القصرين: تواصل حملات مراقبة معاصر زيت الزيتون لضمان الجودة وشفافية المعاملات    تونس/اتحاد أوروبي: إطلاق مرحلة ثالثة من طلب مقترحات لتمويل مشاريع فلاحية وصيد بحري وتربية الاحياء المائية    رابطة أبطال أوروبا: مشاكل دفاعية متفاقمة لريال مدريد قبل مواجهة أولمبياكوس    الليلة: الحرارة تنخفض الى درجتين مع أمطار ورياح قوية..#خبر_عاجل    واعظ ديني يتحيّل على مواطنين من خلال "جمع التبرّعات"!!    عاجل/ جمعية النساء الديمقراطيات تستأنف نشاطها    دراسة تكشف: حوالي نصف شباب تونس يسألون الانترنات عن صحتهم الجنسية والانجابية    عاجل : أخبار سارة لفلاحة تونس    إيداع 5 متهمين السجن في قضية تحيّل إلكتروني بقيمة 3 ملايين دينار    محرز الغنوشي: الشمال الغربي يستقبل أولى التقلّبات الجوّية    سامي الطرابلسي: استمرار قيادتي للمنتخب مرتبطة بتحقيق هذه الأهداف..#خبر_عاجل    عاجل: مستجدات في سرقة متحف اللوفر...ايقافات جديدة    عدد زوّار تونس يزيدة ب10،3٪ إلى حدود 20 نوفمبر    سامي الطرابلسي: الاصابة حالت دون دعوة لاعب النادي الإفريقي.. ولايمكن الإستغناء عن هؤلاء مقابل دعوة الجزيري    بطولة كرة اليد: برنامج مباريات الجولة الخامسة إيابا    موجة برد شديدة بداية شهر ديسمبر    مواجهات وسماع إطلاق نار خلال اعتصامات في اللاذقية بسوريا    للتوانسة المعنيين بالتجنيد: هذه آخر آجال التسجيل    بالصور: عودة يوسف المساكني الى تمارين الترجي    وصفها بال"مؤامرة": مرافق ياسر عرفات يكشف لأول مرة تفاصيلا صادمة عن وفاته..#خبر_عاجل    علاش ما نَعطسُوش وقت النوم؟ الحقيقة اللي ما تعرفهاش    عاجل: الإفراط في الفرجة على الانستغرام والتيك توك يسبب ''تعفن الدماغ''    الصالون الدولي للانتقال الطاقي: اكبر تجمع مهني يجمع مختلف المتدخلين في القطاع الطاقي بتونس (الكنزاري)    ميزانية الشؤون الدينية: كيف سيتمّ توزيعها؟    نجوم الكورة يكتبو أسماء زوجاتهم على المريول... شنوة الحكاية؟    عاجل/ قوات الاحتلال تعتقل نحو 50 فلسطينيا..    "سينيماد" تظاهرة جديدة في تونس تقدم لعشاق السينما أحدث الأفلام العالمية    بيونة في ذمة الله: الوداع الأخير للممثلة الجزائرية    تصدر الترند: مسلسل "ورد وشوكولاتة" يثير جدلا كبيرا: هل غيّر المسلسل قصة مقتل الإعلامية شيماء جمال..؟    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك تدعو للتصدي لخطر الهندسة الاجتماعية الرقمية    يوم 04 ديسمبر: مسيرة نقابية بمناسبة إحياء الذكرى 73 لاغتيال الزعيم فرحات حشاد    لقاو نسخة نادرة من سوبرمان وبعوها في المزاد العلني بثمن خيالي!    نجمة الكوميديا الجزائرية 'بيونة' في ذمّة الله    وزير الصحة يعلن عن إجراءات عملية لتطوير طبّ الإنعاش في تونس    كأس العرب: المنتخب الوطني يتعرف اليوم على منافسيه في دور المجموعات    تزامنا مع موجة البرد: نداء هام للمواطنيين وموزعي قوارير الغاز المنزلي..#خبر_عاجل    يوم دراسي بصفاقس حول المكتبات في واقع الذكاء الاصطناعي ... الفرص والتحديات" يوم الاربعاء 26 نوفمبر    من هو اليهودي؟    عاجل: هذا موعد ميلاد هلال شهر رجب وأول أيامه فلكياً    جائزة عربية مرموقة للفاضل الجعايبي في 2025    عاجل/ رئيس الجمهورية يتوعد: "الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هؤلاء"..    عاجل: وزير التكنولوجيا تكشف آخر المستجدّات على'' البنك البريدي'' والموزعات الالية    بعد تماثله للشفاء... الفنان أحمد سعد يكشف كواليس ما بعد حادث السيارة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..أمطار بهذه المناطق..    سيدي حسين: مداهمات أمنية تطيح ب"قطعون" وإيزي" والنقار" و"المهبول "كبار مروجي المخدرات    شركات طيران تُلغي رحلاتها بعد ثوران بركان في إثيوبيا    عاجل: أمطار رعدية وسيول محتملة في 7 دول عربية... تحت تأثير الطقس المتقلب    الصين تكشف عن مسيرة ثورية تصطاد الغواصات المختبئة في الأعماق    "اسم فنزويلا أكبر من أن يخرج من فمك".. كاراكاس ترد على مزاعم وزير الخارجية الإسرائيلي    ترامب يطلق إجراءات لتصنيف فروع للإخوان "منظمات إرهابية    تركيا تكشف تهريب 52 مليار دولار بسبب الرهانات غير القانونية    أثارت جدلا سياسيا وتشريعيا.. نهاية "وزارة ماسك"    الفتاوى الشاذة والهجوم على صحيح البخاري    مخاطر الانحراف بالفتوى    في ندوة «الشروق الفكرية» «الفتوى في التاريخ الإسلامي بين الاجتهاد والتأويل»    يوم علمي تكويني حول مرض السكري في القدم يوم الاربعاء 26 نوفمبر بمدرسة علوم التمريض بتونس    سينما المغرب العربي تتألّق في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2025    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على الستّات واجب الانتباه
نشر في الحوار نت يوم 05 - 06 - 2021


على السّتّات واجب الانتباه

نظرت في رقم (6) فإذا هو يتحدّث عن عبور حصل يوم السّادس من أكتوبر 1973، وإذا هو يتحدّث كذلك عن إعلان حصل يوم السّادس من جوان 1981.
مشهدان في بلدين مختلفين،
مثّل الأوّل منهما الجرأة في عبور معبر مائيّ خاصّ بالبلد؛ إذ لولا الاحتلال ووجود خطّ برلاف الخاوي ذائع الصّيت بفعل الهوان، ما كان يجدر بنا الحديث عن العبور، فليس حدثا مهمّا أن يعبر المرء معابره ولا بطولة ترافق ذلك الفعل.
ومثّل الثّاني عبورا من نوع خاصّ تمثّل في الانتقال من حالة شاذّة أرستها الدّكتاتوريّة إلى حالة طبيعيّة أرستها الشّرائع السّماويّة قبل أن تعيد إرساءها الدّيمقراطيّة، ولعلّه ما كان يمثّل حدثا لو كان الحاكم وقتها يستمع لكلّ مَن يريد أن يعبّر عن رأي أو يشارك بلبنة في البناء أو يسهم في الحضارة بإضافة.
ثمّ رأيت النّاس هنا وهناك يتوقّفون عند هذه التّواريخ محتفلين بها معدّدين إنجازاتها، دونما اعتبار لسلبياتها وإخفاقتها. وقد كان النّاس زمن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يسألونه عن الخير وكان حذيفة رضي الله عنه يسأله عن الشرّ مخافة أن يدركه أو يقع فيه.
ومن صدق وكان واقعيّا متابعا أقرّ بعدم الشّفافيّة في الحديث إبّان المناسبات، فإنّ النّاس يستمرؤون الحديث عن الإنجازات وعمّا يبهجهم ويُفرحهم ويتنكّبون الحديث عن الإخفاقات وعمّا يقلّل من بريق المناسبة التي يحتفلون بها.
ولقد رأيت العبور – وإن أعاد سيناء إلى قوم أخفقوا في اختيار من يسوّدون عليهم – يجيء بمصائد وعقبات، لعلّ أهمّها على الإطلاق عدم القدرة على العبور. فمصر لا تستطيع العبور إلى القضايا التي تهمّ المسلمين للمشاركة فيما يحقّق لفلسطين مثلا عزّتها واستقلالها. لقد باتت - بالعبور وبما تلاه من اتّفاقيات مخزية - مكبّلة لا تستطيع حتّى حرّية استعمال المفردات، ويوم أراد مرسي رحمه الله تعالى تحديث نفسه بالعبور من دنيا العبوديّة إلى دنيا الحريّة ومن دنيا الارتهان إلى دنيا تحقيق الذّات والاستقلال والسّيادة مات أسيرا في سجون بلاده، لا يُؤبَه له في بلاده، كما لم يكن يوما أوّل رئيس منتخب من طرف سكّان بلاده المحتفلين سنويّا دون إدراك بالعبور.
وغدا نحتفل في تونس بإذن الله بذكرى العبور من السّرّية إلى العلن، ومن الإسلاميّ إلى السّياسيّ في عالم لا يرى الإسلاميّ من السّياسيّ ولا السّياسيّ من الإسلاميّ، ومن الحركة إلى الحزب ومن الاحتفاظ بالصّفة أو السّمة الإسلاميّة إلى التّخلّي عنها لفائدة الرّاغبين في الفصل الدّعويّ والسّياسيّ ممّن يعضّون علينا الأنامل غيظا عند مزاولة السّياسيّ.
قد يهتمّ المبتلون بالشّان بهذه الجوانب وقد لا يهتمّون، فقد بات النّاس يتكلّمون عن الإكراهات وعن القوى وموازينها، وعن الأولويات وترتيبها، وعن الدّولة ومشاكلها وعن ضرورة العناية بالتّونسيّين للخروج من أزمة كورونا ومن بقيّة الأزمات. ولم تعد تستوقفهم "صغائر" أردتّ الإشارة إليها في هذه العجالة الموسميّة المتعلّقة بالسّادس؛ فالسّادس عموما أكبر من هذه "الصّغائر" وأكبر من كلّ من أراد التشويش على السّادس.
كنت زمن جواز الحديث عن الأولويات، قد قدّمت أولويّة رأيت العناية بها عناية تشريعيّة، تُخرج أبناء مجموعة الإنقاذ الوطنيّ ممّا تردّى أفرادها فيه. قدّمت تلك الأولويّة قبل أن تتضخّم الأولويات "الوطنيّة" الحاجبة المانعة، وطالبت وقتها باستصدار نصّ من البرلمان يسمح لأفراد هذه المجموعة تأمين فترة ينعمون فيها في بلادهم بكرامة لا يجوز شرعا ولا قانونا ولا أخلاقا حرمانهم منها. كان ذلك ولازال ممكنا، سيّما وقد سبق في تونس فعل ذلك كما حصل مع أبناء مجموعة برّاكة السّاحل. فقد وقع ملفّ قضيّتهم بيد رجلٍ رجلا، كان يشغل رئاسة الجمهوريّة وكان قائد أعلى للقوّات المسلّحة. كان يمكن وقتها تمرير ملفّ مجموعتنا سيّما وقد دعت مجريات العدالة الانتقاليّة إلى التّعجيل بذلك، غير أنّ ذلك لم يكن كذلك. وقع أفراد مجموعتنا في الزّوايا الميّتة حيث تصعب رؤيتهم، ووقعوا في زاوية رآهم النّاس - هواة الباطل كارهو تونس - فيها ملوّثين باحتمال انتساب للنّهضة. كانوا يتعاملون مجبرين مع النّهضة في البرلمان وفي غيره من المنابر ولم يجدوا ما يعضّوا من النّهضة إلّا هذه المجموعة التي انتسبت افتراضا أو واقعا إليها.
فقدنا حتّى كتابة هذه الكلمات (21) واحدا وعشرين أبيّا من مجموعتنا الكريمة، كان أوّلهم محمّد المنصوري من مدينة نفزة وآخرهم محمّد بوعلّاق من مدينة قبلّي، في مشهد يحمّل البلاد كلّها مسؤوليّة السّكوت على هذا الجرم الذي لن يكون أقلّ من جرائم القتل البطيء العمد، التي قمنا نحن لمقاومتها سنة 1987. كان الدّكتاتور يومها يقتل أهلنا القتل البطيء العمد، فلمّا قمنا لهم مناصرين مضحّين بالغالي والنّفيس رأيناهم فيما بعد يشهدون مع النّاس قتلنا البطيء العمد دون أن يحرّك ذلك فيهم ساكنا. إنّها لمفارقة فارقة يخجل التّاريخ من كتابتها وتدوينها.
هنيئا للجميع احتفالاتهم هنا وهناك، وهنيئا للآخرين نجاحاتهم المتمثّلة في تجاهلنا وعدم الاكتراث لموتنا. ولئن كتبت هذه الجمل فليس لاستجداء أحد فيكم أو منكم أيّها المسؤولون في تونس، فإنّا نصابر وإنّه لم يبق منّا إلّا بعض عشرات، قد لا يستغرق موتهم جميعا سوى بعض سنوات، ولكنّي كتبت مشفقاعليكم، فإنّ سؤالا خطيرا أدخل العالم والمجاهد بالنّفس والمجاهد بالمال النّار لا شكّ أنّه سيطرح علينا وعليكم: (ماذا عمِلت فيما علِمت)!..
وكلّ عام والجميع بخير وعافية وستر.

عبدالحميد العدّاسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.