بحثتُ في أعمدة الصحف "الأعرابية" وفي افتتاحياتها لعلي أجد إشادة أو تثمينا للخطوة الغير مسبوقة التي أقدم عليها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل الثاني بعد إعلانه تسليم مقاليد الحكم لولي العهد الشيخ تميم بن حمد آل الثاني ،لكني عبثا حاولت، حيث لم تبؤ كل محاولاتي بالفشل وحسب بل قرأت العجب العجاب. فبعض الكتاب اعتبر الخطوة مجرد تخريجة من تخريجات الشيخة موزة صاحبة النفوذ الحقيقي في قطر وعلى "طريقة الدسائس و المؤمرات" تمت عملية التوريث لسلطة يتصارع عليها أولاد عائلة آل الثاني الأربعة والمنحدرين من زوجتين للأمير المستقيل. والبعض الآخر ذهب إلى وصف الاستقالة بخلع امريكي لبيدق انتهت صلاحيته وبسبب تمويله لجبهة النصرة بالمال والسلاح! لماذا كل هذا الإسراف و الغلو في التفسير التآمري للأحداث في دولة صغيرة لا يتجاوز تعداد مواطينها 200 ألف إلى جانب مليون و نصف مليون من العمالة الوافدة. ثم لماذا التستر وراء الأقنعة وكيل التهم التي لا تستند لأي دليل لمسيرة -لم تتجاوز العقدين- قائد عربي أخرج بلده من عزلته الجغرافية والسياسية بعد تحقيق نسبة نمو بلغت %5 للسنة الجارية، لينذر بعد ذلك حياته ويسخر موارد دولته خدمة لشعوب المنطقة قبل وبعد ثوراتها، يوم انحاز أقرانه من الحكام إلى صف الجلادين لما كانوا على رأس السلطة وأصبحوا مساندين لهم في ثوراتهم المضادة بعدما كنستهم الجماهير من حياتهم السياسية. ألم يقف أمير قطرإلى جانب الشعب اللبناني و الفلسطيني في محنتهما جراء الإعتداءات الصهيونية المتكررة، ثم ألم تلعب قطربقيادة حمد آل الثاني دورها في التقريب بين الفصائل الفلسطينية والمجموعات السودانية. و بعد هذا وذاك، ألم تسارع قطر بزعامة أميرها المستقيل إلى رفع الحصار المالي والخنق الاقتصادي الذي مُورس و يُمَارس على الحكومات التي أفرزتها ثورات الربيع العربي؟ هذا غيض من فيض مما يجب أن يقال في حق قائد عربي أراد أن تكون خاتمة حياته السياسية درسا بليغا في فن التدوال السلمي على السلطة و التواصل الطبيعي بين أجيال الأمة في بناء الأوطان والدول، جمهوريات كانت أم مملكات. نقول للأمير المغادر أحسنت و جوزيت خيرا، و نقول للأمير الشاب صاحب 33 ربيعا أن أباك قد جعل من قطر دولة محورية و قبلة لأحرار العالم، و لهذا فتحديات الحاضر والمستقبل ستتطلب مجهودات أكبر. ثم هل تفي بتعهد والدك بإجراء انتخاب أعضاء مجلس الشورى خلال هذه السنة. و أخيرا و ليس آخرا، هل تُمكنك معرفتك بثقافة شكسبير الأنجلوسكسونية وثقافة موليار الفرنسية من حسن التفاوض مع الأمركيين حول مستقبل قاعدة "العديد" الجوية من أجل السلم و الاستقرار في المنطقة و العالم.