انتهت الانتخابات التشريعية بتجاوزاتها و خروقاتها ونتائجها التي أفضت الى تركيبة البرلمان القادم. ورغم أن العملية الانتخابية الأخيرة اتفق الجميع على أنها تمت في كنف الشفافية والنزاهة وأن الهنات المسجلة لم تؤثر على النتائج ،إلا أن ذلك لا يجعلنا نتغاضى عن الخروقات المسجلة والتي رصدتها عدة منظمات وجمعيات اهتمت بالمسار الانتخابي و تجنّدت لمراقبة نزاهة العملية الانتخابية، حيث أن هذه الخروقات ان لم يتم وضع آليات للتصدّي لها قد تكرّر في الانتخابات الرئاسية بعد أيام ،وهو ما يستوجب من الهيئة العليا مزيدا من الحرص على شفافية العملية الانتخابية ونزاهتها باتخاذ كل وسائل الردع القانوني الممكنة. العمل الجبّار الذي قامت به جمعيات اختصت في مراقبة المسار الانتخابي كجمعية «عتيد» و مرصد «شاهد» وجمعية «مراقبون» و»أنا يقظ» ورابطة الناخبات التونسيات لا نملك إلا تثمينه وتواصله في الرئاسيات. شراء الأصوات الانتخابية.. يوم الجمعة الفارط أصدرت الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الادارية أحكاما بشأن 8 طعون قدمتها قائمات ترشحت خلال الانتخابات التشريعية ضد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وقد تم رفض 7 طعون اما شكلا أو مضمونا ولم يتم البت إلا في طعن وحيد تقدمت به قائمة حركة نداء تونس بالدائرة الانتخابية القصرين ضد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حيث تم قبول الدعوى شكلا وأصلا والقضاء بتعديل نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 2014 بالدائرة الانتخابية بالقصرين وذلك باسترجاع المقعد الذي خسره نداء تونس لفائدة حزب التكتل،وبذلك يرتفع عدد مقاعد النداء في البرلمان القادم الى 86 مقعدا عوضا عن 85 مقعدا كانت صرّحت به الهيئة العليا للانتخابات. ورغم أن باب الطعون لا يزال مفتوحا وان نتائج التشريعية لم تحسم الى حين الاعلان عنها رسميا إلا أن هذه الطعون كان منطلقها وأساسها خروقات وتجاوزات ارتكبت وتمت معاينتها من طرف الهيئة او من شبكة المراقبين الدوليين والمحليين ،إلا أنه لا بدّ من تسليط الضوء على الاخلالات و الخروقات التي تم رصدها ومحاولة تجاوزها.. مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات كان من بين الجمعيات التي رصدت وراقبت عن قرب المسار الانتخابي.. ومن بين الخروقات التي رصدها مرصد شاهد في مراكز الاقتراع وحسب ما رصده مراقبوه من المخالفات هو تواصل الأنشطة الدعائية داخل وخارج مراكز الاقتراع يوم الانتخاب في 34 بالمائة من المراكز التي غطاها المرصد . كذلك تخويف الناخبين أو مضايقتهم في التصويت بنسبة 10 بالمائة فيما مثلت نسبة شراء الأصوات 9 بالمائة من جملة المخالفات و كما تم رصد عمليات للانتخاب الجماعي تناهز نسبة 7 بالمائة ،وبنفس النسبة أيضا تم حرمان الناخبين من التصويت ،الى جانب تسجيل حالة من الاضطراب والعنف داخل مكاتب الاقتراع بلغت نسبة 6 بالمائة وكذلك التصويت بدل المعاقين والذي بلغت نسبته 5 بالمائة . مرصد شاهد رصد أيضا عمليات توجيه للناخبين للتصويت لفائدة قائمة معينة من طرف بعض رؤساء وأعضاء مكاتب الاقتراع وهو ما تم رصده كذلك وبطريقة سافرة من طرف رابطة الناخبات التونسيات. انتحال صفة ناخب.. ومن بين المخالفات التي رصدها عدد كبير من المراقبين والجمعيات تخلّي بعض رؤساء مكاتب الاقتراع ،عن حيادهم و مغادرة رئيس مكتب اقتراع للمكتب والقيام بحملة انتخابية لفائدة حزب معين. وقد ذكر مرصد شاهد في تقريره الذي رفعه للهيئة أن أكبر عدد من المخالفات تم تسجيله كالآتي 30 مخالفة بقابس،14 مخالفة بنابل ،12 مخالفة بالمهدية،10 مخالفات بسيدي بوزيد و8 مخالفات بالمنستير. بالنسبة لجمعيات يقظ فان أخطر ما رصدته،هو حالتا انتحال صفة بمركز الاقتراع بنهج مرسليا حيث أكّد مهاب القروي رئيس جمعية «أنا يقظ» أنه تم رصد في هذا المركز تجاوز بالغ الخطورة يتعدى المخالفة الانتخابية ويرتقي الى مستوى الجريمة ،حيث ان مواطنين عندما أرادا ممارسة حقهما في الاقتراع اكتشفا أن هناك من استغل رقمي بطاقتي تعريفهما ليقوم بالاقتراع عوضهما ،وقد قامت الجمعية برفع هذه المخالفة لهيئة الانتخابات. في حين ذكرت ليلى بحرية رئيسة مرصد شاهد انه جدت واقعة خطيرة بأحد مكاتب الاقتراع بقلعة الأندلس حيث ضبط مواطن بحوزته 100 بطاقة تعريف ببهو مكتب الاقتراع وقد القى عليه الناخبون القبض وسلموه للأمن للتثبت ومعاينة الجريمة ولكن أطلق سراحه بعد ذلك. وتبقى الهيئة العليا للانتخابات مطالبة بأن تنتبه لمثل هذه الخروقات التي قد تستفحل في الانتخابات الرئاسية وتؤثر على النتائج.