لجنة حماية الصحافيين تقدم صورة قاتمة عن الوضع تونس: الإعلان عن هيئة وطنية لحماية حرية التعبير
2009-12-11 تونس - محمد الحمروني أعطى التقرير الصادر يوم أمس الخميس 10 ديسمبر الجاري والمعدّ من قبل اللجنة التونسية لحماية الصحافيين صورة قاتمة عن أوضاع حرية الإعلام والصحافة في تونس. وقدم التقرير، الصادر بمناسبة ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، جردا للانتهاكات التي تعرض لها الصحافيون في تونس بدءا من الاختطاف والضرب والتجريد من الملابس إلى السجن، مرورا بمختلف الإهانات الجسدية والمعنوية التي أصبحت "خبزا يوميا" للصحافيين الذين يصرون على "الاختلاف" في تونس. ووشّحت اللجنة تقريرها ببنود من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي وقعت عليه الحكومة التونسية وخاصة المادة 19 التي تنصّ على أن لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، معتبرة أن "محاولة تكميم أفواه الصحافيين أو معاقبتهم على خلفية ما يكتبونه من آراء أو أخبار يعدّ انتهاكا لجوهر هذه المادة". وأوضحت اللجنة في تقريرها أن "سيف الاعتقالات ما زال مُسلّطا على الصحافيين.. فبعد الإفراج في 21 يوليو 2008 على الصحافي سليم بوخذير، اعتقلت السلطات دون أي موجب قانوني الزميل لطفي الحيدوري مراسل وكالة "قدس براس" للأنباء لمدة 24 ساعة ثم أخْلت سبيله". وقبل ذلك استهدف حكم جائر بالسجن 6 سنوات نافذة الصحافي الفاهم بوكدوس على خلفية تقاريره المصورة التي بثها على قناة "الحوار التونسي" عن الأحداث الاجتماعية الاحتجاجية التي شهدتها مدن الحوض المنجمي بالجنوب التونسي والتي بلغت ذروتها في 7 يونيو 2008 حين سقط قتيل واحد على الأقل برصاص البوليس. وأضاف التقرير أن الزميل محمد الفوراتي ما زال عرضة للسجن والاعتقال نتيجة حكم غيابي جائر يقضي بسجنه عاما ونصف العام صادر ضده في إطار قضية باطلة من أساسها تمّ افتعالها على خلفية كتاباته الجريئة بصحيفتي "الموقف" ومجلة "أقلام أونلاين. نت". وتعرض التقرير إلى محاكمة زهير مخلوف مراسل موقع" السبيل أونلاين" على خلفية إنجازه تقريرا يصوّر التدهور البيئي بالمنطقة الصناعية بنابل، وشابت محاكمته عديد الخروقات بحق الدفاع وتم الحكم عليه ابتدائيا بالسجن ثلاثة أشهر مع تغريمه بمبلغ 6 آلاف دينار، كما جاء في التقرير. وأوضحت أن مخلوف حرم من حقه في الدفاع عن نفسه ولم يُمكَّن من حقه في الرد على الأسئلة التي وجهت له من قبل المحكمة كما قطع القاضي المحاكمة مانعا المحامين من القيام بواجبهم في الدفاع عن موكلهم. وأورد التقرير أيضا ما تعرض له الزميل توفيق بن بريك، المعروف بكتاباته الجريئة بعدد من الصحف الفرنسية، من اعتقال تعسفي، ومحاكمته في قضية مفتعلة اتهم فيها بالاعتداء بالعنف على سيدة أعمال تونسية! وإلى جانب السجن والاعتقال أوردت لجنة حماية الصحافيين بتونس عددا من الحالات التي تعرض خلالها صحافيون مستقلون إلى الخطف والاعتداء بالضرب ونزع ملابسهم، عدى الداخلية، منهم وتركهم في مناطق نائية بلا هواتف ولا أموال وبدون بطاقات هوياتهم، مثلما وقع مع الزميلين سليم بوخذير وعمر المستيري. وفي سياق متصل أعلنت يوم أمس الخميس مجموعة من الشخصيات الوطنية عن تشكيل لجنة وطنية للدفاع عن حريّة التعبير والإعلام في تونس. وانطلقت فكرة هذه المبادرة من الإضراب الموحد الذي شنته منذ 3 أسابيع صحف المعارضة الثلاث الموقف ومواطنون والطريق الجديد، والذي أبرز الحاجة إلى ضرورة تكثيف وتكاتف قوى المجتمع المدني من أجل الدفاع عن حرية التعبير التي تعبر مفتاح المدخل لكل الحريات الأخرى. وقال القائمون على هذه اللجنة في بيانهم إن الهدف من تأسيسها هو "تقديم المقترحات والحلول لإرساء إعلام مستقل وتعددي وحرّ، وذلك بالعمل على الإفراج عن الصحافيين المعتقلين وإيقاف كل أنواع الانتهاكات والتضييقات التي يتعرض لها العاملون في قطاع الإعلام ووضع حدّ لمحاصرة صحف المعارضة والصحف المستقلة والإيقاف الفوري للحملات التشهيرية ضد الصحافيين والمعارضين والنشطاء الحقوقيين، التي اختصت بها صحف منفلتة من كل عقاب ووضع حد لتدخل السلطة في شؤون الهياكل المهنية المستقلة الممثلة للعاملين في القطاع. كما أكدت اللجنة على أنها ستعمل على التعجيل بتنقيح القوانين المقيّدة لحرية الرأي والتعبير والاجتماع، ورفع القيود عن حرية إصدار النشريات والدوريات ووضع حدّ لاحتكار البث الإذاعي والتلفزي وبعث هيكل مستقل للإشراف على قطاع الإعلام يكون ممثلا للإعلاميين وسائر الأطراف الفكرية والسياسية تمثيلا حقيقيا.