مركز بحوث وتكنولوجيات المياه بالقطب التكنولوجي ببرج السدرية يحتل المرتبة الثامنة عربيا في مؤشر براءة الاختراع والطلب    مدنين: هيئة السلامة الصحية تكثف عملها الرقابي بمناسبة احتفالات رأس السنة الادارية    بطولة القسم الوطني "ا" للكرة الطائرة: برنامج مباريات الجولة الثامنة    توقّعات الطقس خلال الأيام القادمة حتى 4 جانفي 2026    الكاف: تقدم انجاز موسم البذر للزراعات الكبرى بنسبة 90 بالمائة    باجة: تسجيل 233 مخالفة اقتصادية منذ مطلع ديسمبر الجاري    عاجل: انقلاب شاحنة في باجة وإصابة أربعة أشخاص    عاجل: أوّل دولة استقبلت سنة 2026    ليلة راس العام ....الوطنية 2 تفاجئ التوانسة كالعادة    برج الميزان في 2026: عام إعادة التوازن    أبراج تعيش سعادة غير مسبوقة بداية من آخر يوم فى 2025...انت منهم ؟    عاجل: تونسي يسرق'' 10 حكك تن'' من مغازة في بولونيا ... قرار بالترحيل في 24 ساعة    هام/ الديوان الوطني للمناجم ينتدب..#خبر_عاجل    بحضور عدد من الوزراء: انطلاق جلسة عامة لمناقشة جملة من مشاريع القوانين    وزارة الفلاحة توصي الوافدين على تونس بالامتناع عن جلب النباتات والمنتجات النباتية    2 جانفي: الانطلاق في تعويض من تخلّفوا عن خلاص الحجّ بتوانسة في قائمة الانتظار    استشهاد طفلة فلسطينية في قصف الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة..    غدا.. الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية مجانا..    في بالك!...إقبال التوانسة على الدجاجة في رأس العام تراجع برشا    ياخي علاش ناكلوا الدجاج ليلة راس العام ؟    رئيس الجمهورية يأمر بالتدخل الفوري لرفع النفايات وتنظيف الحلفاوين    تبّون: يُحاولون زرع الفتنة بين الجزائر وتونس    مالي وبوركينا فاسو تفرضان قيود تأشيرة مماثلة على الأمريكيين    تركيا: اعتقال 125 شخصا يُشتبه في انتمائهم ل"داعش"    كيفاش طيّب ''نجمة السهرية ''دجاجة راس العام ؟    4 أفكار تنجم تستعملهم وتزيّن طاولة راس العام    محكمة الاستئناف تؤيّد الحكم بسجن الصحبي عتيق 15 عامًا    إتحاد بن قردان: الإدارة تنجح في غلق النزاع مع لاعبها السابق    عاجل : إصابة هذا اللاعب بالشلل    النجمة العالمية مادونا تختار المغرب لقضاء عطلة رأس السنة    مصر تأمل في استضافة كأس أمم إفريقيا في آخر نسخة بالشكل القديم    اليوم: آخر أجل للانتفاع بالعفو الجبائي على العقارات المبنية    مرصد المرور يُحذّر التوانسة: لا تتجاوز حدودك الليلة، حياتك وحياة الآخرين أولوية    حصيلة أبرز الأحداث الرياضية لسنة 2025 ... (الثلاثي الرابع)    بعد تعادل المنتخب مع تنزانيا: حنبعل المجبري يعترف..    مصالح الحماية المدنية تقوم ب 427 تدخلا خلال ال 24 ساعة الماضية    عام 2026: شوف رسائل التهاني بين التوانسة    عاجل/ حجز 1.2 مليون دينار وإدراج مشتبه به في الصرافة بالسوق السوداء بالتفتيش..    مباراة ودية: الإتحاد المنستيري يفوز على نادي حمام الأنف    زهران ممداني يؤدي اليمين الدستورية عمدة لنيويورك    يهمّ التوانسة: المتحوّر ''K'' لا علاقة له بفيروس كورونا    توقيت استثنائي لعمل الهياكل التجارية للبريد التونسي اليوم الاربعاء 31 ديسمبر 2025    البنك المركزي يقرر التخفيض في نسبة الفائدة المديرية إلى 7 بالمائة    عاجل : كل ماتحب تعرفوا على ماتش تونس ضد مالي في ثمن نهائي كان 2025    لماذا تعلق الأغاني في أذهاننا؟ العلم يفسّر 'دودة الأذن'    سرقة القرن في ألمانيا.. 30 مليون يورو تختفي من خزائن بنك..ما القصة؟!..    نهاية حقبة الرسائل الورقية.. الدنمارك أول دولة أوروبية توقف البريد العام    مجلس الوزراء السعودي: نأمل أن تستجيب الإمارات لطلب اليمن خروج قواتها من البلاد خلال 24 ساعة    الترفيع في السعر المرجعي لزيت الزيتون البكر الممتاز    سلسلة عروض جديدة لمسرحيات "جاكراندا" و"الهاربات" و"كيما اليوم" مطلع العام الجديد    مختصّة في طبّ الشيخوخة: عزلة كبار السنّ خطر رئيسي يرفع نسب الاكتئاب والوفيات المبكرة لديهم    إعطاء الطفل هاتفاً قبل هذا العمر مضر جداً.. دراسة تفجرها وتكشف حقائق خطيرة..    عاجل: هذا موعد الأيام البيض لشهر رجب    تونس من بين الدول المعنية به..تعرف على موعد أطول حالة ظلام دامس بالأرض خلال قرن..    حضور مميز لمندوبية التربية بجندوبة في احياء الخط العربي    ڤريب الشتاء: كيفاش تتعدى، قدّاش يدوم، ووقتاش يلزم تمشي للطبيب؟    «صاحبك راجل» في القاعات المغربية    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على الستّات واجب الانتباه
نشر في الحوار نت يوم 05 - 06 - 2021


على السّتّات واجب الانتباه

نظرت في رقم (6) فإذا هو يتحدّث عن عبور حصل يوم السّادس من أكتوبر 1973، وإذا هو يتحدّث كذلك عن إعلان حصل يوم السّادس من جوان 1981.
مشهدان في بلدين مختلفين،
مثّل الأوّل منهما الجرأة في عبور معبر مائيّ خاصّ بالبلد؛ إذ لولا الاحتلال ووجود خطّ برلاف الخاوي ذائع الصّيت بفعل الهوان، ما كان يجدر بنا الحديث عن العبور، فليس حدثا مهمّا أن يعبر المرء معابره ولا بطولة ترافق ذلك الفعل.
ومثّل الثّاني عبورا من نوع خاصّ تمثّل في الانتقال من حالة شاذّة أرستها الدّكتاتوريّة إلى حالة طبيعيّة أرستها الشّرائع السّماويّة قبل أن تعيد إرساءها الدّيمقراطيّة، ولعلّه ما كان يمثّل حدثا لو كان الحاكم وقتها يستمع لكلّ مَن يريد أن يعبّر عن رأي أو يشارك بلبنة في البناء أو يسهم في الحضارة بإضافة.
ثمّ رأيت النّاس هنا وهناك يتوقّفون عند هذه التّواريخ محتفلين بها معدّدين إنجازاتها، دونما اعتبار لسلبياتها وإخفاقتها. وقد كان النّاس زمن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يسألونه عن الخير وكان حذيفة رضي الله عنه يسأله عن الشرّ مخافة أن يدركه أو يقع فيه.
ومن صدق وكان واقعيّا متابعا أقرّ بعدم الشّفافيّة في الحديث إبّان المناسبات، فإنّ النّاس يستمرؤون الحديث عن الإنجازات وعمّا يبهجهم ويُفرحهم ويتنكّبون الحديث عن الإخفاقات وعمّا يقلّل من بريق المناسبة التي يحتفلون بها.
ولقد رأيت العبور – وإن أعاد سيناء إلى قوم أخفقوا في اختيار من يسوّدون عليهم – يجيء بمصائد وعقبات، لعلّ أهمّها على الإطلاق عدم القدرة على العبور. فمصر لا تستطيع العبور إلى القضايا التي تهمّ المسلمين للمشاركة فيما يحقّق لفلسطين مثلا عزّتها واستقلالها. لقد باتت - بالعبور وبما تلاه من اتّفاقيات مخزية - مكبّلة لا تستطيع حتّى حرّية استعمال المفردات، ويوم أراد مرسي رحمه الله تعالى تحديث نفسه بالعبور من دنيا العبوديّة إلى دنيا الحريّة ومن دنيا الارتهان إلى دنيا تحقيق الذّات والاستقلال والسّيادة مات أسيرا في سجون بلاده، لا يُؤبَه له في بلاده، كما لم يكن يوما أوّل رئيس منتخب من طرف سكّان بلاده المحتفلين سنويّا دون إدراك بالعبور.
وغدا نحتفل في تونس بإذن الله بذكرى العبور من السّرّية إلى العلن، ومن الإسلاميّ إلى السّياسيّ في عالم لا يرى الإسلاميّ من السّياسيّ ولا السّياسيّ من الإسلاميّ، ومن الحركة إلى الحزب ومن الاحتفاظ بالصّفة أو السّمة الإسلاميّة إلى التّخلّي عنها لفائدة الرّاغبين في الفصل الدّعويّ والسّياسيّ ممّن يعضّون علينا الأنامل غيظا عند مزاولة السّياسيّ.
قد يهتمّ المبتلون بالشّان بهذه الجوانب وقد لا يهتمّون، فقد بات النّاس يتكلّمون عن الإكراهات وعن القوى وموازينها، وعن الأولويات وترتيبها، وعن الدّولة ومشاكلها وعن ضرورة العناية بالتّونسيّين للخروج من أزمة كورونا ومن بقيّة الأزمات. ولم تعد تستوقفهم "صغائر" أردتّ الإشارة إليها في هذه العجالة الموسميّة المتعلّقة بالسّادس؛ فالسّادس عموما أكبر من هذه "الصّغائر" وأكبر من كلّ من أراد التشويش على السّادس.
كنت زمن جواز الحديث عن الأولويات، قد قدّمت أولويّة رأيت العناية بها عناية تشريعيّة، تُخرج أبناء مجموعة الإنقاذ الوطنيّ ممّا تردّى أفرادها فيه. قدّمت تلك الأولويّة قبل أن تتضخّم الأولويات "الوطنيّة" الحاجبة المانعة، وطالبت وقتها باستصدار نصّ من البرلمان يسمح لأفراد هذه المجموعة تأمين فترة ينعمون فيها في بلادهم بكرامة لا يجوز شرعا ولا قانونا ولا أخلاقا حرمانهم منها. كان ذلك ولازال ممكنا، سيّما وقد سبق في تونس فعل ذلك كما حصل مع أبناء مجموعة برّاكة السّاحل. فقد وقع ملفّ قضيّتهم بيد رجلٍ رجلا، كان يشغل رئاسة الجمهوريّة وكان قائد أعلى للقوّات المسلّحة. كان يمكن وقتها تمرير ملفّ مجموعتنا سيّما وقد دعت مجريات العدالة الانتقاليّة إلى التّعجيل بذلك، غير أنّ ذلك لم يكن كذلك. وقع أفراد مجموعتنا في الزّوايا الميّتة حيث تصعب رؤيتهم، ووقعوا في زاوية رآهم النّاس - هواة الباطل كارهو تونس - فيها ملوّثين باحتمال انتساب للنّهضة. كانوا يتعاملون مجبرين مع النّهضة في البرلمان وفي غيره من المنابر ولم يجدوا ما يعضّوا من النّهضة إلّا هذه المجموعة التي انتسبت افتراضا أو واقعا إليها.
فقدنا حتّى كتابة هذه الكلمات (21) واحدا وعشرين أبيّا من مجموعتنا الكريمة، كان أوّلهم محمّد المنصوري من مدينة نفزة وآخرهم محمّد بوعلّاق من مدينة قبلّي، في مشهد يحمّل البلاد كلّها مسؤوليّة السّكوت على هذا الجرم الذي لن يكون أقلّ من جرائم القتل البطيء العمد، التي قمنا نحن لمقاومتها سنة 1987. كان الدّكتاتور يومها يقتل أهلنا القتل البطيء العمد، فلمّا قمنا لهم مناصرين مضحّين بالغالي والنّفيس رأيناهم فيما بعد يشهدون مع النّاس قتلنا البطيء العمد دون أن يحرّك ذلك فيهم ساكنا. إنّها لمفارقة فارقة يخجل التّاريخ من كتابتها وتدوينها.
هنيئا للجميع احتفالاتهم هنا وهناك، وهنيئا للآخرين نجاحاتهم المتمثّلة في تجاهلنا وعدم الاكتراث لموتنا. ولئن كتبت هذه الجمل فليس لاستجداء أحد فيكم أو منكم أيّها المسؤولون في تونس، فإنّا نصابر وإنّه لم يبق منّا إلّا بعض عشرات، قد لا يستغرق موتهم جميعا سوى بعض سنوات، ولكنّي كتبت مشفقاعليكم، فإنّ سؤالا خطيرا أدخل العالم والمجاهد بالنّفس والمجاهد بالمال النّار لا شكّ أنّه سيطرح علينا وعليكم: (ماذا عمِلت فيما علِمت)!..
وكلّ عام والجميع بخير وعافية وستر.

عبدالحميد العدّاسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.