طبرقة: يوم تحسيسي حول التصرف في الفضلات و تحويلها لمواد عضوية    اليوم..محاكم تونس دون محامين..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    دراسة تربط الوزن الزائد لدى الأطفال بالهاتف والتلفزيون..كيف؟    مئات الحرائق بغابات كندا.. وإجلاء آلاف السكان    مدني ورجل اقتصاد.. تعرف على وزير الدفاع الروسي الجديد    وفاة أول مريض يخضع لزراعة كلية خنزير معدلة وراثيا    أمام دعوات لمقاطعتها ...هل «يضحّي» التونسي بأضحية العيد؟    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    رئيس أركان جيش الاحتلال يعلن تحمله المسؤولية عن هزيمة الكيان الصهيوني في 7 اكتوبر    عاجل/حادثة "حجب العلم"..الاحتفاظ بهذا المسؤول..    لأول مرة منذ 37 عاما.. الرجال أكثر سعادة بوظائفهم من النساء    القيروان: غرق ثلاثة شبان في صنطاج ماء بالعين البيضاء    سوسة حجز 3000 صفيحة من القنب الهندي وحوالي 15 ألف قرص من مخدّر إكستازي    كرة اليد: الترجي يتفوق على المكارم في المهدية    العثور على شابين مقتولين بتوزر    الجامعة العامة للإعلام تدين تواصل الايقافات ضد الإعلاميين وضرب حرية الإعلام والتعبير    حفوز: العثور على جثث 3 أطفال داخل خزّان مياه    باجة: اطلاق مشروع "طريق الرّمان" بتستور لتثمين هذا المنتوج و ترويجه على مدار السنة [صور + فيديو]    رسمي.. فوزي البنزرتي مدربا للنادي الإفريقي    سليانة: عطب في مضخة بالبئر العميقة "القرية 2 " بكسرى يتسبب في تسجيل إضطراب في توزيع الماء الصالح للشرب    التهم الموجّهة لبرهان بسيّس ومراد الزغيدي    رجة أرضية بقوة 3.1 درجة على سلم ريشتر بمنطقة جنوب شرق سيدي علي بن عون    شركة "ستاغ" تشرع في تركيز العدّادات الذكية "سمارت قريد" في غضون شهر جوان القادم    جربة.. 4 وفيات بسبب شرب "القوارص"    وفاة 3 أشخاص وإصابة 2 اخرين في حادث مرور خطير بالقصرين    المحكمة الابتدائية بسوسة 1 تصدر بطاقات إيداع بالسجن في حق اكثر من 60 مهاجر غير شرعي من جنسيات افريقيا جنوب الصحراء    مؤشر جديد على تحسن العلاقات.. رئيس الوزراء اليوناني يتوجه إلى أنقرة في زيارة ودّية    مدنين: نشيد الارض احميني ولا تؤذيني تظاهرة بيئية تحسيسية جمعت بين متعة الفرجة وبلاغة الرسالة    سيدي بوزيد: تظاهرات متنوعة في إطار الدورة 32 من الأيام الوطنية للمطالعة والمعلومات    افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك وسط العاصمة لعرض منتوجات فلاحية بأسعار الجملة وسط إقبال كبير من المواطنين    وزارة التجارة: تواصل المنحى التنازلي لأسعار الخضر والغلال    البطولة العربية لالعاب القوى (اقل من 20 سنة): تونس تنهي مشاركتها ب7 ميداليات منها 3 ذهبيات    زهير الذوادي يقرر الاعتزال    ر م ع الصوناد: بعض محطات تحلية مياه دخلت حيز الاستغلال    سيدي بوزيد.. اختتام الدورة الثالثة لمهرجان الابداعات التلمذية والتراث بالوسط المدرسي    المالوف التونسي في قلب باريس    الناصر الشكيلي (أو«غيرو» إتحاد قليبية) كوّنتُ أجيالا من اللاّعبين والفريق ضحية سوء التسيير    النساء أكثر عرضة له.. اخصائي نفساني يحذر من التفكير المفرط    في الصّميم ... جمهور الإفريقي من عالم آخر والعلمي رفض دخول التاريخ    صفاقس تتحول من 15 الى 19 ماي الى مدار دولي اقتصادي وغذائي بمناسبة الدورة 14 لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية    حضور جماهيري غفير لعروض الفروسية و الرّماية و المشاركين يطالبون بحلحلة عديد الاشكاليات [فيديو]    انشيلوتي.. مبابي خارج حساباتي ولن أرد على رئيس فرنسا    اليوم: إرتفاع في درجات الحرارة    عاجل : برهان بسيس ومراد الزغيدي بصدد البحث حاليا    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    قيادات فلسطينية وشخصيات تونسية في اجتماع عام تضامني مع الشعب الفلسطيني عشية المنتدى الاجتماعي مغرب-مشرق حول مستقبل فلسطين    مع الشروق .. زيت يضيء وجه تونس    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    حل المكتب الجامعي للسباحة واقالة المدير العام للوكالة الوطنية لمقاومة المنشطات والمندوب الجهوي للشباب والرياضة ببن عروس    الدورة 33 لشهر التراث: تنظيم ندوة علمية بعنوان "تجارب إدارة التراث الثقافي وتثمينه في البلدان العربيّة"    مدير مركز اليقظة الدوائية: سحب لقاح استرازينيكا كان لدواعي تجارية وليس لأسباب صحّية    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس..    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    عاجل : إيلون ماسك يعلق عن العاصفة الكبرى التي تهدد الإنترنت    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار ساخن مع وزير أملاك الدولة السابق.
نشر في الحوار نت يوم 07 - 06 - 2015


حاوره / الطاهر العبيدي
"الدكتور سليم بن حميدان"، من المنفى الى إدارة الدولة برتبة وزير املاك الدولة، وبين التهجّر القسري والسلطة مسافة جغرافية وتاريخية.. فمن طالب فرّ من نظام "بن علي" بحثا عن الأمان والاستقرار، في رحلة التيه والترحال بين ليبيا والسودان وسوريا ولبنان وتركيا والنمسا وسويسرا، للتفتيش عن وطن بالتبني، وعن أرض تقيه سطوة السلطة النوفمبرية، ليكون في الاخير لاجئا سياسيا في فرنسا. وطيلة سنوات المنفى الاضطراري، لم يغادره الحلم بميلاد وطن الحرية والكرامة، ومن أجل ذلك لم يتخلف طيلة وجوده في المنفى عن الفعل السياسي المعارض للنظام البائد، من خلال مشاركته كأحد كوادر حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، إضافة الى انخراطه كأحد مؤسسي المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين، ليتولى مهمة وزير أملاك الدولة في أول حكومة بعد الثورة..
التقيناه في هذا الحوار المشاكس، لنطرح عليه جملة من العناوين، حول خلفية الانشقاقات في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية والشبهات المالية - علاقته بقضية الاعلامي "سمير الوافي" ورجل الأعمال "حمادي الطويل" - حقيقة انخراطه من عدمه في ملف البنك الفرنسي- التونسي" - أسباب وخلفيات تعطل شعب المواطنين- استجلاء قضية الدكتور "منذر صفر".. فكان رحب الصدر في تحمل الاسئلة اللاذعة، المستندة على استيضاح ما كتب ونشر وما تلوكه بعض الجهات، وتمضغه العديد من الأطراف، ليضاف هذا الحوار، إلى الحوار الذي اجريناه معه في سنوات المنفى المشترك بتاريخ 8 جويلية 2009
ليكون هذا الحديث وثيقة أخرى تضاف الى جملة الوثائق المتعددة بحوزتنا، التي "تؤرشف" للذاكرة الاعلامية الوطنية في المهجر، وبين تضاريس البلد..

من المنفى إلى الاضطلاع بمهمة وزير أملاك الدولة دون أن تمرّ بمرحلة تأهيل، أو تدريب أو انخراط قبلها في دواليب الدولة، لتجد نفسك وجها لوجه على رأس وزارة ساخنة، عرفت بملفات حسّاسة، وقضايا حارقة، فكيف واجهت هذا الإرث وما هي بصماتك على هذه الوزارة؟

أنا من خريجي المدرسة العليا للإرادة، إرادة التغيير والإصلاح التي تحتاج إلى الضمير وعلوّ الهمّة وخوض المعارك النبيلة، وتحدّي كل الصعاب، والتصميم على الانتصار والنجاح.. وزارة ساخنة فعلا، ولكن أقل سخونة من قلبنا المتيّم بحبّ بلاد خانها ساستها عقودا فقتلوا وسجنوا وعذبو وشردوا في الآفاق خيرة أبنائها، فلما عادوا بعد رحيل الطاغية عادوا يحملون علما وتجربة وخبرة في أكثر من مجال، بوأت بعضهم
(وأنا أحدهم) لتولي مسؤوليات جسام.. وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية، التي أشرفت عليها لأكثر من سنتين. ققد كانت تُسمى تندّرا من التونسيين بوزارة أملاك الدولة وشؤون "الطرابلسية" ! ... وذلك باعتبارها بؤرة من البؤر التي عشش فيها الفساد. حيث انتزعت الملكيات الخاصة للكثير من الملاك الشرعيين باسم المصلحة العامة، ولم يُعوض أصحابها إلى اليوم، ثم اقتسمها المتنفذون بينهم غنائم، كما تمّ التفويت في آلاف الهكتارات من الأراضي الدولية الفلاحية الخصبة، وإسناد المقاطع الرخامية، والحوزات العقارية، والمشاريع الكبرى حسب الولاء والوجاهة، دون أن تدرّ ريعا على ميزانية الدولة، اللهم إلاّ بعض الفتات تمويها وذرّا للرماد على عيون المراقبين والمشاغبين من المعارضين..
حاولت إنقاذ ما يمكن إنقاذه بالتعاون مع الموظفين الشرفاء، الذين سامهم النظام البائد ألوانا من عذاب البخس والتحقير والتهميش. فأعدنا النظر في معايير إسناد الأراضي الدولية بمعايير الشفافية والحوكمة الرشيدة، واستصدرنا أذونا عديدة لمراقبة التصرف في المؤسسات العمومية والمال العام، وأعددنا مشاريع في الإصلاح العقاري كأهم عائق أمام التنمية، وسرّعنا في نسق إنجاز مشاريع البنية التحتية والسكن الاجتماعي، هذا ناهيك عن إحالة آلاف الملفات الى القضاء عبر جهاز المكلف العام بنزاعات الدولة، إلى جانب مساهمتنا في تفعيل ملف مصادرة أملاك الرئيس المخلوع وعائلته وأصهاره، والتي تقدر قيمتها بآلاف المليارات، لكي تعود ملكيتها إلى الشعب، وتضخّ مبالغ مهمة منها في ميزانية الدولة..
كما أننا ساهمنا في اثارة موضوع الساعة في تونس، ألا وهو الفساد المستشري في مجال الطاقة فأصدرنا، خلال سنة 2013، إذنا لهيئة الرقابة العامة بمأمورية تفقد وتقييم لكل العقود والاتفاقيات المبرمة في القطاع..

في أحد الجلسات الخاصة، ذكرت أن الإدارة التونسية تضم أغلبية من الإداريين الوطنيين الشرفاء ذوي كفاءات عالية، وأصحاب ضمير مهني يعتز به، ونسبة قليلة جدا من الموظفين الذين يمثلون الدولة العميقة، محكومين بعقلية الفساد والحنين لعهد النهب، غير أن هذه الأقلية الإدارية حسب قولك فاعلة على مستوى توتير الأوضاع، والانتفاع من أجواء التآمر والدسائس، فهل من توضيح عبر بعض الامثلة الملموسة؟


فعلا، ما وجدته أثلج صدري وصحّح اعتقادا خاطئا وقرّ سابقا في ذهني في علاقة بفساد الإدارة، حيث وجدت غالبية من الموظفين الشرفاء الذين كاد الاستبداد يعصف بوهج الوطنية وروح العمل والبذل والعطاء، التي تميزهم عن زمرة من الفاسدين الذين وجدوا الحضوة والحماية سابقا ولاحقا..
هؤلاء تمترس كثير منهم في العمل النقابي، واتخذ من المطالب المشروعة والقضايا النبيلة مطية لإرباك عمل الوزارة، وتجويف مفهوم الثورة من المعاني والقيم السامية. لقد اخترقوا المنظمات العمالية الوطنية واحتموا بها، وأصبحوا قادة كبارا لا يُشق لهم غبار في الدفاع عن الفساد، والتمويه والمغالطة، والمزايدة والمتاجرة !
مثال ملموس أسوقه، ويتمثل في الوقفة الاحتجاجية التي شنها ضدي هؤلاء لما قررت تغيير المكلف العام بنزاعات الدولة السابق والذي حامت حوله شبهات فساد وتعيين آخر مكانه. فهاجوا وماجوا وذهبوا الى قنوات الاعلام التي تواطأت معهم في تزييف الحقائق. وصوّرت الأمر على أنه استيلاء على مفاصل الدولة،.
كما أذكر أنهم كانوا يهيجون الإدارة كلما اتخذ قرارا تأديبيا في حق موظف تجاوز القانون أو أخل بواجباته المهنية. وكأن الحرية عندهم رديف للتسيب والفوضى وغياب القانون والمحاسبة..

أنت أحد قيادات حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"، الذي عرف نظريا برفعه عاليا لشعار مقاومة الفساد والتطهير. وحين توليتم السلطة تخليتم عن هذا الطرح، بل بعض المتابعين يذهبون بالقول إلى أنكم انخرطتم في المنظومة، ممّا جعلكم لا تختلفون عما كنتم تنادون بعزلهم سياسيا، ومحاسبتهم قضائيا؟
لم نتخل أبدا عن مبادئنا ومواقفنا الوطنية وعلى رأسها ضرورة تفكيك المنظومة القديمة ومكافحة الفساد. الدليل على كلامي هو الثمن الباهض الذي دفعناه ولا نزال في حزب المؤتمر، كذبا وتشويها وادعاء على كل قياداتنا، وعلى رأسها السيد الرئيس منصف المرزوقي بالباطل، الذي لم يأتوا عليه يوما ببرهان،
هذه الحملات التي لم تنقطع يوما ضدنا، يقودها أصحاب المال الفاسد من الذين أفقدتهم الثورة السلطة والاعتبار. وبدأنا في تجفيف منابعهم، فطفقوا يكيلون إلينا التهم عبر تأجير عصابة من مرتزقة الاعلام، الذين باعوا أقلامهم وذممهم بثمن بخس..
.لقد بلغ بهم الحقد الى حد الزج باسمي في قضايا فساد مالي بل ان احد مواقعهم الافتراضية روج لامتلاكي حسابا بنكيا في مملكة البحرين ... شعارهم في ذلك ما قاله وزير اعلام المانيا النازية "غوبلز" : "اكذب اكذب حتى يصدقك الناس"
من ناحية البراهين العملية والمادية على تصدينا لهم عملا لا قولا، هو ما أنجزناه في الوزارة من استرجاع لآلاف الهكتارات (حوالي 80 الف هكتار) من الاراضي الدولية الفلاحية الخصبة، والتي أسندت لفاسدين زمن المخلوع بالولاء والمحاباة جزاء جليل خدماتهم وتواطئهم مع نظامه البائد..
كما أن حرصنا على تفعيل مصادرة أملاك العصابة الحاكمة، وإرجاعها الى ملك الدولة وخزينتها العامة ،تؤكده قرارات وأرقام في متناول كل من أراد اثباتا على ما ندّعي.
ثم ان احالتنا لآلاف الملفات الى القضاء، وتثبيتنا لقواعد الشفافية والحوكمة الرشيدة للتصرف في الملك العام، تشكل كلها أدلة دامغة على تمسكنا بنهج الإصلاح، وتحقيق أهداف الثورة..
هذا دون أن يفوتنا التذكير بمشروع القانون الذي تقدمت به رئاسة الجمهورية آنذاك (المرزوقي) في خصوص "الإثراء غير المشروع"، والذي لا نتوقع أن يرى النور مع عودة المنظومة القديمة اليوم الى الحكم.
بعض المصادر تشير بأن هناك مبالغ مالية هامة رصدت من الخارج للتنمية، وتحديدا من بعض دول الخليج استفدتم منها لحسابكم الخاص، تحت عباءة حزب "المؤتمر من أجل ألجمهورية"، عبر تأسيس العديد من الجمعيات الموالية لكم، كواجهة من أجل تبيض الأموال ضمن غطاء قانوني؟
هذا يندرج في إطار حملات التشويه وقلب الحقائق، لكي يقول عنا الشعب بأننا نستوي في الفساد مع من قامت عليهم الثورة. حتى إذا كان لهم ما أرادوا وتزعزعت فينا ثقة سواد الناس، انقلبوا عليها (أي الثورة) بأحد الصندوقين : صندوق الرصاص أو صندوق الاقتراع..

ما حقيقة ما يقال أنكم تلقيتم تموينا لحزبكم "المؤتمر من أجل الجمهورية" في شكل دعم لمقرّكم القديم، من طرف منظمة " المجموعة العربية للتنمية والتمكين الوطني"، هذه المؤسسة الموجودة بجينيف، والتي تحوم حولها الكثير من الشبهات، خصوصا أن من يترأسها هو الفلسطيني محمد يحي شامية أحد أتباع محمد دحلان. وبالتالي فهي واجهة خلفية
ل"محمد دحلان" بكل تفاصيل ما قيل ونشر وكتب حول هذه الشخصية من حقائق مثيرة؟
حزب المؤتمر ورئيسه الشرفي المنصف المرزوقي معروفان بالولاء والانحياز التام، منذ بيان التأسيس الى قضايا الأمة، وتبني مطالبها المشروعة في التحرر والوحدة والكرامة..
الجهة التي أشرت إليها معروفة الولاء أيضاً، ولكن إلى الضفة الأخرى المذعورة من الربيع العربي ومن مشروع الأمة في التحرر والكرامة.
نحن إذن نقيضان، بل ضدان لا يلتقيان مبدأً ومصلحة، وتبقى البينة على من كابر وادعى.
فحزب المؤتمر لا يعتمد على أي تمويلات أجنبية، وهو أمر مخالف لقانون الأحزاب، بل أنني لست أذيع سراً إذا قلت بأن السبب الرئيسي في تراجعنا كقوة انتخابية، (لأننا لا نزال قوة سياسية ضاربة ويحسب لها ألف حساب)، يكمن في ضعف مواردنا المالية مقارنة بالأطراف الفائزة والتي تحوم حول أغلبها شبهات المال السياسي، والتمويل الأجنبي.
أم زياد – عبد الرؤوف العيادي – محمد عبو – عبد الوهاب معطر – سمير بن عمر –..هؤلاء من القيادات التاريخية استقالوا كلهم، يضاف إليهم "عزيز كريشان" وغيرهم، وهناك من يقول أنهم دفعوا للاستقالة للتخلص من حجمهم ووزنهم، كي يستند الحزب على البعد الجهوي والعائلي، ويتخلص من المساءلة، والمراقبة، يضاف الى ذلك الاستقالة الجماعية الأخيرة ل15 عضوا، أغلبهم رؤساء مكاتب، والذين أعلنوا امتعاضهم الصريح، من غياب الشفافية المالية وظاهرة الاقصاء والانغلاق والولاءات، وعدم وضوح الرؤيا.. ألى تثير مثل كل هذه الانشقاقات التساؤل والاستفهام، حول سير دواليب الحزب عند انطفاء الأنوار؟
الاستقالة في الأحزاب أمر طبيعي، ولكل واحد ممن ذكرت دوافعه وحساباته واعتباراته الشخصية، أستثني من الوصف الاستقالات الأخيرة لكل من السادة "عبد الوهاب معطر" "سمير بن عمر"، والسيدة "سهام بادي"، الذين استقالوا من المكتب السياسي لا من الحزب، وذلك في إطار ترسيخ قيم التداول على المسؤولية، وضخ الدماء، وسيُسجل لهم التاريخ صمودهم ومبدئيتهم وتواضعهم وتنازلهم.
أما الاستقالة الجماعية الأخيرة ل15 عضو، فلا تعدو أن تكون زوبعة في فنجان، حيث أغلبهم من فاقدي العضوية ومن المستقيلين فعليا وقانونيا منذ مدة. غير أنهم أرادوا ركوب الحدث والظهور بمظهر القياديين البارزين، الذين ستزلزل الأرض من تحت الحزب بإعلان استقالتهم. فلا علاقة لهم بما ادعوه من غياب الشفافية، حيث حساباتنا المالية منشورة لدى دائرة المحاسبات، ولا إقصاء إلا لمن أقصى نفسه، حيث المجلس الوطني هو أعلى سلطة بعد المؤتمر العام، تُتخذ فيه القرارات والتوصيات الملزمة للمكتب السياسي بالتصويت وفي احترام كامل لقواعد الديمقراطية، قلا ولاء إلا لمبادئ الحزب ومرجعيته الجامعة بين الأصالة والحداثة، فيما هي تكريس للسيادة الشعبية وحقوق الانسان والمواطنة الحقيقية.
وحول مسألة وضوح الرؤيا لدى حزبنا فأجزم بأنها ساطعة، للناظرين بعين الإنصاف والموضوعية، من خلال مرجعيته وتاريخه وتحالفاته ومواقفه من مختلف الاشكاليات الدستورية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية، كما من جملة القضايا والسياسات الاقليمية والدولية.
كيف كان تعاملكم في الوزارة مع رفقاء الدرب وأصدقاء المنفى، ونخص بالذكر الدكتور "منذر صفر"، الذي الحقتموه بالوزارة بخطة مستشار، والذي يذكر بعض الإداريين أنكم ضحيتم به في قضية "البنك الفرنسي- التونسي" وتنصلكم من المسؤولية القانونية والأخلاقية، حتى أصبح مطلوبا وصادرة في شأنه بطاقة جلب، وهو من هو الحقوقي والمدافع الشرس عن اللاجئين السياسيين سنوات الجمر؟
أولا، لم أتعامل في الوزارة بمنطق الغنيمة أو المكافأة التي أوزعها على الأصدقاء بل من منطلق التكليف والمسؤولية الوطنية والحضارية.
فوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية هي أيضاً وزارة المظالم العقارية والتجاوزات، بل الانتهاكات الخطيرة التي طالت، زمن الاستبداد، حق الملكية الخاصة كحق أساسي وطبيعي من حقوق الانسان.
استعنت بصديقي الدكتور "منذر صفر" وعينته مستشارا معي، لما له من خبرة في معالجة المظالم على الصعيد العالمي، ولما له من خصال وما يحمله من مبادئ ثورية وحقوقية، يشهد بها القاصي والداني،
غير أن مشاعره الإنسانية الفياضة، وحماسه وتعاطفه "المبالغ فيه" مع أصحاب المظالم أو من يظهرون للناس بهاته الصفة، قادته لكي يرتكب خطأ إداريا فادحا في الملف الذي ذكرته، أي قضية "البنك الفرنسي-التونسي"، مما استوجب إحالته (أي الملف) إلى القضاء، من منطلق المسؤولية القانونية، وليس تنصلا أو تضحية بصديق كما ذكرتم، إذ جُبِلت على أخلاق الوفاء للأصدقاء، وذلك نظرا لخطورة التداعيات المحتملة على الدولة التونسية. المسألة اليوم مطروحة أمام القضاء التونسي، وليس للدكتور" منذر صفر" إلا أن يستجيب للمساءلة وللشهادة التي استجبت لها شخصيا، حتى تتحدّد المسؤوليات وينال كل ذي حق حقه.
.الملاحظ أنكم خلال فترة حكمكم مع الترويكا، وبعد خروجكم من السلطة، لم ترفع قضايا مالية ضد أي وزير نهضاوي، في حين أن بعض عناصر حزبكم التي اعتلت السلطة مرشحة كما يبدو للمثول أمام المحاكم، فمن هنا عبد الوهاب معطر، ومن الجهة الأخرى "سهام بادي"، دون اختزال الأقاويل والشبهات المالية حول المجموعة التي كانت تحيط بالرئيس السابق منصف المرزوقي بقصر قرطاج، والتي تلوّح بعض الجهات بمقاضاتها فبماذا تفسر ذالك؟
.لقد كان وزراء حزب المؤتمر وزراء ثورة داخل حكومة ائتلافية لم تتجانس الأحزاب، المشكلة لها في تحديد الأولويات وفي سقف الخيارات الثورية، التي كانت منخفضة جداً لدى بعض مكوناتها،.
لذلك توجهت ضدنا السهام في الحكم وبعده، ولا يزال البعض يحلم بقطع رؤوسنا تشفيا وانتقاما..
فقد سمع العالم بفضيحة الفيديو المفبرك، المبثوث من طرف المنشط "حمزة البلومي" ضد الرئيس السابق، والذي أعقبه تصريح للمستشار السياسي للرئيس الحالي (القادم من رحم المنظومة القديمة)، والذي يطالب فيه بمحاكمة المرزوقي، الذي سيذكر له التاريخ أنه تصدى لمحاولات الانقلاب على الشرعية مصرا على الاصلاح الجذري، رافضا الاستقالة حيث يذكر الجميع قولته الشهيرة "لن اسلم مفاتيح القصر إلا لرئيس منتخب"
قضية الاعلامي" سمير الوافي" مع رجل الأعمال "حمادي الطويل" ذكرت فيها كشاهد، وبعض النقابات الأمنية تتهمك مباشرة بالتورط في هذا الملف، فما هي الحقيقة ولماذا لا ترفع قضية في من يتهمونك بالباطل، إذا كان الاتهام اللفظي لا يستند الى حجج، خصوصا وأنك رجل قانون؟
الحقيقة هي أنه لا علاقة لي بقضية الإعلامي "سمير الوافي" التي تم الزج باسمي فيها، أما من طرف هذا الاخير والذي برّره بأغراض السبق والاستقصاء الصحفي، أو من طرف عصابات فساد وخصوم سياسيين يريدون فبركة أي شيء لإدانتي، (كحد أقصى) وتشويه سمعتي والنيل من شرفي (كحد أدنى)، جاهلين أو متجاهلين أن الصلاحيات القانونية المخولة لي بصفتي وزيرا لأملاك الدولة سابقا، لا تسمح لي بالتدخل في موضوع رجال الأعمال الفاسدين، الذي يبقى اختصاصا حصريا للقضاء، أو للجنة المصادرة كلجنة مستقلة..
شرحت هذا الامر عشرات المرات ولكنهم يصرون على كذبهم لأنه الرزق الذي منه يرتزقون، مصداق الآية الكريمة "ويجعلون رزقهم أنهم يكذبون".
في مسألة مقاضاتهم، أصدقك القول بأنني منشغل عن نباحهم بقضايا أهم بكثير مما يحاولون صرف أنظارنا إِليه، البحث العلمي ونشر الوعي بالحرية والثقافة الديمقراطية والنضال، من أجل تنزيل مبادئ دستور ثورة الحرية والكرامة، الذي كان لي شرف الإسهام في كتابته. هذه هي المعارك الحقيقية التي أواصل اليوم من موقع المواطنة الإيجابية والمعارضة المسؤولة القيام بها..
سيسجل التاريخ والكتاب المقروء يوم الحساب لكل واحد فينا حظه من الكسب في هذه الحياة الدنيا، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون..
"شعب المواطنين"، الذي لوّح الدكتور "منصف المرزوقي" ببعثه على إثر الانتخابات الرئاسية في الدورة الثانية، بدا كحلم كبير ثم سرعان ما تهاوى، والمتابعون بدقة وكذلك الذين انخرطوا فيه منذ البداية من شخصيات وأحزاب، والذين انسحبوا، يعتبرون أن الدائرة الضيقة المحيطة ب"المرزوقي"، هي من سعت الى وأد هذا المسعى، وأفرغته من كل أمل طموح في أن يكون فضاء تجميعي، وحراكا يساهم في تغيير المشهد الحالي؟
شعب المواطنين هو ديناميكية ثورية دائمة ما دامت ثورة شعبنا ... انه الحراك المواطني في كل تجلياته واتجاهاته ... مبادرة المرزوقي كانت نداء متوجها نحو الضمائر والعقول والقلوب المتوهجة بأنوار الثورة المقدسة، لكي تشارك كلها في صناعة الانسان الجديد، الذي تعمل الثورة المضادة ليلا نهارا على إجهاضه جنيناً لم يولد بعد،.
إنها بهذا المعنى مشروع ميتا-حزبي والانتصار فيه قدرٌ مقدور. بمفعول اتجاه حركة التاريخ، نحو التمكين للحرية والكرامة والسيادة الحقيقية على قراراتنا. وثرواتنا.
يمكن أن تُعطل نرجسيات بعض المحيطين بالمرزوقي تشكل هذه الديناميكية، أو تفسد متعة الانخراط فيها لبعض الوقت، ولكن المسيرة ستتواصل، لأنه تيار هادر، بل نهر عظيم متدفق يتسع لكل الأحرار الأوفياء، ويستجيب لتطلعات الملايين من المحبطين والمهمشين..
إنه مشروع صناعة الأمل والإصرار على الانتصار ولو كره الكارهون ... فهلمّ معاً الى الحراك نضع فيه لبنة تكون لنا أثرا نُباهي به بين الأمم، ويُفاخر به الأبناء والأحفاد بعد طول عمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.