كان العالم العربي على حافة بركان من المطالب الشعبية التي رفعت سقفها إلى المطالبة بإسقاط الأنظمة، إحترق البوزيدي و هرب بن علي في تونس، إعتصم المواطنون برابعة و ووجهوا بمعركة الجمال أسرعت بتنحي مبارك، نعت القذافي الليبيين بالجردان فثم قتله كالجرد، ثورة في اليمن أسقطت علي صالح، و دمار في سوريا لا زال يحصد الأرواح لحد الأن، في المغرب كان الموعد 20 فبراير 2011 لخروج الجماهير الشعبية و المطالبة بالحرية و العدالة و الكرامة الإجتماعية دون نسيان الديمقراطية، نداء إنتشر كالنار في الجحيم على مواقع التواصل الإجتماعي نشر الخوف و الرعب في صفوف المغاربة بعد ربطهم النداء بما يحدث في المحيط العربي، فبدأ كل مواطن يفكر في الوضع من موقعه ، هناك من سحب أمواله من الأبناك أخرون حزموا أمتعتعم للرحيل و سياسيون إلتزموا الصمت أمام عاصفة لم يكونوا يعرفوا مدى قوتها و نظام تلقى الدروس و العبر من الماضي و قرر أن يروض المحتجين بطريقته الخاصة، و نحن كنا من بين المواطنين الذين اختاروا الصمود و النضال و مقاومة أي انفلات قد تجرفه رياح الربيع و تتحول لإعصار مدمر، فاخترنا الملكية كخط أحمر لا يمكن المزايدة عليها و سوقنا للاستثناء المغربي و خلقنا حركة اعتبرت آنذاك السياسيين و النقابيين السبب الرئيسي في الوضع المزري الذي يعيشه المغاربة و خرجنا بمطلب محاسبة الأحزاب و النقابات التي رسخت للفساد و الإستبداد فكان ردها عنيفا ضد مناضلينا في كل من الرباط و الدار البيضاء و بدل توجيه المدفعية نحو المطالبين بإسقاط النظام السياسي فقط وجهت مدفعية أخرى نحونا بأسلوب الإلتفاف على المشروع المجتمعي الذي صنعناه من قلب الشعب المبادر و إقحام أشخاص في الدينامية لا يتجاوز دورهم البهرجة و الصراخ بحياة الملك و تأسيس جمعيات تحمل نفس الإسم للحركة لتدمير صورتها و تشويهها و اعتبارها حركة عياشة فقط، و ظهر اشخاص متطفلين يتبنون هنا و هناك تأسيس الحركة بنفس التاريخ الذي أسسنا فيه حركتنا المجيدة بأحد المقاهي بشارع 2 مارس بالدار البيضاء و أول ما قمنا به هو الرد على مقال منشور بجريدة إسبانية منسوب للأمير الأحمر إبن عم الملك ثم صياغة مشروع مجتمعي يتجاوب مع أهداف الحركة و رؤيتها للوضع العربي. اليوم تحل الذكرى السادسة للحراك بالمغرب و للدينامية التي جاءت بها حركة 20 فبراير و بعدها خطاب 9 مارس و تعديل الدستور و الإستفتاء عليه و الوعود بإصلاحات جذرية تضمن الحقوق لكل المواطنين و جاءت انتخابات مبكرة جعلت الإسلاميين بخطابهم يحصدون المرتبة الأولى و بذلك يترأسون أول حكومة بدستور كنا نمني النفس أن يحمل معه التغيير المنشود و تحقيق المطالب الشعبية التي تم التعبير عنها في الشارع لكن للأسف تم الإلتواء على كل المطالب المعبر عنها و على دستور لم يجلب معه سوى انتهازيين جدد جعلوا من الربيع المغربي مطية للركوب على الوجدان الشعبي و على كرسي الحكومة لولايتين كأنها صفقة مسبوقة الدفع لامتصاص عضب الشارع و تذويب الجليد ما بين جيل يعتبر المنصب السياسي إرثا عائليا لا يجب الإستغناء عنه و جيل يعتبر المنصب السياسي منصبا يخدم المصالح العليا للوطن و المواطنين و يجب التداول عليه دمقراطيا و ليس بالتوريث.
في ذكرى ربيع فبراير المغربي اتسعت الهوة بين بسطاء الشعب و أغنيائه، تدهورت خدمات المؤسسات العمومية، تاه التعليم عن عنوانه، و استقوى ناهبو المال العام على الجميع و جرد فيها قضاة من مناصبهم و حرموا من إيجاد لقمة عيش أخرى لأنهم فتحوا أفواههم و قالوا كلمة حق، طحن محسن فكري في شاحنة لجمع القمامة مع رأس ماله من السمك، و شرعن الفاسدون ثرواتهم باسم قانون المساهمة الإبرائية الذي يضمن كتمان الهوية ما يجعل عملية استرجاع المال المنهوب و محاربة الفساد و محاكمة الفاسدين مستحيلا بل بالعكس في الذكرى السادسة لربيع فبراير أستطاع الفساد ترويض محاربيه و لم يفقد أي شخص منصبه ة وضع المغاربة مصيرهم بين أيدي نفس الوجوه التي عمرت في السياسة لعقود باسم الانتخابات و الديمقراطية لنتساءل هل بالفعل رياح الربيع العربي زارت المغرب في فبراير 2011 أم أن هناك ربيعا أخر سيزورنا قريبا.