بالفيديو: سعيّد: هذا تقصير وسيحاسب الجميع حتى المسؤولين الجهويين    زيت الزيتون ''الشملالي'' يفوز بميدالية ذهبية في المسابقة الاوروبية الدولية بجنيف..    لأول مرة/ الاتحاد البنكي للتجارة والصناعة يشارك في دعم النسخة 18 من دورة "كيا" تونس المفتوحة للتنس..(فيديو)    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    بايدن يخطئ مجددا و"يعين" كيم جونغ رئيساً لكوريا الجنوبية    عاجل/ بعد حادثة ملعب رادس: وزارة الشباب والرياضة تتخذ هذه الاجراءات..    النادي الإفريقي.. القلصي مدربا جديدا للفريق خلفا للكبير    إقالة مدير عام وكالة مكافحة المنشطات وإعفاء مندوب الرياضة ببن عروس    المنستير : يوم إعلامي جهوي حول الشركات الأهلية    بنزرت...بتهمة التدليس ومسك واستعمال مدلّس... الاحتفاظ ب 3 أشخاص وإحالة طفلين بحالة تقديم    فعاليات موكب إسناد الجائزة الوطنيّة "زبيدة بشير" لسنة 2023    الصوناد: نظام التقسيط مكّن من اقتصاد 7 % من الاستهلاك    مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص أضحية العيد    عاجل: قيس سعيد: من قام بتغطية العلم التونسي بخرقة من القماش ارتكب جريمة نكراء    حالتهما حرجة/ هذا ما قرره القضاء في حق الام التي عنفت طفليها..#خبر_عاجل    عاجل/ ديلو: قوات الأمن تحاصر عمادة المحامين للقبض على سنية الدهماني..    عاجل/ هذا ما تقرر في قضية سعدية مصباح العضو بجمعية "منامتي"..    الرابطة الثانية.. نتائج الدفعة الأولى من مواجهات الجولة 22    ترغم التحسّن الملحوظ : تعادل لا يرضي احبّاء النادي الصفاقسي    عاجل/ الهجرة غير النظامية الوافدة على تونس: محور جلسة عمل وزارية    قليبية : الكشف عن مقترفي سلسلة سرقات دراجات نارية    طقس الليلة    عاجل/ يستهدفان النساء: القبض على نفرين يستغلان سيارة تاكسي للقيام بعمليات 'براكاج'    تصويت بغالبية كبرى في الجمعية العامة تأييدا لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة    عاجل/ فتح تحقيق في واقعة حجب العلم بمسبح رادس    بالصور/بمشاركة "Kia"و"ubci": تفاصيل النسخة الثامنة عشر لدورة تونس المفتوحة للتنس..    عاجل/ القسّام تفجّر نفقا بقوة تابعة للاحتلال في رفح.. والأخير يعلن عن قتلاه    قريبا ..مياه صفاقس المحلاة ستصل الساحل والوطن القبلي وتونس الكبرى    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    تونس ضيف شرف مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بمصر    البنك المركزي التركي يتوقع بلوغ التضخم نسبة %76    عاجل/ إندلاع حريقين متزامنين في جندوبة    الكاف: عروض مسرحية متنوعة وقرابة 600 مشاركا في الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    القطاع الغابي في تونس: القيمة الاقتصادية وبيانات الحرائق    رادس: إيقاف شخصين يروجان المخدرات بالوسط المدرسي    اليوم: فتح باب التسجيل عن بعد بالسنة الأولى من التعليم الأساسي    بلطة بوعوان: العثور على طفل ال 17 سنة مشنوقا    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    بطولة روما للتنس: أنس جابر تستهل اليوم المشوار بمواجهة المصنفة 58 عالميا    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    دائرة الاتهام ترفض الإفراج عن محمد بوغلاب    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    بسبب خلاف مع زوجته.. فرنسي يصيب شرطيين بجروح خطيرة    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    المغرب: رجل يستيقظ ويخرج من التابوت قبل دفنه    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    نبات الخزامى فوائده وأضراره    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور: الصادق شورو رهينة لدى دولة العنف في تونس وحريته أمانة في أعناق الأحرار جميعا
نشر في الحوار نت يوم 11 - 12 - 2009


بسم الله قاهر الظلمة و الطغاة أجمعين
بسم الله ولي الأحرار و الشرفاء.
بقلم: رافع القارصي / حقوقي

الدكتور : الصادق شورو رهينة لدى دولة العنف في تونس و حريته أمانة في أعناق الأحرار جميعا
تمر هذه الأيام سنةكاملة على إعادة الرمز الوطني و الإسلامي الدكتور الصادق شورو إلى السجن بعد أن قضى بين قضبانه ثمانية عشرة سنة جلها في زنزانة إنفرادية تحت ظروف بالغة القسوة والشدة والوحشية تتعارض مع المعايير الدولية ذات الصلة بتنظيم إقامة نزلاء السجون وتعكس إرادة السلطة التنفيذية في التشفي و التنكيل بفصيل سياسي وتيار شعبي هزمها إنتخابيا في 2 أفريل 89 وكذا التنفيس عن أحقاد تاريخية يختلط فيها الإيديولوجي بالسياسي تجاه تعبيرة ثقافية و مرجعية فكرية يمثلها و يدافع عنها بإمتياز أسير الحرية الرهينة الد .الصادق شورو .
عقدين تقريبا من التعذيب و الهرسلة الممنهجة و العزلة و المعاناة و الآلام و الأسقام و الأمراض المختلفة إستهدفت أسيرنا و إخوانه طيلة فترة الإعتقال و لم تشفي غليل السلطة و لم تطفئ نار الحقد المتأججة في بنية العقل الأمني الموجه و المهيمن على سلوك الدولة السياسي في تونس .
عقدين تقريبا بأيامها و لياليها الثقيلة بأعيادها و مناسباتها قضاها سجين الرأي الد . الصادق شورو بعيدا عن دفء العائلة و عطف الأبناء و بعيدا عن مراكز البحث العلمي و مخابر كلية الطب التى عرفته باحثا و مؤطرا لطلبة العلم من أبناء شعبه .
عقدين تقريبا قضاها بطلنا بين مخالب وحوش آدمية تشكلت شخصيتهم المريضة في مصانع التعذيب النوفمبرية حيث لاصوت يعلو فوق صوت العنف و حيث لا حرمة لا لجسد و لا لقيم الأرض و لا لقيم السماء و حيث لا سيادة إلا لثقافة غريزية بهيمية نهل أصحابها من معين الإنتقام و السادية حتى الثمالة.
عقدين تقريبا من العزلة و التضييق أرادت من خلالها دولة الأجهزة السرية الحاكمة في تونس وأد أشواق الحرية عند شعبنا وقتل الحلم في العيش بكرامة فوق أرض الوطن وتحت شمسه و تكسير إرادة أسرى الشعب و في طليعتهم الد. الصادق شورو .
عقدين تقريبا من حرب إستئصالية قذرة خرجت منها دولة الحذاء العسكري منهزمة في معركة الهوية و منهزمة في معركة شطب اللاعب الإسلامي من المعادلة السياسية في البلاد و منهزمة في معركة إختراق إرادات الأحرار الذين إختطفتهم و إحتفظت بهم في زنزانات الموت البطئ.
و قصد الهروب من هزائمها و أزماتها البنيوية المستفحلة كان لزاما علي مملكة الفساد والتعذيب و الإقصاء في تونس التخلص من عبء الإعتقال السياسي و التخفف من جريمة التسعينات هذه الحقبة المظلمة و الدموية من تاريخ تونس المعاصر والتى مثلت "فيتو" رفع في جه السلطة محليا وإقليميا و دوليا أعاق خطابها عن الحداثة و التنمية و حقوق الإنسان من التداول و التسويق في "المعارض" والمحافل الدولية ذات الصلة بعالم السياسة و الحكم الرشيد فكان قرار الإفراج عن آخر دفعة من مساجين حركة النهضة في نوفمبر 2008 و في مقدمتهم عميد سجناء الفكرة و الرأي الدكتور الصادق شورو محاولة من السلطة في الإلتفاف على المطالب الجذرية في الإصلاح السياسي الشامل و ذلك عبر سحب ورقة المساجين السياسين من طاولة المعارضة الوطنية قصد إرباك أجندتها المطلبية في تحديث الدولة و مأسستها .
و بعد قرار الإفراج عن رهائن التسعينات صدرت العديد من المواقف السياسية مباركة هذه الخطوة و مأملة في أن تكون السلطة جادة في إغلاق ملف الإعتقال السياسي و بداية مسار الإصلاح الديمقراطي و التنمية السياسية الشاملة عبر الحوار مع كل العائلات السياسية و الفكرية المتواجدة في البلاد بعيدا عن الأحقاد و نزعات الثأر ولكن مرة أخرى أفصحت دولة البداوة والأمية السياسية في تونس عن مخزون من الحقد فاق كل التوقعات و عن قدرة تدميرية عالية لمنظومة القيم و تمثلاتها في العفو و التجاوزإلى جانب جاهزية كبيرة في تحطيم و إغتيال أحلام الحرية لدى النخبة والشعب بما يؤكد طبيعتها العدوانية و غربتها عن شعبها و عن ثقافة العصر حيث أقدمت على التراجع عن إجراء العفو الذى تمتع به الصادق شورو و الزج به ثانية في غياهب السجون في أجواء ترقب عيد الإضحى بعد أن أمضى فيها ما يقارب العقدين من حياته .
إنه و بالعودة إلى جريمة إعادة رمز المقاومة المدنية الد. شورو إلى السجن نتجه إلى الوقوف عند دلالات هذا الحدث في أبعاده القانونية و السياسية و الأخلاقية من خلال المباحث التالية :
1 الإخلالات القانونية التى رافقت تحريك الدعوى و تجرد الملف.
2 رسائل السلطة من وراء جريمة إعادة الإعتقال .
3 الإفلاس الأخلاقي والقيمي للنظام من خلال التراجع عن العفو.
4 دروس و عبر من وحي جريمة إعادة الإعتقال .

المبحث الأول :
الإخلالات القانونية التى رافقت تحريك الدعوى و تجرد الملف :
1 وقائع القضية :
بعد أن أمضى في سجون النظام ما يقارب العقدين على إثر محاكمة سياسية إنعقدت في تسعينات القرن الماضي أجمعت كل المنظمات الحقوقية في داخل البلاد وخارجها على صوريتها و على كيديتها إضطرت السلطة إلى تمتيع الد. الصادق شورو بالسراح الشرطي تم بمقتضاه إطلاق سراحه وإيقاف تنفيذ العقوبة البدنية الصادرة في حقه .
و نظرا لما يتمتع به فضيلة الشيخ الد . الصادق شورو من رمزية
نضالية و من ثبات و صمود إستثنائي طيلة فترة الإعتقال ومن شخصية إعتبارية ومكانة أكاديمية داخل تونس وخارجها ونظرا كذلك لما تحمله من صنوف التعذيب أثناء فترة التحقيق عند الباحث الإبتدائي و لهول ما قاساه أثناء فترة تمضية العقوبة حيث إمتد سجنه في زنزانة إنفرادية لمدة تجاوزت الأربعة عشرة سنة و نظرا لكل ما تقدم ذكره من إعتبارات سعت العديد من وسائل الإعلام إلى الإتصال به و أخذ بعض التصريحات و الإستجوابات ذات العلاقة بتجربته في السجن و إنطباعاته بعد قرار السلطة إطلاق سراحه وهو ما قام به مع بعض مواقع النت و بعض الفضائيات مثل قناة الحوار اللندنية حيث إستعرض مع الصحافة ظروف إعتقاله اللإنسانية و ما شابهها من تعذيب و معاملة قاسية منذ لحظة الإيقاف مرورا بسنوات الجمر التى قضاها في سجون السلطة و لم يخفي الدكتور رغم مرارة ما تجرعه من ظلم و تنكيل إرادته في التجاوز و طي صفحة الماضي و الحوار مع كل مكونات الفضاء السياسي التونسي بدون إستثناء مستغلا كل حواراته في إرسال رسائل للسلطة يحثها على فسح المجال للجميع في المشاركة في الشأن العام حيث أن تونس لامستقبل لها إلا في إشاعة مناخات الثقة والحوار بين كل أبنائها في الحكم أو في المعارضة بدون النبش في الماضي و بدون حقد أو نزوع للثأر من أحد .
2 إنطلاق التتبع :
ضاق صدر السلطة ذرعا من تلك التصريحات المسؤولة والمعتدلة و إزدادت إصرارا على إتخاذ إجراءا ما في حق الد. الصادق شورو خاصة بعد أن تحول بيته إلى مزار للحقوقيين و للعديد من رموز المجتمع المدني و السياسي التونسي بالرغم من الحصار الأمني المضروب حول مقر سكناه و الذى إشتد عشية إعلان عائلة هذا الزعيم الوطني والإسلامي على نيتها في الإحتفال بخروجه من السجن و دعوة كل من سانده في محنته إلى بيت العائلة لشكرهم و لتقدير وقفتهم الشريفة معه ومع بقية مساجين الرأي في تونس طيلة سنوات الجمرو القمع التى خلت .
و بعد أقل من ثلاثة أسابيع من تاريخ إطلاق سراحه لم يتمكن فيها لامن زيارة مسقط رأسه جربة و لا حتى من زيارة أرحامه و تفقد أحوالهم بعد 18 السنة من الغياب القسري عنهم وعلى بعد أيام قليلة من وقفة عرفة و إنبلاج فجر عيد الإضحى المبارك و بينما كانت العائلة الكريمة تمني النفس بالإحتفال بالعيد مع الأب الكريم بعد سنوات الحرمان والفراق قررت دولة الحقد النوفمبري تحويل فرحة هذه العائلة الطيبة إلى ما يشبه المأتم وذلك بأن خطفت منهم من جديد والدهم الد. الصادق شورو بعد عملية مداهمة للبيت و ترويع للزوجة الفاضلة و للأبناء إنتهت بإعتقال شيخ الأحرار سيدي الصادق شورو و بداية صفحة جديدة من المحاكمات و السجن و الفراق و الحرمان و الآلام و العذاب .
تم الإحتفاظ بالد. الصادق شورو فى مقر منطقة الأمن بالقرجاني حيث أمضى يومين كاملين جالسا على كرسي وأجبر على النوم عليه بعد أن تعللت إدارة البوليس بعدم وجود سرير للنوم في مركز الإيقاف و هو ما يعتبر مؤشر على نية السلطة في الوصول إلى أقصى درجات التشفي و التنكيل بشيخ الأحرار و الذى لن يقف عند حد الإيقاف و الإستجواب و التهديد بالسجن وإنما إلى الإحالة الفعلية على القضاء و هو ما أقدمت عليه النيابة العمومية .
3 الإحالة على القضاء :
أقدمت النيابة العمومية على إحالة الد. الصادق شورو على القضاء بحالة إيقاف وذلك على معنى فصول وأحكام قانون الجمعيات الصادر سنة 1959 بعد أن وجهت له تهمة الإحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها وعينت له جلسة ترأسها القاضي محمد علي بن شويخة الذي أصر على رفض مطلب السراح و حفظ الدعوى ورأى أن أركان الجريمة متوفرة و هو ما دفعه إلى تقرير الإدانة و الحكم بسنة سجن مع النفاذ العاجل في حق شيخ الأحرار الد. الصادق شورو رغم نجاح لسان الدفاع في كشف الطبيعة السياسية و الكيدية للمحاكمة وإنتفاء أركان التهمة المنسوبة لموكلهم و هو ما سنركز عليه في المبحث الرابع .
4 إخلالات قانونية بالجملة و عدم توفر عناصر الإدانة :
لقد شكلت إعادة محاكمة الد. الصادق شورو و الزج به في السجن وهو الذي أمضى فيه قرابة ثلث حياته ولم يبقى بعيدا عن قضبانه سوي بضعة أسابيع مهزلة قضائية جديدة لا تقدم عليها حتى الدول حديثة النشأة وذلك للإعتبارات التالية :
أ غياب الركن المادي لجريمة الإحتفاظ :
إننا وبالعودة إلى منطوق الفصل الأول من القانون عدد 154 لسنة 1959 نجد أن المشرع التونسي عرف الجمعية على النحو التالي ( هي العقد الذي يتفق بمقتضاه شخصان أو أكثر على العمل المشترك و المستمر بمعلوماتهم و نشاطهم لتحقيق غاية ... )
إذا سحبنا هذا التعريف الذى قرره المشرع للجمعية على قضية الحال لتوصلنا دون عناء كبير إلى أن التكييف القانوني للوقائع التى أحالت بمقتضاها النيابة العمومية الد. الصادق شورو على المحاكمة لا تستقيم من الناحية القانونية و الواقعية ذلك أنه لأول مرة في تاريخ القضاء التونسي تقع إحالة شخصا بتهمة الإحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها بمفرده و الحال أن ما إستقر عليه العمل فقها وقانونا وتشريعا من خلال النصوص النافذة يتجه إلى تقرير إستحالةالحديث عن وجود جمعية من الناحية المادية و الواقعية إلا بتوفر إرادة حرة و تعاقدية بين شخصين فأكثر على الأقل وعليه فإن العنصر البشري الذى إشترطه المشرع في قيام الجمعيات و في نشأتها لا يتوفر في قضية الحال خاصةوأن الد . الصادق شورو يحال على القضاء بمفرده وهو ما يبطل الأساس القانوني في تحريك الدعوى و إنطلاق التتبع من أساسه .
ب غياب العمل المادي و الأنشطة المستمرة :
إننا وبتتبع الحقل الدلالي لمفردات النص التشريعي المشار إليه أعلاه نتجه إلى تثبيت نتيجة هامة جدا خلت منها أوراق القضية التي يحال بسببها الد. الصادق شورو و هي تلك المتعلقة بما يسمى الإتفاق الجرمي على إحداث فعلا ما و الإشتراك مع الغير في رعاية ذلك الإتفاق و الإستمرار في إنتاج آثاره في الواقع .
إن السؤال الذي يثار في هذا السياق و لم تنجح المحكمة في الهروب من إحراجاته يتمثل في خلو ملف القضية من أي إشارة من بعيد أو من قريب تصريحا أو تلميحا إلى أي مسعى أو توجه أو حتى نية من طرف الد . الصادق شورو في إستئناف تنشيط تنظيم حركة النهضة و الدعوة إلى تجديد البناء الإداري و المؤسساتي و الهياكل و هو ما يتطلب حرية في الحركة و أمانا و إتساعا من الوقت وراحة بال و شروطا وطنية و سياسية في البلاد جميعها غير متوفرة فكيف يعقل إذا أن تستقيم هذه التهمة و أركانها المادية و الواقعية في الحد الأدنى غير متوفرة ؟؟؟؟ ولم تنجح النيابة العمومية ولا الباحث الإبتدائي في تضمين ملف القضية أى فعلا ماديا يدين الد. الصادق و يستجيب للشروط التى نص عليها المشرع في الفصل الأول من قانون الجمعيات ؟؟؟؟؟ .
أسئلة سيجبر القاضي محمد على بن شويخة على الإجابة عنها أمام محكمة العدل الإلهية يومها سيندم و سيتبرأ من ولي نعمته التكاري ولن ينفعه الندم .
ت المحجوزات تبرأ الد. الصادق و تدين النظام والقضاء التابع.
حتى تكتمل عناصر المهزلة القضائية واجه القاضي محمد علي بن شويخة شيخ الأحرار ببعض المحجوزات على إنها قرائن إدانة تثبت التهم التى بمقتضاها وقعت الإحالة فعرض عليه و على السادة المحامين أقراصا مضغوطة تضمنت تصريحات علنية نقلت على الفضائيات بشكل مباشر و على حوار مكتوب على موقع إسلام أون لاين الإلكتروني أجراه الد . الصادق غداة خروجه من السجن كرر فيه ما سبق أن صرح به لقناة الحوار اللندنية من ضرورة طي صفحة الماضي وتنقية المناخ السياسي في البلاد و الإسراع في إعلان العفو التشريعي العام و تهيئة الشروط أمام مصالحة وطنية شاملة لا تستثني أحدا كما لم يفته التنويه إلى ظاهرة التعذيب و التنكيل الذي قاساه هو و إخوانه وكل مساجين الرأي في تونس دون أن يسقط في الدعوة إلى نبش الماضي أو نشر ثقافة الثأر والأحقاد بين أبناء الوطن الواحد .
إن لجوء النظام عبر قضائه التابع إلى تقديم هذه المحجوزات على أنها قرائن إدانة للدكتور الصادق ليست إلا حماقة و غباء مركب إستفاد منه لسان الدفاع بإعتبار أن تلك المحجوزات هي الدليل الذي لا يقبل الشك في كيدية التهمة وفي تجرد الملف وبطلان التتبع حيث تكشف لجميع المراقبين بأن المحاكمة سياسية و سياسية بإمتياز و ليس لها أي سند قانوني أو واقعي وإن الغاية منها تجريم حرية التعبير و الرأي التى يضمنها الدستور التونسي و تضمنها المعاهدات الدولية النافذة التى صادق عليها النظام .
إن حجم الورطة التى وقع فيها رئيس الجلسة الذي تحول تحت حكم الدكتاتورية النوفمبرية إلا بوليس أفكار يجرم حرية التعبير المضمونة دستوريا و دوليا ليست إلا ثمرة لتبعية القضاء للسلطة التنفيذية و لجهاز البوليس السياسى حيث لا هيبة للقضاء و لا سيادة للقانون فضلا عن أن تلك المحجوزات لم تتضمن أي إشارة أو دعوة إلى العنف أو الثأر أو الإنتقام من جلادي التسعينات و هي لا تعدو أن تكون مجرد خواطر وأفكار لسجين سياسي سابق عان من آفة التعذيب و عبر عن إرادته في التجاوز و الإصلاح .
ث عدم دستورية قانون الجمعيات :
إن الأساس القانوني الذي قامت عليه الإدانة و من ثم الإحالة على القضاء كان قانون الجمعيات سيء الذكر الذي عانت منه كل الحركات و المعارضات و الإتجاهات الفكرية التونسية في صراعها مع الدولة الشمولية وهو قانون سنه المشرع و لم يراعي فيه إلا مصلحة السلطة و التوازنات السياسية القائمة في البلاد و أفرغ به المحتوى "التحرري" الذى جاء به منطوق الفصل الثامن من الدستور التونسي حيث أعطى لوزير الداخلية صلوحيات واسعة في الترخيص للجمعيات وفي حجب التأشيرة عنها بما يجعل الضمانات الدستورية في التنظم و في حرية التعبير غير قادرة على إنتاج آثارا سياسية أو قانونية في الواقع حيث تلجأ الإدارة بصورة آلية إلى الإحتماء بقانون الجمعيات لمنع المواطنين من الإستفادة من الدستور نصا وروحا و هو ما شكل مجال سجال و إشتباك متواصل بين المحامين وقضاة السلطة أثناء النظر في القضايا السياسية المعروضة على المحاكم .
إن الدفع بعدم دستورية قانون الجمعيات و إثارة هذا الإشكال بشكل دائم أمام المحاكم التونسية من طرف السادة المحامين و رجال القانون و إصرار قضاة السلطة على التهرب من مواجهة هذه الموضوعة القانونية الهامة ذات التداعيات الخطيرة على الحريات الأساسية للمواطنين عبر التحجج بترهات واهية من قبيل أن النظام القضائي التونسي لا يملك محاكم دستورية مختصة في فض النزاعات القانونية المشوبة بشبهة اللا دستورية و بالتالي فليس هناك ما يجبر القاضي العادي على النظر في دستورية القوانين .
إن الدفع بعدم الإختصاص القضائي من طرف قضاة السلطة لا يعفيهم من تحمل المسؤولية في تحقيق العدل بين المتقاضين و الإعلاء من منزلة الدستور بإعتباره "أبو القوانين" حيث يحتل المرتبة الأولى في هرم التشريعات النافذة و هذا ما ذهب إليه القاضي الفاضل والمعروف لدى طلبة كلية الحقوق و رجال القانون في تونس بقاضي القيروان نسبة إلى المدينة التي شهدت أول سابقة قضائية في تاريخ المحاكم التونسية حيث حكم هذا القاضي الشريف ولأول مرة بعدم دستورية قانون الجمعيات و أمر بإخلاء سبيل مجموعة من المتهمين فى قضية سياسية و حفظ التتبع بناءا على بطلان الأساس القانوني في الإحالة كان ذلك فى سنة 1988 من القرن الماضي و لولا تدخل السلطة التنفيذية السافر في شؤون القضاء و تأثيرها المباشر على قرار محكمة التعقيب التي رفضت قرار محكمة الأصل لكانت سابقة القيروان منارة تضئ فقه القضاء التونسي و تعطي بصيص من الأمل في إمكانية إستقلال القضاء و سيادة القانون و علوية الدستور .

المبحث الثاني :
رسائل السلطة من خلال جريمة إعادة الإعتقال :
لاشك أن دولة البوليس أرادت من خلال هذه الجريمة الأخلاقية وهذه الحماقة السياسية التى أقدمت عليها بأن أعادت إختطاف أحد أهم القيادات الشعبية الد. الصادق شورو أيام قليلة قبل عيد الإضحي و أيام قليلة بعد تمتيعه بالسراح الشرطي ، أرادت بعث برسائل غير مشفرة واوضحة المعاني و الدلالات و المضامين إلى الفصيل السياسي الأبرز في الساحة التونسية ألا وهو التيار الإسلامي النهضوي أحد أهم ضحايا دولة العنف في نسختها النوفمبرية .
أ عنوان الرسالة الأولى : السراح الشرطي قرار يخضع إلى مزاج السلطة و ليس له أي دلالة سياسية في إتجاه الإنفراج :
إن الباحث في المشهد السياسي التونسي في نسخته النوفمبرية سيئة الذكريكتشف أن العقل الأمني للسلطة منذ الإنقلاب الطبي للجنرال قد إحتفظ بمفردة لغوية عكست هوية الدولة و طبعت أداءها السياسي منذ 87 إلى اليوم ألا وهي الوفاء .
لقد كان النظام وفيا للفلسفة الشمولية في الحكم كما كان وفيا للتعاطي الأمني مع الشأن العام إلى جانب وفائه المتناهي لخيار التزييف و قلب الحقائق وإخفائها و لعل كبرى الحقائق التى سعى النظام ومازال يسعى في طمسها إلى اليوم حقيقة أن تونس في عهد المصالح المختصة تعاني من حالة من الإنسداد السياسي و الإحتقان على كل الأصعدة لم تشهد له مثيلا و إن المدخل الوحيد في بداية الإصلاح لا يمر إلا عبر الإقرار بوجود المشكل السياسي و من ثم السعي مع كل الأطراف السياسيةفي بلورة مشروع إنقاظ وطني تعاقدي يقوم على إقرار الدولة للجميع بالحق في العمل السياسي و المشاركة في الشأن العام بدون إقصاء أو إستثناء .
و حتى نثبت البديهية التى أعلنا عنها في مستهل هذا المبحث نحيل السادة القراء إلى تصريحات محامي الإستبداد المدعو برهان بسيس هذا المرتزق الذى مازال يبحث عن حقيبة وزارية والذى أكد على أن قرار الإفراج عن أسرى الشعب وحركة النهضة و في مقدمتهم الد. الصادق شورو" لا يمكن تحميله أي حمولة سياسية و لا يتأطر ضمن مراجعات تقوم بها أجهزة الحكم في التعاطي مع ملف النهضة المغلق وإنما جاء العفو الرئاسي الأخير تعبيرا عن لفتة إنسانية من السيد الرئيس تجاه من زلت بهم القدم وأذنبوا في حق الوطن ". [ من تصريحات محامي الشيطان للفضائيات ]
لقدعبر هذا التصريح عن موقف السلطة من حدث الإفراج وأكد إصرارها على تأبيد الأزمة بما يقطع الطريق أمام كل الحالمين بإمكانية توبة السلطة عن كبائر التسعينات كما برهن على
أن عقل الدولة السياسي قد تشكل و إستوى نهائيا على قاعدة الإستبداد وأن النظام قد وصل إلى سن اليأس الديمقراطي وأنه لا مجال للقيام بمراجعات أو فتح باب الأمل أمام مصالحة وطنية شاملة يستفيد منها كل أبناء الوطن .
إن إفراغ قرار الإفراج من أي دلالة سياسية و إرجاع ذلك إلى دواعي" إنسانية " من لدن الجنرال بن علي يذكرني بإعلان الهدنة من قبل قوات الإحتلال الصهيوني أثناء معركة الفرقان لمدة ساعاتين لدواعي كذلك إنسانية لتستأنف مباشرة بعد ذلك القصف الهمجي على شعبنا الأعزل في غزة .
إن عودة النظام إلى التنكيل بشيخ الأحرار الد. الصادق شورو والزج به ثانية في سجن الناظور سئ الذكر بعد هدنة إستمرت ثلاثة أسابيع دليل إضافي جديد لمن يحتاج دليل على أن السلطة ماضية في خيار الدكتاتورية و الحكم البوليسي و أنه لا مجال أمام أبناء تونس إلا الصمت أو السجن أو الرحيل عن الوطن الحبيب تلك هي الرسالة الأولى للسلطة من خلال حدث الإفراج .
ب الرسالة الثانية : إلى المسرحين من أبناء النهضة
أنتم في سراح مؤقت و لامجال لتسوية ملفكم السياسي.
بالرغم من أهمية حدث الإفراج عن آخر قيادات النهضة و بالرغم من البيانات الصادرة عن مؤسساتها و المباركة لهذا الإجراء الرئاسي و التى وصفته بالخطوة في الإتجاه الصحيح بقي النظام مصرا على مواصلة تبني القراءة الأمنية لملف النهضة حيث أخضع كل المسرحين للمحاصرة الأمنية اللصيقة أينما إرتحلوا بما جعلهم يشعرون بأنهم إنتقلوا من سجن صغير تحت إشراف إدارة السجون الراجعة بالنظر لوزارة " العدل " إلى سجن كبير يغطي مساحة الوطن كله تحت إشراف كل الأجهزة الحزبية و الأمنية التابعة للسلطة و هو شعور يجعل السجين السياسي فاقدا للحد الأدنى من الإستقرار النفسي و الراحة بما ينغص عليه حياته و يجعله يتسائل عن معنى خروجه من السجن و الحال أنه مازال لا يتمتع بالحد الأدنى من ثمار المواطنة حيث لا حق له في السفر و لا حق له في إختيار مقر الإقامة والسكنى ولا حق له في الشغل و لا حق له أحيانا كثيرة حتى في التداوي و لا حقل له في إستخراج بطاقة تعريف قومية ولا حق له في التواصل مع رفاق السجن و إخوة الدرب الصعب فضلا عن المشاركة الرمزية في بعض المناسبات مع ما تبقى من جمعيات المجتمع المدني و السياسي التونسي .
إن تحويل مساحة الوطن إلى سجن كبير يحاصر الجميع هو خيار سياسي أدمنت عليه السلطة التى مازالت تصر على عدم مغادرة المربع الأمني و على عدم حلحلة الملف السياسي و العودة بالشأن العام إلى ساحة المنافسة المدنية و التدافع السلمي بين كل الأطروحات بعيدا عن عسكرة الفضاء العام وتجريم العمل الأهلي و السياسي كل تلك الخيارات تجعل من النظام التونسي إستثناءا في المنطقة المغاربية حيث تشهد كل الدول بدايات لمصالحات وطنية و لمراجعات سياسية بين كل الأحزاب وبين أنظمة الحكم حتى تلك التى رفعت السلاح يوما ما و على النقيض من ذلك تماما يبقى حاكم قرطاج مستنفرا كل أجهزته من أجل إعادة الد . الصادق شورو إلى السجن بعد إدلائه بتصريحات هي أقرب إلى الخواطر الأمر الذى جعل العديد من المراقبين للشأن التونسي يفقدون الأمل في إمكانية فتح ملف النهضة خارج مكاتب وزارة الداخلية و بعيدا عن أيدي البوليس السياسي على إعتبار أن عقل السلطة ما زال لا يفكر إلا من خلال الحذاء العسكري و مازال لا يحلل الظاهرة السياسية و الثقافية إلا بسياط الجلادين وهذا ما من شأنه جعل تونس تسير نحو المجهول

المبحث الثالث :
الإفلاس القيمي والأخلاقي للنظام من خلال التراجع عن العفو :
طبقا لمنطوق الحكم الصادر عن محكمة السلطة أثناء النظر في قضية الد. الصادق شورو كان من المفروض أن يكون شيخ الأحرار في هذا الأسبوع حرا طليقا بين أهله و أبنائه وإخوانه وشعبه ذلك أنه تمر هذه الأيام سنة كاملة على تاريخ إيداعه السجن وهو نفس الحكم الذي نطق به القاضي محمد علي بن شويخة و دونته محاضر الجلسة العلنية للمحاكمة إلا أن ذلك لم يحصل بسبب إصرار دولة الحقد النوفمبري على الإمعان في التشفي و التنكيل بأسير الحرية الد. الصادق شورو حيث تراجعت عن ما قررته لصالحه من عفو بالحط من العقوبة البدنية بسنة وقرنت ذلك مع السراح الشرطي الذي بمقتضاه غادر السجن بما يعني بقائه عام إضافي وراء القضبان في معتقل الناظور بالشمال التونسي
إن تراجع السلطة عن قرار العفو يعد سابقة سياسية خطيرة لا تليق بدولة حديثة تحترم تعهداتها و إلتزاماتها تجاه مواطنيها وتعكس مدى إنحطاط الثقافة السياسية لحكام قرطاج وتدنى مستواهم الأخلاقي و القيمي فضلا عن ما يكشفه هذا الإجراء في حق رمز الأحرار الد. الصادق من إنتشار ثقافة الحقد الأسود في مؤسسات الدولة لا تمت بصلة إلى أخلاق شعبنا العظيم وطيبة سريرته إلى جانب سيطرة عقلية غرائزية بدائية متوحشة في التعاطي مع الفرقاء السياسين عند أعلى هرم السلطة تقوم على الشماتة و التلذذ بعذاب الآخرين و هي حالة مرضية خطيرة لها تداعيات على أمن الوطن وإستقراره و تجعل من الذي يعاني من أعراض هذا المرض النفسي شخصا غير قادر على تحمل أعباء الحكم فضلا عن الحفاظ على السلم الأهلى للبلاد بما يشيعه من كراهية و بغضاء وشحناء بين أبناء الوطن الواحد وهي الجريمة التي أقدم عليها النظام في حق الد. الصادق شورو .

المبحث الرابع :
دروس وعبر من وحى جريمة إعادة الإعتقال:
أحسب أن القاضي محمد علي بن شويخة الذى نطق بالحكم في حق شيخ الأحرار الد. الصادق شورو لن ينسى" مرافعة "هذا البطل الإستثنائي في قاعة الجلسة قبل إختلاء المحكمة للتفاوض وذلك لما تميزت به أقواله من توزان و صلابة جلبت له إحترام و تقدير و إنبهار المراقبين و السادة المحامين لما كان عليه من صمود و ثبات و شموخ و إيمان بعدالة قضيته و قضية حركته و شعبه في الحرية و العدالة و التنمية حيث جعل من المساحة الزمانية الضيقة التى أسندتها له المحكمة فرصة ليحاضر و يدرس العديد من الأطراف سنقف عندها تباعا في هذا المبحث .

الدرس الأول : في إتجاه السلطة . / الترهيب لا ينفع مع الأحرار:
(أقول لمن يريد توجيه رسالة ترهيب من خلال إيقافي أنه أخطأ العنوان .) من أقوال الشيخ الد. الصادق شورو في المحكمة
هكذا نطق شيخ الأحرار في قاعة الجلسة بصوت قوي و بإرادة صلبة لا تلين في مقارعة الإستبداد و الثبات على طريق الكدح إلى الله رب المستضعفين و الناس أجمعين .
هكذا سخر من آلة القمع الرسمية التى حسبت أن تكسر شوكته بعد عقدين من الهرسلة والتعذيب و التنكيل و السجن الإنفرادي فقال لها لقد أخطأت العنوان فأنا لا أخشى إلا الله و لن أخون الأمانة الوطنية في الدفاع عن شعبي العزيز و لن أخون أمانة الأنبياء في البلاغ المبين و لن أخون وصية حشاد في الدفاع عن العمال والفقراء و المساكين ولن أخون دماء شهداء معركة الإستقلال الثاني في المطالبة بالحرية و العدالة والتنمية و الحكم الرشيد .

الدرس الثاني : في إتجاه السلطة : / المشاكل لا تحل إلا بالحوار :
( لابد أن يأتي اليوم الذي يتيقن فيه الجميع بأنه لا حل لمشكلات البلاد إلا بالحوار الذي لا يقصي أحد. )
من أقوال شيخ الأحرار الد. الصادق شورو أثناء محاكمته الظالمة
رسالة وجهها إلى السلطة دقائق قبل إيداعه السجن من جديد بعد مظلمة أولى قاربت العقدين من الإعتقال و التشفي و التنكيل لم تجعله ينحرف عن المدرسة الوسطية في التحليل و التفكير و لم تدفعه إلى الحقد حتى على جلاديه الذين لم ينتظروا إنتهاء أيام العيد لإعتقاله وإنما سارعوا إلى خطفه من بين أبنائه الذين مازالوا يتقبلون التهاني بمناسبة إطلاق سراحه .
هكذا كان أسيرنا البطل متعاليا فوق جراحاته مقدما مصلحة البلاد فوق كل إعتبار و فاتحا قلبه و فكره للحوار مع الكل بدون إستثناء ولا إقصاء لأحد من قبل أحد فالوطن ملك للجميع و تونس تتسع لكل أبنائها .
إنها الفلسفة التعاقدية و عقلية الشراكة تعبر عن نفسها في بهو المحكمة في أحلى صورها حيث إنتقل شيخنا الفاضل من متهم ينتظر الإدانة إلى رجل قانون يدرس نظام الجهالة السياسية في تونس مادة فلسفة القانون والدولة لعله يتدارك و يصلح ما أفسده

الدرس الثالث في إتجاه إخوانه : / رسالته إلى المغتربين و المنفيين خارج الوطن
( على السلطة أن تعلم أنه لا بديل عن حريات مدنية و سياسية فعلية وحقيقية و عن عدالة إجتماعية.... ولا مناص من إرجاع الحقوق لأصحابها وتيسير عودة المهجرين إلى البلاد و تعويض المتضررين المسرحين من السجون . )
من أقوال رمز المقاومة المدنية السلمية الد. صادق شورو في قاعة المحاكمة الظالمة .
في الوقت الذي يتسابق فيه البعض من الذين باعوا ما تبقى لهم من ضمير و أخلاق و شرف و أمانة ووطنية ودين إلى المصالح المختصة التابعة لمملكة التعذيب و الفساد في تونس بحثا عن خلاص فردي وعودة ذليلة تحت جنح الظلام و تحت النعال القذرة للبوليس السياسي التونسي بعد أن أعلنوا البيعة و الولاء للجلاديهم و حبروا بأقلامهم المأجورة بيانات الخزي والعار
و أمضوا على و ثيقة الإستسلام لإرادة الدكتاتور وإنخرطوا في التحريض على الشرفاء داخل الوطن وفي المنافي المختلفة و لم يسلم من تآمرهم حتى المجاهد الد. الصادق شورو حيث وقع نعته من بعض مراهقي الإعلام الإفتراضي أثناء إستعداد أحدهم لزيارة ميدانية لأسياده في الداخلية لإتمام صفقة العودة الذليلة بالمغامر الذي لم يقدر خطوة رئيس الدولة في العفو حق قدرها فشاء الله أن يدخله السجن ذليلا و حيدا على يد من إعتز بصداقتهم ثم يضطر إلى مغادرة البلاد بحثا عن عذرية سياسية أفتضت و لن تعود في هذا الوقت كان سيد الأحرار الذى تآمر عليه يدافع عنه و عن أمثاله و عن كل المبعدين خارج الوطن في قاعة المحكمة ويطالب بتأمين عودة كريمة وغير مشروطة للجميع و جبر الضرر لكل ضحايا دولة العنف في نسختها النوفمبرية سيئة الذكر .
إن وقفة الشرف و الشموخ التي وقفها الد . الصادق شورو بين يدى القضاء التابع في المطالبة بتأمين عودة كل المنفيين إلى أرض الوطن تضع كل المبعدين أمام مسؤولياتهم التاريخية أمام الله سبحانه وتعالى ثم أمام عذبات و آلآم الصادق شورو و أسرته الممتحنة و الصابرة على البلاء ثم وبخاصة أمام عهد قطعناه مع إخوة شرفاء كرام كانوا معنا و قاسمونا مرارة الغربة والإبعاد ورحلوا عنا وماتوا في المنافي المختلفة صعدت أرواحهم الطاهرة بعيدا عن الأهل و عن تربة الوطن الغالى رحلوا عنا بجباه عالية لم تنحني إلا لخالقها و بإرادة حرة لم تنكسر نظير وثيقة سفر تمسك بها يد جلاد كان بالأمس القريب ينهش في أجساد الأحرار ومازال .
إن رد الجميل للأسير الرمز الد. الصادق شورو تتطلب منا جميعا أن نكرس السنة الإدارية التى هي على الأبواب في التحرك الميداني في أبعاده الحقوقية والسياسية والإعلامية و أن نصعد من وتيرة الإحتجاجات السلمية أمام ممثليات الدكتاتورية في الخارج وكذا أمام المؤسسات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان بما فيها تلك التابعة للمنتظم الأممي حتى لا تمر الجريمة في صمت و حتى يدفع النظام الثمن السياسي الذى يليق برمزية الشيخ المجاهد الد. الصادق شورو .
لقد أبحرت سفينتكم أيها الإخوة فلا ينظر أحد منا إلى دنيا يصيبها ولا إلى وساوس المخذلين حلفاء الإستبداد ، شمروا على ساعد الجد و لتكن كلمة السر بيننا جميعا الحرية لشيخنا البطل الصادق شورو ولكل مساجين الرأي في تونس من صحافيين و طلبة و نقابيين و شباب الصحوة و المساجد .
المجد والعزة والحرية لسيد الأحرار الرهينة الد. الصادق شورو
والخزي والعار لدولة العنف في تونس .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.