أمران لا ثالث لهما نقدّر أنّ الرّئيس السّابق الدّكتور المنصف المرزوقي يغبط فيهما اليوم ولا نقول يحسد الشّيخ راشد الغنّوشي ويودّ لو أنّه أوتيهما هو أيضا.. *الأمر الأوّل "شعب" النّهضة أي القاعدة الجماهيريّة والشّعبيّة الواسعة لحركة "النّهضة" وبخاصّة منها قاعدتها الشّبابيّة الّتي أوشكت أن ترجّح كفّته وتمكّنه ثانية من الفوز ديمقراطيّا بمنصب رئيس الجمهوريّة خلال انتخابات 2014 لولا أنّ عامل "الانضباط" لتوجّهات القيادة قد حسم "الأمر" في آخر لحظة.. *أمّا الأمر الثّاني فهو بالتّأكيد جائزة مؤسّسة "جمانالا بجاج" لنشر القيم الغانديّة خارج الهند الّتي فاز بها مؤخّرا وفي نسختها الأربعين الشّيخ راشد الغنّوشي وتسلّمها نهاية الأسبوع الماضي وسط حفل أكاديمي وسياسي كبير انتظم بمدينة مومباي الهنديّة.. أمّا إذا ما أردنا أن نصنّف "الأمرين" بحسب الأهميّة والقيمة والدّلالة بالنّسبة للسيّد المنصف المرزوقي فإننا سنجازف بالقول بأنّ الدّكتور المرزوقي ربّما سيظلّ يغبط الشّيخ راشد الغنّوشي أكثر ما يغبطه على نيله جائزة غاندي الدّوليّة المذكورة (جائزة "جمنالا بجاج" لنشر القيم الغانديّة خارج الهند) ذلك أنّ الرّجل (الدّكتور المرزوقي) الّذي طالما ردّد ولا يزال بأنّه يعتبر نفسه "تلميذا لغاندي ولمنديلا" سيبقى ولا شكّ "يحلم" بأن تكون هذه الجائزة الهنديّة الدّوليّة المرموقة وذات المصداقيّة من نصيبه في يوم من الأيّام.. على أنّ السّؤال الّذي يطرح نفسه هنا هو ذاك الّذي يقول لماذا "ذهبت" جائزة مؤسّسة "جمنالا بجاج" لنشر القيم الغانديّة خارج الهند إلى شخصيّة تونسيّة فكريّة وسياسيّة مناضلة اسمها راشد الغنّوشي وليس للرّئيس السّابق المناضل الحقوقي الدّكتور المنصف المرزوقي؟ للإجابة عن هذا السّؤال لا بدّ في رأينا أن نستحضر ولو بشكل مخلّ ولا نقول سريع جوانب من سيرة وشخصيّة المهاتما غاندي نفسه وليس فقط فلسفته وأسلوبه في النّضال من أجل استقلال الهند والّذي أساسه وجوهره كما هو معلوم الأخذ بالأساليب السّلميّة ونبذ العنف.. علينا أن نفعل هذا لأنّنا من خلاله فقط يمكن أن نفهم ربّما لماذا أسندت مؤسّسة "جمانالا بجاج" الهنديّة جائزتها للشّيخ الغنّوشي هذا العام وليس للمرزوقي مثلا أو غيره من الشّخصيّات السّياسيّة والأكاديميّة في العالم.. هكذا "يفهم" المرزوقي غاندي.. بداية دعونا نقول أنّ الرّئيس السّابق الدّكتور المنصف المرزوقي الّذي يردّد دائما بمناسبة وحتّى بغير مناسبة أحيانا أنّه يعتبر نفسه "تلميذا" لغاندي ولمنديلا في إشارة منه على ما يبدو إلى أنّه شخصيّة سياسيّة مناضلة وقف ضدّ ديكتاتوريّة نظام بن عليّ يبدو بالفعل مرشّحا ولو بنسبة لأن يحظى بشرف الفوز بجائزة مؤسّسة "جمنالا بجاج" الدّوليّة لنشر القيم الغانديّة خارج الهند.. ذلك أنّ رصيده النّضالي الحقوقي والمدني السّلمي في مواجهة ديكتاتوريّة نظام المجرم بن عليّ معلوم ولا يستهان به في الحقيقة.. على أنّ ما يكون قد خفي عن الدّكتور المرزوقي أنّه لا يكفي أن تكون مناضلا لكي تفوز بهذه الجائزة الدّوليّة الهنديّة الهامّة والمعتبرة و"النّوعيّة" وأنّ المؤسّسة الأكاديميّة القائمة على إسناد هذه الجائزة لديها بالتّأكيد "معايير" أخرى مضافة تعتمدها في إسنادها.. معايير تتجاوز في ذاتها البعد النّضالي/السّياسي البسيط الّذي هو في المتناول عموما وتكون "مستوحاة" في جانب منها من المزيج "الأخلاقي والرّوحاني" النّادر الّذي قدّت منه وفي العمق المسيرة النّضاليّة العظيمة والنّوعيّة للمهاتما غاندي.. ربّما يكون مؤلّف كتاب "غاندي والإسلام ومبادئ اللاّعنف والتّمسّك بالحقّ" الصّادر مؤخّرا (مارس 2016) عن مؤسّسة "طابة" بدولة الإمارات العربيّة الدّكتور كريم النجّار والّذي نقله من الانقليزيّة إلى العربيّة الدّكتور محمّد سامر الستّ.. ربّما يكون يشير إلى هذا المعنى تحديدا إذ يقول "في المقام الأوّل أعتقد فيما أراه رؤية جوهريّة أنّ غاندي في الأساس لم يكن شخصيّة سياسيّة كما هو فهمنا للمصطلح اليوم ثمّ انّه لم يحمل صفة سياسيّة ولا انتخب لمنصب سياسي قطّ ولا يعني هذا أنّ غاندي لم يخض في السّياسة إذ أنّه بطبيعة الحال خاض غمارها.." وذلك قبل أن يضيف "وانطلاقا من هذا فإنني أرى أيضا أنّ حركة الاستقلال الّتي رسم غاندي معالمها لم تكن في الأصل كفاحا سياسيّا بل كانت نضالا روحيّا وأخلاقيّا.." نعتقد جازمين هذه المرّة أنّ مؤسّسة "جمنالا بجاج" لنشر القيم الغانديّة في العالم وهي تمنح جائزتها الدّوليّة هذا العام للشّيخ راشد الغنّوشي تحديدا إنما كانت "تستبطن" فيما تستبطن هذا المعنى الّذي ورد في كلام مؤلّف كتاب "غاندي والإسلام ومبادئ اللاّعنف والتّمسّك بالحقّ" والمتعلّق أساسا "بالبعد الرّوحي والأخلاقي" في مسيرة غاندي الكفاحيّة والسّياسيّة.. لا نريد أن تتحوّل هذه الورقة إلى موضوع إشادة بالمسيرة النّضاليّة الشاّقّة والطّويلة لرئيس حركة النّهضة الشّيخ راشد الغنّوشي لا فقط على صعيد اقتلاع حقّ فريق من التّونسيّين في الممارسة السّياسيّة السّلميّة والمتمدّنة من منطلق المواطنة وإنما أيضا وربّما أساسا في التّمكين للتّجربة الدّيمقراطيّة الوليدة في تونس والنّأي بها عن "خيارات" العنف والإقصاء.. علما أنّ منح مؤسّسة "جمنالا بجاج" جائزتها الدّوليّة للشّيخ راشد الغنّوشي الّذي قال وهو يتسلّمها أنّه يهديها للشّعب التّونسي بمختلف مكوّناته والى ضحايا الاستبداد الّذين أناروا طريق الحريّة بدمائهم وأرواحهم.. وأنّه سيتبرّع بكامل المبلغ المالي للجائزة لمنظّمة الهلال الأحمر التّونسي قابله بعض المتأدلجين على شبكات التّواصل الاجتماعي بتعاليق تقطر كالعادة حقدا إيديولوجيا وسياسويّا تافها وغير مبرّر.. أمّا أولئك الّذين رحّبوا بحصول الشّيخ راشد الغنّوشي على هذه الجائزة الدّوليّة النّوعيّة الّتي تحمل اسم غاندي وعبّروا عن ذلك على شبكات التّواصل الاجتماعي فكان من بينهم شخص قال في تدوينته أنّه يهودي تونسي وأنّه يتوجّه بالتّحيّة للشّيخ راشد ويهنّئه بالجائزة ويقول له أنّه يستحقّها فعلا وعن جدارة مصدر الخبر : الصباح التونسية a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=29719&t=جائزة غاندي الدّوليّة.. "حلم" بها المرزوقي.. وفاز بها الغنّوشي &src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"