أثارت تصريحات الشيخ أحمد الغامدي، مدير هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكربمكة، التي أجاز فيها الاختلاط بين الرجال والنساء جدلا واسعا في السعودية وخارجها،ففيما اعتبرها البعض 'خطوة جريئة' وأثنوا عليها، انتقده آخرون وهاجموه وطالبوا بمحاكمته. جاء ذلك فيما نفى المتحدث الرسمي باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عبدالمحسن القفاري، إشاعة إقالة مدير فرع الهيئة في مكةالمكرمة أحمدالغامدي، التي تناقلتها مواقع على الإنترنت خلال اليومين الماضيين. وأكد القفاري أن ما يتناقله الناس مجرد إشاعة 'لا ترتقي لأي درجة من الحقيقة'، بحسب ما نقلت عنهصحيفة 'الوطن' السعودية، امس الأربعاء. وشرح أن رئاسة الهيئة لم تصدر أي قرار يتعلق بإقالة مدير فرع مكة وإنما الإجراء يتعلق بالمساعد الشيخ عبدالرحمن الجهني، الذي نقلته وزارة الخدمة المدنية من قبل الحج، إلى وظيفة مساعد هيئة فرع مكةالمكرمة. وتابع أن 'وزارة الخدمة المدنية كتبت للهيئة بضرورة مباشرة الجهني للوظيفة التي نقل إليها وتصحيح وضعه الوظيفي'. وكانت تضاربت الأنباء حول إقالة الغامدي من منصبهالثلاثاء، بعد أيام من إصداره فتوى 'جواز الاختلاط بضوابط'. لكن الغامدي قال في تصريح لصحيفة 'المدينة' السعودية الثلاثاء إنه لم يبلغ رسميا بأي قرار، وإنه حتىمساء الإثنين لم تصل إليه أي معلومة في هذا الشأن. وشدد على أنه أحد أبناء الوطنورجل من رجال الدولة 'أعمل بأخلاقي في أي موقع تكلفني قيادة هذه البلاد الغالية بالعمل فيه'. وتناقلت عدة مواقع الكترونية سعودية، أن الرئيس العام للهيئة الشيخ عبد العزيز الحمين أصدر قرارا بإعفاء الغامدي من منصبه، وتعيين الشيخ عبد الرحمن الجهني رئيس فرع الهيئة بمنطقة الطائف بدلا منه. وقال موقع 'خبر' نقلا عن مصادرأن مفتي السعودية تلقى ما لا يقل عن 4500 برقية استنكار لما نشر للغامدي في صحيفة 'عكاظ' ودعوته ل'الإختلاط'. وطالب اصحاب تلك البرقيات بمحاكمته حسبما تناقلته مواقع واكدتها مصادر ل'خبر' فيما قالت مصادر أخرى أن أكثر من 11 فردا من رؤساء الأقسام، إضافة إلى عدد من الموظفين ومديري الهيئات الفرعية، اصدروا بيانا اوضحوا فيه عدم صحة أقوال الشيخ، مطالبين بالتحقيق معه، لا سيما أنهم باتوا يواجهون حرجا في عملهم الذي يقتضي ضبط عمليات الاختلاط في الأسواق وغيرها. وكان الغامدي قد أجاز الاختلاط في مقال نشر على حلقتين متتاليتين في صحيفة 'عكاظ' السعودية يومي الأربعاء والخميس الماضيين، على خلفية الجدل الذي أثير عقب افتتاح جامعة 'الملك عبدالله بن عبد العزيز' التقنية، والسماح بالاختلاط فيها وفق ضوابط، معتبرا أن 'الاختلاط طبيعي في حياة الأمة، ومانعوه لم يتأملوا أدلة جوازه الصريحة'. وانتهى إلى القول 'النصوص الصحيحة الصريحة كلها تفيد جواز نظر النساء إلى الرجال ونظرالرجال إلى النساء في غير فتنة، كما تفيد جواز الخلوة بالمرأة عند الناس ومصافحتها،والاختلاط بين الجنسين من لوازم ذلك قطعا، سواء كان في الأسواق والمحال للبيع والشراء أو العمل والدراسة، والمساجد والمصليات، والطرقات، وغيرها من الأماكن ولا نص لمن قال بتحريم شيء من ذلك دون شيء في غير تهمة أو مزاحمة'. ولقيت هذه الفتوى نقدا شديدا من قبل عدد من علماء سعوديين، ورفض الشيخ محمد المنجد، الداعية والعالم السعودي، ما ذهب إليه الغامدي واعتبره 'مسألة خطيرة وافتراء وتجنيا على الشريعة'،على حد تعبيره. كما انتقد الداعية السعودي عبد الرحمن الأطرم، تصريحات الغامدي، معتبرا توقيتها 'غير مناسب نظرا لما تمر به البلاد من أحداث جسام مثل قتال الحوثيين وكارثة جدة'. وأصدرت مجموعة من العلماء بيانا استنكروا فيه ما وصفوها ب'فتوى شاذة، ومخالفة لما عليه الأئمة الأربعة، وعامة علماء الإسلام'. وطالب البيان الإعلاميين بعدم تناقل مثل هذه الفتاوى 'الشاذة التي قد يتأثر بها بعض ضعاف الإيمان فيتحملون إثمهم ويبوءون بوزرهم'. في المقابل، رأى كتاب ومثقفون سعوديون أن تصريحات الغامدي تعد بمثابة 'خطوة جريئة وتحولا جذريا في قضية الاختلاط التي جعلت كفاءات نسائية عالية التأهيل لا تعمل أو تعمل بحذر في جو مشحون بالتوجس وألغام الريبة، وتسببت في إنشاء عالم نسوي مواز في كل مجال بما له من تكاليف باهظة'، على حد وصفهم. وكان العاهل السعودي أقال الدكتور سعد الشثري، عضو هيئة كبار العلماءمن منصبه على خلفية تصريحات ناشد فيها الملك عبدالله بمنع الاختلاط في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية 'كاوست'.