تثير الاحداث الدامية التي تعرفها ليبيا،والدولة بشكلها الرسمي ليس طرفا فيها ، مهما كانت درجة ضعف بنيتها العسكرية و الامنية، عديد التساؤلات، عن خلفيتها ، و الاطراف التي تغذيها وتسكب الزيت على النار ، لاتساع رقعة الحريق ّ الذي ياتي عن الاخضر واليابس، في هذا القطر العربي المنهك على مرّ العقود، سواء بالاحتلال الايطالي ، او بحكم الديكاتوتورية، والتجارب الفاشلة لحكومات ما بعد الثورة التي اطاحت بالعقيد معمر القذافي. و لا يختلف اثنان ، في ان ليبيا بعد القذافي ، اضحت مصدر خطر يتربص بدول الجوار ، وبالمنطقة العربية عموما ، بعد ان تحولت لملجا للتنظيمات الارهابية والتكفيريين، ومنطلقا لعملياتهم الاجرامية التي تستهدف ضرب استقرار المنطقة، بفعل عجز القائمين عن الحكم على بناء جيش قوي ، وشرطة قادرة على بسط سيطرتها بالمدن، لان ثورة فبراير لم تطح براس النظام فحسب، بل اقصت كافة القوات الامنية والجيش، والحاق وصف كتائب القذافي بها للانتقام ، او لحاجة في نفس من دعم الثورة، لتعم الفوضى ليبيا وهي الدولة الغنية بمقوماتها النفطية. فالحرب الذي يخوضها اللواء المنشق ، خليفة حفتر ضد ما يسميه الارهاب، والعناصر التكفيرية، تطرح ايضا علامات استفهام ، كون الرجل من مدعمي الثورة، وكان يقف وراء تدريب هذه المليشيات المسلحة التي يحاربها الان، كما انه محسوب عن الادارة الامريكية التي وفرت له اللجوء على مدار 20سنة، بعد ان اطاح به القذافي ليعود الى ليبيا ويلتحق بثورة فبراير. ويجمع الخبراء العارفون بطبيعة المجتمع الليبي ، ان البلاد مقبلة على فوضى عارمة وحرب اهلية حقيقية، وافغنة جديدة في قلب العالم العربي،باللتاكيد لن يقتصر تاثيرها على الحدود الجغرافية لليبيا ،بل تمتمد عدواها لدول الجوار بالدرجة الاولى خاصة تونسالجزائر ومصر، فالمجتمع الليبي قبلي ، ويعتمد الثار في تصفية الحسابات ،وتغيب عنه ثقافة الديمقراطية ، بعد ان عاش 40سنة تحت سلطة حكم رجل واحد، كان يمنع حتى المعلقين الرياضيين ذكر اسماء اللاعبين في المباريات لكي لا يشتهر اسم لاعب ويعلو على اسم القذافي. ومن شأن هذه الفوضى أن تنجم عنها ، مزيدا من الجماعات التكفيرية المسلحة، التي تنتعش في الفوضى ، وتنمو كالطفيليات في البرك القذرة، في ظل صمت رهيب يخيم عن العالم تجاه ما يحدث في هذا البلد، ولم نسمع أصواتا كالتي كانت تنادي اثناء الثورة بحماية المدنيين. ويقول الخبراء إن، داحس والغبراء جديدة في ليبيا حاليا في معركة الرابح فيها خاسر،و لاتحقق الا نتائج وخيمة ستعصف بليبيا الدولة ويلحق صداها للجوار ، خاصة ان كل انواع الاسلحة متوفرة في هذه الارض ، و لااحد يمكنه الحسم عسكريا، سواء حفتر وما تقوله ترسانتها الاعلامية المدعومة من السعودية ومصر، او الحكومة وما تدعيه ابواقها المدعومة ايضا من معسكر قطر ،وبينهما يبقى الغموض يكتنف مصير أكثر من 8 ملايين ليبي يعيشون على أرض عمر المختار.. فوزي حوامدي /إعلامي جزائري