مع نهاية العطلة المدرسية و عودة التلاميذ الى مقاعد الدراسة و الطلبة الى جامعاتهم و معاهدهم العليا لفت انتباهي تصنيف لمنظمة علمية اسبانية تعتني بمعايير الانفتاحية والتميز ضمن التصنيف العالمي للجامعات"ويب ماتركس" في تقريرها لشهر جويلية 2014 م و هي منظمةتنتمي للمجلس الأعلى لتطوير العلوم باسبانيا و تهدف الى رفع المستوى العلمي للجامعات و هذا التقرير يصنّف الجامعات و المعاهد العليا على مستوى العالمي. و قد كانت مراتب الجامعات و المعاهد العليا التونسية و التي بلغت 195 ما بين جامعة و معهد عالي و مدرسة عليا -قد أدرجت في هذا التصنيف- صادمة اذ جاء ترتيب أول جامعة تونسية (جامعة تونس الافتراضية) في المرتبة 3783 نعم 783 بعد الألف الثالث عالميا و في المرتبة 75 افريقيا و 68 عربيا لتأتي بعدها "جامعة تونس المنار" في المرتبة 6242 ف "جامعة سوسة" 6627 عالميا و بعدها "جامعة صفاقس" 7187 عالميا الى أن تأتي "جامعة منوبة" 10496في المرتبة عالميا.فيحين أن آخر جامعة تونسية "الجامعة الخاصة بالجنوب" احتلت المرتبة 195 محليا و 21891 عالميا.
و بالرغم من أن النخبة التونسية تستهزء في كثير من الأحيان بتشبيه تونس بالموزمبيق و زمبيا و أثيوبيا عندما تريد استغراب شيئ خاصة في مجال الحريات و حقوق الانسان و مستوى المعيشة فان هاته البلدان تقدمت علينا بجامعاتها فزيمبابوي احتلت أول جامعاتها المرتبة 2562 لتكون في المرتبة 39 افريقيا أي أنها قبل أول جامعة تونسية بأكثر من 1200 مرتبة و كذلك الموزمبيق في المرتبة 2667 عالميا و 41 افريقيا و كذلك الشأن لناميبيا (2352 عالميا و 34 افريقيا) و تنزانيا (2319 عالميا و 31افريقيا) بل الغريب أن أثيوبيا سبقتنا بجامعة أديس أبابا التي احتلت المرتبة 1599 عالميا و 18 افريقيا وتتجاوزنا جامعة ماكيري اونيفارستي بأوغندا التي احتلت المرتبة 1134 عالميا و 13 افريقيا و لا نحكي على جامعات جنوب افريقيا التي سيطرت على عشر المراتب الأولى في افريقيا.
هذا افريقيا أما عربيا فقد احتلت جامعة الملك فيصل المرتبة 356 عالميا و الأولى عربيا كما سبقتنا الجامعات المصرية و الجزائرية و المغربية و غيرها …
ومنذ الاستقلال و نحن نسمع و نطالع أن الحكومات المتعاقبة بتوجيهات من فخامته و سيادته قد أولت عناية فائقة للتعليم العالي و البحث العلمي لنستفيق بعد أكثر من نصف قرن على خيبة بهذا الحجم.
و اني لم أرد أن أقارن جامعاتنا لا بنظيراتها الأوروبية و لا بالأمريكية و لا حتى بجامعات الكيان. الصهيوني فبيننا و بينها بعد المشرقين بل هل يعقل أن تعيش غزة حصارا برا و جوا و بحرا و يمنع عنها أبسط مقومات العيش و تتفوق جامعاتها على تونس بلد التفتح و التمدن و الشعارات التي يتغنى بها أدعياء الحداثة و التمدن فتحتل الجامعة الاسلامية بغزة المرتبة 2801 عالميا و المرتبة 12 عربيا؟؟
و انه بالرغم من أن الوضع مفزع و بالرغم من أن تونس قد عرفت ثورة اعلامية كبرى بعد ثورة الكرامة و الحرية الّا أن هذه الثورة قد استعملت في غير محلها فلا تكاد تجد وسيلة اعلام الّا و قد ركزت على الشأن السياسي و الرياضي و الفني و حتى الديني و لكنها قد أغفلت الشأن العلمي و الدراسي و الذي لا يشك فيه اثنان أنه السبيل الأوحد لنهضة بلادنا من كبوتها و غفلتها. أملي أن يزلزل هذا التصنيف غيرة القائمين على الشأن العام في تونسنا و من ورائهم الأحزاب السياسية و المجتمع المدني و نحن على أبواب العودة المدرسية و الانتخابات التشريعية و الرئاسية فيعطى التعليم العالي المنزلة التي يستحقها و الا ستبقى تونس تجر خيبات صراعات أحزابها السياسية على سراب الارادة الحرة؟؟؟ فهل سنرىيا ترى مع الحملة الانتخابية المقبلة طاولات حوار و منابر اعلامية و ندوات فكرية و حوارات سياسية تعطي التعليم و اصلاحه المنزلة التي يستحقها؟؟ مما لا شك فيه أن الأيام القادمة ستكشف لنا ذلك