خروفي العزيز ، هل تعلم أن بيننا روابط عتيقة تكاد ترتقي إلى مرتبة القرابة ؟ فتاريخ أمتي وثيق الصلة بتاريخ فصيلتك . إن جدّك الأعلى قد نزل من السماء فداء لأبينا إسماعيل الذي كان جدّنا الخليل يهم بذبحه خضوعا للمشيئة الربانية . أيها الخروف ، اعلم أن تاريخنا لم ينحرف عن هذا الحدث المؤسس لوعينا و مخيالنا الجمعي فقد ظل آباؤنا المتعاقبون يسوقوننا للذبح خضوعا لمشيئة ما و كنا ننساق طوعا أو كرها و ضمائرنا يتردد في جوانبها صدى طاعة إسماعيل "ستجدني إن شاء الله من الصابرين" و لكن إسماعيل أنقذه ربه من النّحر و افتداه بهدى عظيم فكتبت له النجاة و كان أساسا لأمة عريقة أما نحن أبناءه فلم يكن لنا حظّ أبينا و أصبح مصيرنا مأساة تتكرر على مرّ الحقب . فهذا أحد آبائنا يقودنا إلى المذبح من اجل المدينة الفاضلة فلا نحن نجونا من الذبح و لا المدينة الفاضلة رأت النور . و ذاك أب آخر يدفعنا إلى الانتحار لأننا الفرقة الناجية فما نجونا و ما تركنا النجاة للآخرين . أما في الماضي القريب فقد أقنعنا آباؤنا بأن نريق دماءنا استجابة لنداء الوطن وواجب التحرير فكنا من الطائعين الصابرين و انتظرنا الهدي وعدا بالأرض و الكرامة و الحرية فكانت الأرض و ثمارها لمن استمتعوا بمشاهدتنا و نحن نذبح بل حتى لمن سنّ السكين لذبحنا . أما الكرامة فلم تنضج بعد لتقبلها و طال انتظارها للنضج دهرا . و بعدها عاد آباؤنا لإقناعنا بأن نضع رقابنا على المذبح إرضاء لإرادة التنمية و التقدم و الرفاه فأسلمنا قيادنا لآبائنا طائعين عسانا ننال ما وعدونا به و لكن هيهات فالتنمية أورقت و أزهرت وقطفت ثمارها الرديئة القلة من المقربين وجهاتهم المصطفة على الساحل أما التقدم و الرفاه فقد شبعنا منهما و أتخمتنا بهما الدعاية الرسمية على صفحات جرائدها التي يقتل بها الموظفون فراغهم أثناء وقت العمل . و جاء آباؤنا المتأخرون ذات فجر فصاغوا الهدي الموعود نصا بليغا يبشر بالحكم الرشيد و الديموقراطية فسيقت الرقاب مرة أخرى إلى موضع النحر أملا في الخلاص و لكن سرعان ما تحول الحكم الرشيد إلى "حكم الرشيد" و أضحت الديموقراطية مغنما للقائمين عليها وفتات للمؤلفة قلوبهم و شماتة للذين لا يحنون الجباه . أما نص الوعد الذي صيغ ذات فجر فقد أمسى نسيا منسيا و أنكره من حبّره أول مرّة . أيها الخروف العزيز أرأيت كيف نساق إلى الذبح سوية ؟ أنت تذبح مرة و نحن ننحر في اليوم ألف مرة . أنت يذبحك الغريب عنك و نحن يسلخنا آباؤنا . أنت غير موعود بشيء و نحن تراق دماؤنا باسم الوعود الموؤدة . و لكن إذا كنت لا تملك لمصيرك المحتوم ردّا فأنا لا أنوي الخضوع لنصل المدية مهما تكن وعود الآباء و قد يفعل حدّ السكين في رقبتي فعله و يراق دمي غير أني سأصرخ لحظة انقطاع الوريد : " يا بني لا تفعل ما به يأمرك الآباء و لا تكونن من الخانعين إن الخنوع ساء سبيلا " . ------------------------------------------------------------------------ الوخز بالإبر عبد الجبار الرّقيقي إن المتأمّل الحصيف في مسلكيّة السّلطة في الأشهر الأخيرة في بلادنا سيجد أنّه من المنطقيّ و من غير المستبعد أو المستغرب أن تصدر مجموعة من القرارات تتناغم و اتجاه السّلطة العامّ. و من بين القرارات التي لن تثير استغرابا إن صدرت: 1 إغلاق معهد الصحافة و علوم الأخبار و استبداله بمعهدين. الأوّل لتكوين صحفيّين متخصصين في هتك الأعراض و شتم كلّ نفس مستقلّ أو معارض و الثّاني متخصص في البحث و التجريب في مجال المديح و تزيين القبح يكون مفتوحا للطلبة العرب و الأفارقة. 2 إصدار طلب عروض دوليّ لاستيراد جمعيّات و شخصيّات مناشدة مبايعة مهنّئة بعد النقص الفادح الذي أصاب المخزون الوطنيّ بسبب استهلاكه المفرط خلال الانتخابات المنقضية و بعدها. 3 منح التأشيرة لستّة آلاف جمعيّة جديدة و تسعة أحزاب مطابقة لكرّاس شروط الولاء مقابل الغذاء تحسّبا للاحتياجات المنتظرة نهاية الخماسيّة القادمة. 4 من أجل الضغط على النفقات العموميّة' إلغاء الانتخابات البلديّة القادمة و اعتماد النتائج التي أعلنتها وزارة الدّاخليّة في الانتخابات التشريعيّة 2009 و اعتماد نسبها في تنصيب المجالس البلديّة و ضبط تركيبتها. 5 منع الحزب الدّيمقراطي التّقدّمي و التكتّل الديمقراطي تبعا للقرار السّابق من المشاركة في الانتخابات البلديّة لعجزهما عن الفوز بمقعد في البرلمان كما تمنح حركة التجديد فرصة أخيرة لتثبت أهليّتها بالمشاركة في البرلمان و إلّا يُطبّقُ عليها ما طُبّق على الحزبين المذكورين آنفا. 6 ضبط خطّة مستقبليّة لترشيد الإنتاج الوطني " الفائض عن الحاجة " و الذي لا يجوز استهلاكه محلّيّا من المعارضين المشاكسين و القضاة المتمسّكين باستقلاليّتهم و الصّحفيّين الأحرار و غيرهم و ذلك بإحكام إجراءات التخزين ( السّجن ) و آليّات التصدير ( النّفي) و حماية السّوق المحلّيّة من المنتوج المماثل أو المشابه ( منع العودة للمغتربين) على أن تتولّى الدوائر المختصّة تنفيذ القرار كلّ دائرة اختصاصها. 7 إجراء إصلاحات ثوريّة عاجلة في النّظام التربوي للرفع من نجاعته و جدواه في خدمة المخططات المستقبليّة على أن يتمّ الإسراع باصلاحين عاجلين في انتظار بقيّة الإصلاحات : أوّلا في مجال الكفاية في الحساب و ذلك بتعديل البرامج من أجل تعويد النّاشئة على استيعاب النّسب التسعينيّة و تدريبهم على القبول بها و استخدامها في وضعيّات دالّة مثل نتائج الانتخابات. ثانيَا في مجال الإنتاج الكتابيّ و التواصل الشّفوي و ذلك بتعديل البرامج لإقدار النّاشئة على استخدام التراكيب و الأساليب المفيدة للطّاعة و الشّكر و الولاء و المديح و تعويد أقلامهم و ألسنتهم عليها حتّى تهيّئهم للحياة العامّة و تقوّي حظوظهم في سوق الشغل. و ختاما' نحذّر الجميع من الاستغراب من هذه القرارات. أوّلا لأنّها خاتمة منطقيّة لمسار مجنون و ثانيا لأنها من تصدر بعد فصبرا آل ياسر إنّ موعدكم سنة 2014.