افتتاحية موقع حركة النهضة محنة الدكتور الصادق شورو تجسيد لأكبر مظلمة في تاريخ تونس
لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو رئيس حركة النهضة السابق وراء قضبان سجن الناظور ، تتواصل معاناته في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور، وفي ظل تعنت السلطة التي تبتغي بإصرارها على سجنه كسر شوكة مناضل صلب آثر التضحية بحريته الفردية من أجل الحريات العامة، وكأن الرجل ليس مواطنا تونسيا، فهو يُلاحَق من أجل أفكاره وانتمائه السياسي في اعتداء صارخ على الدستور التونسي وعلى كل المواثيق الدولية الحامية للحقوق والحريات. وتندرج المظلمة التي يتعرض لها الدكتور الصادق شورو ضمن خطة رسمية واسعة وطويلة المدى في مواجهة خصم سياسي متمثلا في حركة النهضة، عن طريق إقصائها عن حقها في التواجد السياسي وحقها في التنظم والتعبير بحجة خلفيتها الإسلامية. واستخدمت في سبيل ذلك كل الطرق والوسائل سجنا وتعذيبا وتشويها وتهميشا، مما نتج عنه حصول أطول مظلمة في تاريخ تونس سلّطت على طرف سياسي أثبتت أدبياته ونضالاته حرصه الشديد على المصلحة العليا للوطن ودفاعه المستميت من أجل الحريات للجميع. ودفع مناضلو الحركة وقياديوها ضريبة الحرية غالية، وعلى رأسهم الدكتور شورو الذي سلكت معه السلطة سياسة التشفي، بتزكية من بعض الجمعيات والأحزاب أحيانا. إن استمرار المظلمة يضعها في دائرة سياسة الكيل بمكيالين واعتبار المواطنة امتيازا يتمتع به البعض دون الآخرين. وتبدو هذه السياسة جلية من خلال الإفراج عن معتقلي الحوض المنجمي والإبقاء على الدكتور شورو في السجن بالرغم من النداءات العديدة التي أطلقتها الأصوات الحرة للمطالبة بالإفراج عنه وعن الصحفيين توفيق بن بريك ومخلوف، اللذين تم اعتقالهما في إطار سياسة التعتيم الإعلامي والتضييق على حرية التعبير. لقد عبّر الدكتور شورو في كلمته الشهيرة أمام المحكمة عن إصراره على حقه وحق حركته في التواجد والتعبير، وكانت رسالته واضحة وهي أن المظلمة في تونس في جوهرها معركة حريات، حتى وإن حاولت الجهات الرسمية تحويل الرأي العام عن هذه القضية الجوهرية واختلاق مبررات لتبرير سياستها الإقصائية لخصم سياسي. وإذ لم تكن هذه السياسة التبريرية لتنطلي على الشعب التونسي الواعي والمتابع للأحداث عن كثب عبر وسائل الإعلام الخارجية ووسائل الاتصال الحديثة، فقد عمدت السلطة إلى زج الدكتور شورو في غياهب السجن سعيا منها لإسكات هذا الصوت الحر الذي لا يخشى في قول الحق لومة لائم ولا يلين ولا يهادن في المبدأ. إن مسار الحريات يتقدم ويحقق أشواطا مهمة في العالم بالرغم من العراقيل والصعوبات، وتونس لا يمكنها أن تبقى نشازا في خضم هذا التحول الذي يشهده العالم، خاصة وأن السلطة فيها أصبحت تمثل - مع الأسف- "نموذجا" بارزا في ملف انتهاك الحريات في كل مناسبة إقليمية ودولية تناقش فيها قضية حرية الإنسان.