فتح الاستفتاء بشأن منع تشييد المآذن الذي نجح حزب الشعب السويسري مؤخرا في تمريره شهية المتطرفين ودعاة صراع الأديان في أوروبا لاكتساح مجال المعتدلين، منذرا بتحول فيروس "الإسلاموفوبيا" إلى وباء أوروبي بامتياز يتجسد في الدعوة إلى اسفتاءات مماثلة في كل أنحاء أوروبا. وأفاد استطلاع للرأي نشرت نتائجه الخميس صحيفة لوفيغارو الفرنسية، أن أكثرية نسبية من الفرنسيين تبلغ واحدا وأربعين بالمئة تعارض بناء مساجد في فرنسا، فيما تؤيد نسبة ستة وأربعين بالمئة منع بناء المآذن. وردا على سؤال "هل تؤيد أو تعارض أو أنت لا مبال حيال بناء مساجد عندما يطلب المسلمون ذلك؟"، أجاب 19 بالمئة من الذين شملهم الاستطلاع، أنّهم "موافقون"، و41 بالمئة انهم "معارضون"، فيما قال 36 بالمئة انهم "لا مبالون" وامتنع 4 بالمئة عن الادلاء بأي رأي. وردا على سؤال "هل تؤيد منع المآذن؟" أجابت أكثرية بلغت 46 بالمئة "نعم"، في مقابل 40 بالمئة قالوا "لا"، فيما لم يدل 14 بالمئة بآرائهم. وقد شمل الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة إيفوب لاستطلاع الرأي عينة من 983 شخصا يمثلون مختلف شرائح الشعب الفرنسي، وتفوق أعمارهم 18 عاما. وقد أجري الاستطلاع من الأول إلى الثاني من كانون الاول/ ديسمبر، أي بعد الاستفتاء في سويسرا الذي قال 5ر57 بالمئة من الذين شاركوا فيه أنهم يؤيدون منع بناء مآذن جديدة في سويسرا. ومما ينذر بسرعة انتشار "عدوى" الاستفتاء السويسري عبر أوروبا وتلبّسها بدعوات التضييق على المهاجرين وخصوصا من البلدان الإسلامية، أنّ أحزابا يمينية رحبت بنتائجه ودعت إلى النسج على منواله. وطالبت تلك الأحزاب في بلجيكا وهولندا حكومات بلدها باتخاذ قرار مماثل. وفي فرنسا، كانت مارين لوبين نائبة زعيم الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة والمعروفة بعدائها للمهاجرين، قد أشادت بالناخبين السويسريين لرفضهم ما قالت إنه ضغوط نخبة من التيار السياسي الرئيسي لمعارضة قرار الحظر. وأضافت أنه يتعين على تلك النخبة أن تكف عن تجاهل آمال الأوروبيين ممن يرفضون الرموز التي تفرضها عليهم الجماعات السياسية الدينية الإسلامية والتي تقارب الاستفزاز في رأيها. ومن جانبه دخل حاخام فرنسا جيل برنهايم على خط "أزمة الاستفتاء" وصاغ في مقال في صحيفة لوفيغارو موقفا حاول مسك العصا من وسطها قائلا إنه لا بد من "التحرك كي يغير الأوروبيون نظرتهم للاسلام" بعد الاستفتاء السويسري "الظالم" الذي منع بناء المآذن. وفي ذات الوقت قال برنهايم "أعتقد أنّ رأي السويسريين يجب أن يسمع" رغم "معارضتي له". وأضاف "علينا أن نعمل اليوم من أجل تغيير النظرة للإسلام، ليس فقط لدى السويسريين وإنّما لدى كل الأوروبيين"، مؤكدا "إنّها مسؤولية كل القادة الدينيين" مشددا على ضرورة "الحوار والانفتاح". واعتبر الحاخام الفرنسي أنّ "جزءا من التحرك يجب أن يجري هنا في أوروبا، والجزء الآخر في البلدان الإسلامية.. لأنه من الوهم انتظار نتائج مهمة هنا من دون إجراء تغيير واضح هناك". وقال: "إنّ كل قرار يؤدي إلى عدم المساواة في الحقوق بين الجماعات الدينية هو قرار ظالم".