بنزرت الجنوبية: محتجون يغلقون الطريق الوطنية بعد حادث مرور    اليوم خسوف للقمر: شنو الأدعية المستحبّة وقتها؟    الداخلية: احالة صيغة محينة لمشروع القانون الأساسي للعمد على رئاسة الحكومة لاستكماله ونشره بالرائد الرسمي    مركز الأزهر يحذر: كيف تحمي أولادك من مخاطر ''لعبة روبلوكس''    سليانة: حملة تحسيسية توعوية حول مخاطر السياقة تحت تأثير الكحول    ديوان الحبوب: بامكان الفلاحين "مقايضة" جزء من محاصيل القمح "ببذور مثبتة" حتى 31 ديسمبر 2025    الدورة الرابعة للصالون الدولي للسياحة والعمرة يومي 12 و13 سبتمبر الجاري بالعاصمة    رئيس الوزراء الياباني يعلن استقالته    عاجل: زلزال يضرب منطقة مأهولة والسكان يحسون به    تصفيات مونديال 2026: نيجيريا تتغلب على رواندا وتحافظ على آمالها في التأهل    وزارة التجهيز والاسكان تعلن عن فتح مناظرة خارجية بالاختبارات لانتداب معماريين أول بسلك معماريي الادارة    هل تونس على موعد مع تقلبات جوية قوية عشية اليوم؟ إليك التفاصيل!    لوحة "لا تقوم إلاّ على خيط" لكوثر الجلازي بن عياد تطرح التناقضات الكامنة في شخصية الإنسان    الكاف: الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي يخصص 5600 مساعدة اجتماعية لفائدة التلاميذ والطلبة    شنوما التحاليل اللي ضروري تعملهم العروس قبل الزواج؟    مخزون السدود في تونس يزيد.. المياه أكثر من العام اللي فات... التفاصيل !    وفاة جدة وردة العمري    عرض "باردو بين البارح واليوم" لهشام درويش في افتتاح تظاهرة الحنايا    تونس تشارك من 21 الى 28 سبتتمبر في بطولة العالم للدراجات برواندا بثلاثة عناصر (المدير الفني للجامعة التونسية للدراجات)    الاتحاد الرياضي ببنقردان يعلن عن فسخ عقد لاعبه الشاذلي قاسم بالتراضي    ما تفطرش الصباح وتاكل بالليل؟ عظامك في خطر!    النجم الساحلي ينهزم وديا أمام الكوكب المراكشي 1-2    الداخلية: عمليات مراقبة وتحسيس متزامنة على أسواق الجملة في كافة أنحاء الجمهورية    هل أذكار الصباح فرض ولا سنة؟ واكتشف لماذا لا يجب تفويتها!    الحزب الجمهوري يعبر عن رفضه لمشروع قانون أمريكي حول "استعادة الديمقراطية في تونس"    دولة الاحتلال تحدد شروط إنهاء حرب غزة.. والسلام مع الفلسطينيين    القهوة على معدة فارغة: فايدة ولا ضرر؟ شوف شنوّة يصير للجسم    إيران تبدأ بمحاكمة شبكة تجسس مرتبطة بمعارضين وإسرائيل    هزة أرضية بقوة 4.5 درجات تضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    توقعات الأبراج لليوم: بين الأمل والحذر.. اكتشف ماذا يخبئ لك الأحد    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    بطولة أمريكا للتنس: غرانويرس وزيبالوس يتوجان بلقب زوجي الرجال    بطولة أمريكا المفتوحة للتنس: سابالينكا تتوج باللقب على حساب انيسيموفا    "مايكروسوفت".. كابلاتنا تضررت في البحر الأحمر    صابر الرباعي لفضل شاكر...شكرا لأنكم أعدتم التوازن للأغنية العربية    يسلّط الضوء على الجذور الأولى للصراع الفلسطيني الاسرائيلي: ظافر العابدين يحضر عرض «فلسطين 36» في «تورنتو»    أمطار منتظرة الليلة بهذه المناطق..#خبر_عاجل    «المهاجران» تمثّل تونس في مهرجان «بهولنج» الدولي للمسرح بالهند    نابل: الدورة الخامسة من الصالون الجهوي لنوادي الفنون التشكيلية والبصرية بدور الثقافة    وليد التونسي: دعاء التونسيين كان سندي وعجّل بشفائي    وزارة الداخلية.. الدّولة لن تتخلى عن مسؤوليّاتها في الدّفاع عن حقوق المُستهلك والحفاظ على قدرته الشرائيّة    معرض مشترك    خسوف كلي للقمر في معظم الدول العربية بداية من ليلة الأحد    فيلم ''صوت هند رجب'' للمخرجة التونسية كوثر بن هنية يحصد 6 جوائز مرموقة في مهرجان البندقية    الخطوط التونسيّة تسجّل نتيجة صافية سلبية ب335 مليون دينار في 2021    الزهروني: إيقاف منحرف نفّذ 3 براكاجات في وضح النهار استهدفت نساء    الخبير الاقتصادي العربي بن بوهالي: التضخم في تونس يهدّد الادخار الوطني ويعمّق الفوارق الاجتماعية    عاجل/ تم ضبطهم بميناء حلق الوادي: هذا ما تقرّر ضد أفراد شبكة دولية لتهريب المخدرات    تعرف على برنامج مباراتي الترجي والمنستيري وطاقم التحكيم الإفريقي    عاجل/ تخرّج أوّل دفعة للحرس البلدي..    تونس في مواجهة مصر: تفاصيل اللاعبين والموعد الرسمي للمباراتين    عاجل: صدور نتائج حركة النقل الدورية للابتدائي.. التفاصيل على الرابط التالي    بالفيديو: أضرار فلاحية كبيرة بسبب التبروري في القصرين.. شاهد    غدا.. خسوف كامل والقمر "دموي"    في الذكرى 69 لانبعاثه: الحرس الوطني يجدّد العهد لحماية الوطن.. #خبر_عاجل    عاجل/ أسطول الصمود العالمي يقترب من المياه الاقليمية التونسية    عاجل/ فيروس "إيبولا" يعود من جديد    هيئة الصيادلة تدعم اجراءات المجلس الوزاري المضيق حول المنظومة الدوائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النهضة التي خانت الثورة ولم تحصنها
نشر في الحوار نت يوم 06 - 06 - 2020

كثيرا ما أرى هجمات مجانية على النهضة وكلاما ملقى على عواهنه دون حجة أو إقناع في موضوع حساس جدا عند كثير من الناس وتتكرر صيحات الفزع كلما جد أمر أو تعالت أصوات أعداء الثورة مثلما تفعل "البعرة" هذه الأيام!... يسبون النهضة لأنها حسب رأيهم خانت الثورة وكان أولى بهم أن ينصروا الثورة تحت أي مسمى بدل سب النهضة "الخائنة"! أولى بهم أن ينشروا ثقافة إشعال الشموع بدل لعن الظلام! ...وكما يقول المثل التونسي"راس الهم دادا عائشة"!
الحق أنني كنت كثيرا ما أتحاشى هذا الموضوع كتابة أو تعليقا، ربما مراعاة لشعور بعض الأصدقاء "الثوريين جدا" ولكن وجدتني اليوم أعلق على تعليق فرّغ كل التهم في النهضة التي "خانت الثورة وأعادت التجمع" بعد أن طردته الثورة وشتته.
أعيد نشر التعليق المذكور مع شيء من التعديل الذي يحول بعضه من خطاب لشخص محدد الى كلام عام، وذلك دفاعا عن الوعي والحقيقة لا دفاعا عن النهضة واصطفافا معها في الحق والباطل:
اتهام النهضة بخذلان الثورة والسماح للتجمعيين بالنشاط يقول به كثير من أبناء النهضة ومن هم على أطرافها أو من كانوا معها وليس فقط خصومها ومخالفيها، ولكني أخالف كل من يقول بهذه الاتهامات دون أدلة مقنعة، وأرى أن هذا الرأي حتى وإن كان كثير من أصحابه صادقين غيورين على الثورة وما آلت إليه غير منصفين ولا موضوعيين أو لم يفهموا حجم التحدي الداخلي والخارجي الذي كانت تواجهه النهضة بمفردها، وقد خذلها كل المحسوبين على الثورة بالمزايدة أو بالتخندق مع أعداء الثورة.
وكثير من أصحاب هذا الرأي يصدرون حكمهم ثم يضعون علينا شروطا وحواجزا تمنعنا من التعلل أو الإستشهاد بالتحديات والضغوط التي حملت النهضة على تلك التنازلات أو الأداء الثوري الضعيف، وكأن الفعل السياسي معزول عما حوله من مؤثرات!
ولنا أن نسأل متى ذهبت النهضة للباجي و"التجمعيين" ألم يكن ذلك عندما أصبح "رأسها" مطلوبا، وجلّ أطياف اليسار و"الثوريين" تخندقوا وراء الباجي في "الاتحاد من أجل تونس" واعتصام الرحيل الذي شهر باسم "اعتصام الروز والفاكهة" وتحت شعار واضح ليس هزيمة النهضة انتخابيا فحسب بل استئصالها وإرجاع مناضليها للسحون والمنافي وشطب كل ما جاءت به الثورة من مخرجات ومنجزات ومجلس تأسيسيّ، وبعد أن رميت النهضة عن قوس واحدة؟! ... مع وجوب استحضار الدور الخارجي (الفرنسي والأمريكي أساسا) الذي أراد مشهدا شبه ديمقراطيّ في تونس بنهضة مُقلّمة المخالب وملجمة الأنياب و"ديمقراطية تحت السيطرة" دون السماح بدخول تونس في المجهول والفوضى الشاملة (هذا بناء على تحليل وليس على معلومات للأسف).
هل نسيتم بسرعة التصريحات الإستئصالية من قبيل "لون دمنا أحمر ولون دمهم أسود ودمنا ودمهم لا يتشابهان" كما قال "مرزوق الموازي"... و"نحن في شهر جويلية وهم في شهر رمضان" كما قال شاعرهم أولاد أحمد (...)! ... والحديث عن قتل عشرين ألف إن لزم الأمر من أجل تحرير تونس من "الخوانجية"!
لماذا لا نرى أن النهضة حفظت ما أمكن من مسار الثورة على الأقل بإرساء المؤسسات الضامنة لذلك، وقدمت تنازلات مؤلمة جدا جعلها تُخوّن في نظر كثير من أبنائها ومحبيها فقط حقنا للدماء وإنقاذ ما يمكن إنقاذه رغم كثير من الإخفاقات! ... عملا بقاعدة "ما لا يُدرك كلّه لا يُترك جلّه أو حتى قِلّه"... فالإنجاز منوط بالإستطاعة؟!
هل كان بمقدور النهضة أن تمرر قانون تحصين الثورة ولم تفعل؟ ... هل نسيتم تصريح الباجي وهو في المعارضة حين يقول بكل وضوح وثقة إن قانون العزل السياسي أو تحصين الثورة لن يمر، وتهديده المبطن بالدم؟
ألم تكن المخاطر التي تهدد تونس حقيقية وواقعية، ولو أنها حصلت لكان الوضع اليوم أسوأ بكثير من الوضع الراهن؟ ... ثم أي تحصين هذا الذي يفرضه قانون وهوى جزء كبير من الشعب ضده؟
النهضة ليست مسؤولة وحدها عن حماية الثورة! والأصل أن للثورة شعب مختلف الألوان والمشارب هو بمجموعه مسؤول عن حمايتها!.... وحتى خوف النهضة من المكر الذي أحاط بها فسبب مبرر لما أقدمت عليه من تنازلات، ولا يقول بخلاف ذلك إلا "ثورجي" أو متنطع لا يرى واقعه ولا يقدر الموازنات على أرض "المعركة" أو أرض الفعل السياسي!
كثير من اللائمين على النهضة كأنهم يحاكمون أداءها وسط قرية معزولة عن العالم لا تؤثر ولا تتأثر بما حولها، يدينونها وكأن تونس لا يمكن أن يحدث فيها ما حدث في ليبيا أو اليمن أو سوريا أو مصر أو الجزائر من قبل!
أراها أحكاما متسرعة وغير عادلة وأغلبها لسان أصحابه كلسان بني إسرائيل الذين قالوا لموسى "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون"!
النهضة فعلت وتفاعلت مع واقعها وأصابت وأخطأت وهي لا تملك الأصل التجاري للثورة وليست وحدها مسؤولة عما حدث من إخفاق!
هذا ما أراه وما أنا مؤمن به بعيدا عن أي اصطفاف حزبي، ومنذ بداية "النيران الصديقة" أو المعادية للنهضة في هذا المجال وأنا أحاول أن أسمع أوأقرأ كلما يقع بين يدي من اتهام للنهضة بالخيانة أو خذلان الثورة لأبني رأيا محايدا ولكن لم أجد كلاما مقنعا أو نزيها أبني عليه رأيا يجعلني أقطع بإدانة النهضة واتهامها بخذلان الثورة! ... مع علمي اليقيني بأن موقفي هذا سيلاقي الاتهامات المجانية! ... لكن لا يهم وإنما المهم أن أرى كلاما مفيدا ومعللا لا إفراغا للشهوات والأماني التي خابت أو لم تتحقق! هذا فضلا عن بعض المزايدات التي أعرف أصحابها وأعرف دوافعهم ومنطلقاتهم! ... وكثير منه لو أنه أعطي ما يريد لرضي ودافع عن "الإنجازات"!!
من يريد أن يرى الأمر على حقيقته يجب أن يرى مصدر السهام التي تستهدف النهضة والثورة التونسية، لماذا يتكاتف أعداء الثورات من عُرْب وعجم على ضرب النهضة ووأد الثورة، ولماذا تدفع المليارات فقط لإبعاد النهضة من المشهد؟! ... هل هو فقط العداء للنهضة "الإسلامية الإخوانية" أم عداء كذلك لتجربة ديمقراطية وليدة قادتها النهضة ومازالت حظوظ نجاحها مأمولة رغم العثرات والتردد؟
هم لا يريدون للتجربة الديمقراطية في تونس أن تنجح وهم يعلمون أن لا ديمقراطية في تونس دون النهضة!
وكما أن للثورة التونسية أعداء في الخارج فإن كثيرا من إخواننا العرب يرون فيها عنوان نجاح وأمل شمعة لم تنطفئ! فكما تقيّمون المشهد من الداخل قيّموه من الخارج لتروا أن تجربتنا مازالت على خير رغم الألام والجراح وبعض الخيبات، وبعض من تصدر المشهد ولم يكن قبل الثورة شيئا مذكورا!
والسلام
طه البعزاوي
6 جوان 2020


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.