ما هو الجديد الذي حملته سنة 2009 بالنسبة لأوضاع حقوق الإنسان في تونس ؟ هذا السؤال حاولت أن تجيب عليه الندوة المنعقدة في باريس بمشاركة منظمة صوت حر واللجنة العربية لحقوق الإنسان و جمعية التضامن التونسي مساء يوم السبت 19 ديسمبر 2009. وقد حضرها ممثلو الجمعيات التالية
*جمعية حرية و انصاف الرئيس الاستاذ محمد النوري *جمعية الصحفيين التونسيين(الشرعية) عضو مكتبها الاستاذ لطفي حجي *الحملة الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين الاستاذ علي بنعرفة *منظمة صوت حر الدكتور نجيب العاشوري *منظمة المهجرين التونسيين عضو مكتبها الاستاذ سليم بن حميدان *اضافة الي بعض الشخصيات الوطنية مثل الدكتور منصف المرزوقي و الاستاذ عبد الوهاب معطر.
وقد ترأس الندوة الدكتور نجيب العاشوري رئيس منظمة صوت حر وتوزعت الكلمات بين 6 متدخلين حسب محاور تقويمية لسنة 2009. المحور الأول هو قضية سجين الرأي الدكتور الصادق شورو الرئيس الأسبق لحركة النهضة الذي اعتبره الأستاذ علي بن عرفة أقدم سجين بقي أطول مدة في السجن منذ الاستعمار وان إعادته إلى السجن لمجرد حوار مع قناة فضائية هي رسالة تخويف وتركيع إلى كل من يرفع رأسه ويريد تحطيم الاستبداد وان مواصلة سجنه هو مواصلة في مشروع الاعتداء على حرية التعبير وان حركة النهضة التي ترأسها الدكتور الصادق شورو قد تعرضت إلى مشروع استئصالي لكنها صمدت لأنها حركة أفكار وان الاختلاف داخل الفضاء التونسي هو تنوع ايجابي وان تونس لكل أبنائها. وطالب السلطة بالإفراج عن سجين الرأي الدكتور الصادق شورو ودعا المنضمات الحقوقية ومناضلي حقوق الإنسان إلى الدفاع عن سجين الرأي الدكتور الصادق شورو الذي اعتبره مانديلا تونس. المحور الثاني هو معركة الإعلام فقد تصاعدت وتيرة الانتهاكات خاصة بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة بشكل غير مسبوق، فشهدت البلاد اعتقالات وأحكاما جائرة واعتداءات جسدية ومعنوية خطرة، وكلها تتناقض تناقضا صارخا مع أهم مبادئ وبنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تلتزم به الحكومة التونسية وخاصة المادة 19 التي تنصّ على أن لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل او ضغط. وقد تحدث فيه الصحفي لطفي ألحجي الذي ذكر ان في تونس معركة الصحفيين هي من اجل معركة استقلال الفضاء الإعلامي ويخوضها الصحفيون رغم ما يتعرضون له من اضطهاد وصل حد الاختطاف والتعنيف والسجن. وركز على ازدواجية السلطة في التعامل مع الصحفيين بين التنظير والممارسة فالسلطة قد أمضت على كل المواثيق التي تحترم حرية الصحفيين ولكنها في الواقع تمارس عليهم الرقابة والممنوعات وذكر إحدى الطرائف انه في سنة 1995 تأخرت مجلة حقائق عن الصدور فهاتف رئيس التحرير مصلحة في وزارة الداخلية فأعلمته أنها منعت صدورها لوجود كلمة نهضة في إحدى المقالات رغم أن المقال لا يتحدث عن حركة النهضة. وقد واصلت السلطة محاولة خنقها لأي مشروع إعلامي مستقل، وفيما تنام في رفوف وزارة الداخلية عديد طلبات صحف مستقلة وأيضا محطات إذاعية ، تعمل السلطة على الإجهاز على أي مشروع إعلامي مستقل أو مخالف يفكر في الولادة فلا تكتفي بعدم منح صاحبه وصل الإعلام المنصوص عليه في مجلة الصحافة بل تذهب إلى حد تشميع مقر مراسليه إذا كان مقره الأصلي خارج البلاد. واعتبر أن تصور السلطة للإعلام لا يخرج عن الإطار الدعائي وتعتبره مكملا لعمل الحكومة أما الصحافيين فان معركتهم هي من اجل الحرية والاستقلال لفضاء الإعلام. المحور الثالث هي أوضاع حقوق الإنسان والتي اعتبرها الأستاذ عبد الوهاب معطر قد تردت في هذه السنة رغم أنها سنة انتخابات ولكنه شكك في هذه الانتخابات وقال أن السلطة تعمل على تدمير كل تطور سياسي وقيمي في تونس. واعتبر أن هذا التصعيد في القمع ضد المعارضين يدخل في إطار الإعداد لمعركة الخلافة. المحور الرابع ركز فيه الاستاذ محمد النوري على استشراف المستقبل واعتبر ان تطور الأوضاع نحو الأفضل لا يكون إلا بخوض معركة استقلال القضاء الذي توظفه السلطة لضرب خصومها السياسيين واعتبر ان معركة استقلال القضاء ومعركة الإعلاميين يكملان بعضهما البعض. وقال الاستاذ النوري إن القضاء هو آلة الجريمة التي يستعملها النظام ضد السياسيين والحقوقيين. أما موقفه من الحوار مع السلطة فشدد فيه ان السلطة ترفض الحوار الآن ولكن على المعارضين وخاصة الإسلاميين أن يسعوا من اجل إيجاد مثل هذا الحوار. المحور الخامس ركز فيه الأستاذ سليم بن حميدان على توضيح المظلمة المسلطة علي المهجرين وقال إن المهجر يحمل ويسطر ملحمة نضالية وكذلك يحمل في وجه من الوجوه مأساة إنسانية وقال إن الدستور التونسي يمنع التهجير ولكن السلطة تمارسه وان الحل لهذه القضية هو طي ملفها. وكانت الكلمة الأخيرة للدكتور المنصف المرزوقي الذي شدد على أن الدولة في تونس استولت عليها عصابات من الحق العام وان الحل في تونس من اجل تغيير أوضاعها لا يكون إلا بالمقاومة السلمية في إطار جبهة موسعة ضد الاستبداد وانه لا يرفض الحوار مع الوطنيين من اجل مصلحة تونس.