ابتلي الشعب التونسي بنخبة من الساسة و الاعلاميون و المحللون اعتقدوا منذ الثورة أنهم أفهم من الشعب وأنهم يتحملوا مسئولية توجيهه و تبصيره بكل شيئ و ليس أدل من ذلك أنه بمجرد انتهاء اللقاء الاعلامي للفريق أول رشيد عمار حتى هب هؤلاء متطوعين لتفسير ما وراء الكلمات و حل شفرات الرسائل التي أطلقها فيحين أنه صرح أكثر من مرة أنه يستعمل كلمات شعبية حتى يفهمها عامة الشعب. و ان أغرب ما سمعنا في هؤلاء المتنطعون أن دوافع استقالة الفريق أول هو قانون تحصين الثورة (كما صرح به الخبير علال العلاني لقناة 24) أو اختلافه مع الشيخ راشد الغنوشي (كما صرح به الفيلسوف المازني سفير بن علي في اليونسكو لنفس القناة) و ربما تبوح لنا الأيام المقبلة بقراءات لم تخطر على بال حتى الشيطان. ان الرجل قال بأنه لم يظغط عليه أحد بل اعترف بأن الحزب الحاكم لم يتدخل في المؤسسة العسكرية لا من قريب و لا من بعيد و قد ترجاه بعض المسئولين في الحكم العدول عن هذا القرار الا أنه أبدى عزمه و اصراره عن نفاذ قراره. و لا يسعنا هنا الا ان نقول بأن الفريق أول كان واضحا و بسيطا في قراره بقوله أنه يريد الركون الى أهله الذين غاب عنهم بسبب مهامه على رأس الجيش الوطني فلماذا التكلف من لدن الذين كان أولى بهم التسير على المواطن البسيط لا التعسير و التعقيد. و لسائل أن يسأل لماذا تركوا ثغرات الحوار و ذهبوا الى المسائل التي بدى فيها الفريق أول واضحا؟ لماذا لم ينتقد أحد منهم اختياره لقناة خاصة عليها أكثر من شبهة دون غيرها؟ لماذا اختار صحفي بعينه واصفا اياه بالحريص عن المؤسسة العسكرية بعد تورطه في بث شريط مفبرك عن التهريب و هو محل مسائلة؟ لماذا لم يسأل عن سقوط المروحية بمجاز الباب سنة 2002 و الفريق أول كان على راس المؤسسة العسكرية؟ لماذا سمح الفريق أول لوزارة الداخلية أن تعذب و تستنطق كوادر عسكرية تحت امرته فيما يعرف ببراكة الساحل؟ و هل يقبل عذر أن هؤلاء لا يمكن ادماجهم في المؤسسة العسكرية بسبب أنهم تجاوزوا سن الأربعين؟ انه عذر أقبح من ذنب لان المحاور تجاوز الستون عاما و مازال يعمل بالمؤسسة العسكرية. لماذا لم يجتهد هؤلاء و غيرهم في الخوف من الدعوة الى عودة العمد الى الوشاية و هي لعمري دعوة أخطر على الثورة من بعث الروح في التجمع فالاستخبارات و الاستعلامات علم قائم الذات و الفريق يريد أن يجعله عند العمد و ربما عند الشعب الحزبية من جديد. كان أولى بهم أن يسئلوه هل يعقل أن يتم كشف هاته الخلية بجبل الشعانبي صدفة و من يتحمل المسئولية اذن؟ هل يعقل أن الرجل الأول في الجيش الوطني لا يعرف كم تعداد المتحصنين بجبل الشعانبي فيجيب بأن من ورائهم هم من يعرفوا عددهم؟ هل يعقل أن يتم قتل الوكيل أول و المكلف بالعملية بتعلة أنه نسي كلمة المرور؟ كان في الحوار كثيرا من الثغرات التي جعلت المواطن يبحث عن أجوبة لها غير أن جهابذة المحلّلين رموا بذلك عرض الحائط و طفقوا يبحثوا لنا عن اسباب الاستقالة و كأن تونس عجزت و ستعجز على أن تلد مثل الفريق أول رشيد عمار على قيمته الوطنية !!! اذا كانت تونس محمية بقبور أولياءها فلاخوف عليها بعد غياب أي انسان و ان كان قائد الجيوش الثلاثة بلحمه و شحمه !!! ان الحوار ترك لنا أكثر من سؤال و لم يترك لنا جواب عن مغزى هذا الظهور في هذه المرحلة بالذات و البلاد مقدمة على استحقاقات ثورية و انتخابة هامة و لكن نقول لتونس الله خير حافظ و هو أرحم الراحمين.... . رضا المشرقي / ايطاليا