اعلن علي العريض القيادي في حركة النهضة الاسلامية الحاكمة في تونس والمكلف تشكيل حكومة جديدة مساء الخميس، التوصل إلى اتفاق حول تشكيلة هذه الحكومة التي ستخلف حكومة حمادي الجبالي الامين العام للنهضة. واستقال الجبالي من رئاسة الحكومة في 19 شباط/ فبراير الماضي احتجاجا على رفض حركة النهضة مقترحه تشكيل حكومة تكنوقراط غير حزبية لانقاذ البلاد من ازمة سياسية اججها اغتيال المعارض اليساري البارز شكري بلعيد في السادس من الشهر نفسه. وقال علي العريض في مؤتمر صحافي عقده بعد لقائه الرئيس منصف المرزوقي "خلصنا بعد مفاوضات ماراتونية طويلة (...) الى الاتفاق على حكومة وعلى معالم برنامج يحدد مبادىء واولويات وسياسات والتزامات هذه الحكومة". واضاف ""سنكمل اللمسات الاخيرة لهذه الورقة (تشكيلة الحكومة وبرنامج عملها) غدا صباحا (...) وقد اعلمت الرئيس انني ساقدم له غدا صباحا ملفا مكتملا يشتمل على تركيبة الحكومة والخطوط العامة لبرنامجها وهذا طبقا للقوانين الجاري بها العمل لتاخذ الامور طريقها بعد ذلك الى بقية المؤسسات الدستورية". وتابع العريض "ان شاء الله تكون الحكومة المقبلة حكومة كل التونسيين، وان شاء الله يكون التونسيون والتونسيات كما كانوا دائما موحدين حول اهداف الثورة وحول مؤسسات الدولة". وبعد استقالة الجبالي، رشحت حركة النهضة باعتبارها الحزب الاكثر تمثيلا في المجلس التاسيسي (89 مقعدا من اجمالي 217) العريض وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة، لخلافته. وفي 22 شباط/ فبراير الماضي كلف الرئيس التونسي رسميا العريض تشكيل حكومة جديدة. وبحسب "التنظيم (القانون) المؤقت للسلط العمومية" الصادر في 16 كانون الاول/ ديسمبر 2011، يتعين على العريض تقديم تشكيلة حكومته وبرنامج عملها الى رئيس الجمهورية في مهلة لا تتعدى 15 يوما من تاريخ تكليفه تشكيلها اي غدا الجمعة الموافق في الثامن من آذار/ مارس. وبحسب الفصل 15 من هذا القانون "يتولى رئيس المجلس الوطني التاسيسي (البرلمان) الدعوة الى جلسة عامة في اجل اقصاه ثلاثة ايام من تاريخ توصله بملف تشكيل الحكومة (من رئيس الجمهورية) لمنحها الثقة بالاغلبية المطلقة من الاعضاء" في المجلس (109 نواب من اجمالي 217). "وعند تجاوز اجل خمسة عشر يوما دون تشكيل الحكومة او في حالة عدم الحصول على ثقة المجلس التاسيسي، يقوم رئيس الجمهورية باجراء مشاورات مع الاحزاب والائتلافات والكتل النيابية (في البرلمان) لتكليف الشخصية الاقدر على تكليف حكومة بنفس الاجراءات وفي نفس الاجال السابقة". والخميس، اجرت احزاب الائتلاف الحكومي الثلاثي (الترويكا) بمفردها الجولة الأخيرة من مفاوضات تشكيل الحكومة وذلك بعد انسحاب بقية القوى السياسية من هذه المفاوضات. وتشكلت الترويكا بعد انتخابات 23 تشرين الاول/ اكتوبر 2011 وتضم احزاب النهضة، و"المؤتمر" و"التكتل" شريكيها العلمانيين في الحكومة. وكانت مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة بدأت الشهر الماضي بمشاركة احزاب الترويكا وثلاثة اطراف أخرى ممثلة في البرلمان هي حزبا "حركة وفاء" (يضم منشقين عن حزب المؤتمر) و"التحالف الديموقراطي" (اجتماعي وسطي) اضافة إلى كتلة (مجموعة) "الحرية والكرامة". وانسحب حزبا (حركة وفاء) و(التحالف الديموقراطي) وكتلة (الحرية والكرامة) من المفاوضات الاربعاء. وبرر حزب (حركة وفاء) في بيان الاربعاء انسحابه من المفاوضات بإصرار احزاب الترويكا وكتلة الحرية والكرامة على "رفض مناقشة خيار تحييد وزارات السيادة" (الدفاع والداخلية والعدل والخارجية). وقال محمود البارودي القيادي في حزب (التحالف الديموقراطي) الخميس لوكالة الانباء الرسمية ان حزبه قرر عدم المشاركة في الحكومة المقبلة بسبب ترشيح شخصيتين "قريبتين من حركة النهضة" لتولي وزارتي العدل والداخلية، ورفض مقترح الحزب تحييد وزارة الشؤون الدينية وحل "الرابطة الوطنية لحماية الثورة". و"الرابطة" منظمة غير حكومية تعتبرها المعارضة "ميليشيات اجرامية" وتتهم حركة النهضة باستعمالها ل"ضرب خصومها السياسيين" في حين تنفي النهضة هذه الاتهامات باستمرار. واضاف البارودي ان الرابطة اتي تورطت في قتل معارض علماني في 2012 "تعمل لخدمة اجندة سياسية لكل من حركة النهضة وحزب المؤتمر". ودعا البارودي رئيس الجمهورية الى تكليف شخصية مستقلة بدلا عن العريض تشكيل الحكومة المقبلة. وقال رئيس كتلة (الحرية والكرامة) محمد الطاهر الايلاهي الخميس لوكالة الانباء التونسية ان كتلته لن تشارك في الحكومة المقبلة بسبب تمسك احزاب الائتلاف الحاكم بحقائب وزارية لكنه لم يستبعد مشاركة أعضاء من الكتلة في الحكومة "اذا تمت دعوتهم بصفة شخصية".