فى الثورة على دولة بنى أمية، كان هناك تيار عروبى، يقوده أبو سلمة حفص بن سليمان – الهدانى ---( 133ه 750م).. ولقد رشح هذا التيار – إبان الثورة – محمد بن عبد الله بن الحسن – النفس الزكية – (93-145ه 713-762م) ليكون خلفية للدولة الجديدة.. وقدمه --- عمرو بن عبيد (80-144ه 699-761م) فقال: " أيها الناس، إننا قد نظرنا، فوجدنا رجلا له دين، وعقل، ومروءة، و----- للخلافة، فأردنا أن نجتمع معه فنبايعه، ثم نظهر أمرنا معه، وندعو الناس إليه، فمن بايعه كنا معه، من اعتزلنا كففنا عنه، ومن نصب لنا جاهدناه ونصبنا له على بغيه، ونرده إلى الحق وأهله".. وكان أبو جعفر المنصور (95-158ه 714-775م) تلميذًا لعمرو بن عبيد.. فبايع مع ---- للنفس الزكية.. وكان فى الثورة مع بنى أمية تيار آخر شعوبى، يقوده أبو مسلم الخراسانى (137ه 754م) عارض التيار العروبى والنفس الزكية، واغتال ---- وانحرف بالخلافة الجديدة عن التيار العروبى العلوى إلى التيار العباسى، وبايع لأبى العباس السفاح(104-136ه 722-754م).. ولقد نقض أبو جعفر المنصور بيعته للنفس الزكية، وتولى الخلافة العباسية بعد أخيه السفاح!.. ومن هنا جاءت الجفوة بين عمرو بن عبيد – ومعه التيار العلوى العروبى – وبين تلميذه أبو جعفر المنصور، والخلافة العباسية، التى سيطر عليها الشعوبيون، واستمرت سيطرتهم عليها حتى نكبة البرامكة التى حررها هارون الرشيد (149-193ه 766-809م) الخلافة العباسية من سيطرة الشعوبيين!.. ولقد حاول أبو جعفر المنصور – وهو المؤسس الحقيقى للدولة العباسية – أن يصالح أستاذه عمرو بن عبيد، وأن يدعوه – هو وأصحابه – للاشتراك فى جهاز الدولة – القضاء والولايات – ولكن الثائر الزاهد الفيلسوف عمرو بن عبيد، رفض دعوة المنصور، مشترطًا لتلبيتها تحرير الدولة من الشعوبيين – الذين كان يسميهم "الشياطين"!.. وفى نهاية اللقاء الوحيد الذى تم بين المنصور وبين أستاذه عمرو بن عبيد.. وبعد حوار طويل، رفض فيه عمرو بن عبيد الاستجابة لطلب الخلفية.. أمر المنصور لأستاذه بعشرة آلاف دينار فقال عمرو بن عبيد: لا حاجة لى فيها. فأقسم الخليفة: والله لتأخذنها. فقال عمرو: لا، والله لا آخذها، فقال أحد الحضور لعمرو بن عبيد – مستنكرًا: يحلف أمير المؤمنين، وتحلف أنت؟!.. فتساءل عمرو بن عبيد عن هذا المتكلم.. فقال ألبسته لباسًا ما هو من لباس الأبرار، ولقد سميته باسم ما استحقه عملا، ولقد مهدت له أمرا أمتع ما يكون به، وأشغل ما يكون عنه!. ثم ألتفت عمرو بن عبيد إلى ولى العهد وقال له: نعم، يا ابن أخى، إذا حلف أبوك ---- عمك، لأن أباك أقوى على كفارات اليمين من عمك!. وعندما هم عمرو بن عبيد بالانصراف، سأله الخليفة: هل لك حاجة؟ فقال له نعم، لا تبعث إلى حتى ----!. فقال له المنصور: إذن لا تلقنى أبدًا:. فقال له عمرو: هذه هى حاجتى!. فرد عمه المنصور – وهو ينظر إلى حاشيته – وينشد: كلكم يمشى رويد.. كلكم يطلب صيد غير عمرو بن عبيد!- فكانت شهادة السلطان عن جعل سلطنة العلم فوق السلطان!؟