفِ العِقابِ بُكاءَ
فَتَغَيَّرَت فَتَوَقَّعَ الضَرّاءَ
في السِجنِ ضِرغاماً بَكى اِستِخذاءَ

إلى أن يقول :

شَرَعَت حُقوقَ الناسِ في iأَوطانِهِم
يا أَيُّها الشَعبُ القَريبُ أَسامِعٌ
أَم أَلجَمَت فاكَ الخُطوبُ وَحَرَّمَت
ذَهَبَ الزَعيمُ وَأَنتَ باقٍ خالِدٌ
وَأَرِح شُيوخَكَ مِن تَكاليفِ الوَغى
إِلّا أُباةَ الضَيمِ وَالضُعَفاءَ
فَأَصوغُ في عُمَرَ الشَهيد iرِثاءَ
أُذنَيكَ حينَ تُخاطَب الإِصغاءَ
فَاِنقُد رِجالَكَ وَاِختَر الزُعَماءَ
وَاِحمِل عَلى فِتيانِكَ الأَعباءَ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.