جاء الجدار الاسرائيلي لقطع اوصال قرى الفلسطينيين وتجديد الخناق عليهم لحملهم على رفع الراية البيضاء وارغامهم على ترك اراضيهم وبيوتهم والهجرة الجماعية من جديد على غرار ماوقع في سنة48 على يد العصابات الارهابية الصهيونية الهاجانا والستارن والاريغون حتى يتسنى لهم الاستلاء تدريجيا على البلد باكمله تحقيقا لهدفهم القديم المتجدد من كون فلسطين ارض بلا شعب لشعب بلا ارض! لم تتزحزح الصهيونية منذ نشاة حركتها عن مشروعها الاستطاني بلا هوادة مستعملة كل الوسائل الاكراهية والاجرامية الاكثر بشاعة ونجاعة لتفريغ الارض من سكانها الشرعيين الى يوم الناس. وكل من يعتقد ان الكيان الصهيوني يريد السلام فهو واهم لان المشروع الصهيوني لا يتم الا عبر ازمات يختلقها ويخطط لتنفيذها على مراحل لفرض الامر الواقع في كل مرحلة يعرض في نهايتها المفاوضات متمسكا بما اكسبته يد الغدر والقتل من غير ادنى تنازل في مفاوضات لا تنتهي ابدا تساق للراي العام العالمي والعربي بنفاق مطلق بعد كل اقتطاع لجزء من الارض وضمه,فتلك المفاوضات هي في الواقع مناورات ماكيافيلية وملهات تشغل الناس وتملا العالم ريثما يعد لاعتداء جديد واستلاء من جديد على رقع جديدة على الارض الفلسطينية.
هي ارض فلسطينية ولكن قد يكون من الغريب التفكير بذلك ولكن لا سلطة للفلسطينيين عليها مادام الاحتلال قائم وحتى الكيان المزعوم هو ارض فلسطينية محتلة ولن نسلم بشرعية وجود الكيان ولن يستقر ابدا في ذاكرة الامة ولا في وجدانها لان اسرائيل علاوة على انها دولة احتلال زرعت في قلب الامة ,مثلت منذ نشاتها قاعدة متقدمة للامبريالية العالمية وعلى راسها الولاياتالمتحدةالامريكية. وقد تظافرت عدة وسائل لدعم الكيان: تزييف للتاريخ وتعسف على القانون الدولي الذي ساهم في تبنيه لمشروع بلفور وقبوله بتقسيم ارض فلسطين في تمكين الكيان من القيام والبقاء والاستمرار على حساب السكان الشرعيين وكذلك باعتداءه على الشرائع
الانسانية وقوة السلاح والقهر الجماعي في اكبر عملية سطو على الحقوق الضاربة في اعماق التاريخ لشعب باكمله مثلما وقع للهنود الحمر في امريكيا الذين تمت ابادتهم على ايدي رعاة البقر!
وكما تفنن الامريكون في تبرير وجاهة تصفيتهم للهنود الحمر معممين صور لوحشيتهم وانعدام المشاعر الانسانية لديهم حسب زعمهم نرى اليوم الاسرائيلين المسيطرين على وسائل الاعلام عالميا يكيلون لفلسطينيين الرافضين للاحتلال والمقاومين له تهم الارهاب ليبرروا بمقتضاها مزيدا من القتل والتشريد الى حد الابادة الجماعية للفسطينيين.
راينا كما راى العالم باسره المسمى جزافا بالحر والمتشدق بالدفاع عن حقوق الانسان وتحت انظار الاشقاء العرب دون ان يحرك احد ساكنا و لا نلمس فعلا اي شكل من اشكال التضامن الواجب اذا اعتبرنا اواصر الحضارة والدين والتاريخ والاخوة وقرابة الدم ,راينا كبف يرغم الفلسطينيون على مغادرة بيوتهم ويلقى بهم على قارعة الطريق ليفترشوا الارض ويلتحفوا السماء!
لكن هذا لم يهزم شعب الجبابرة كما عرفه قائده الشهيد الراحل عرفات ولان الجبل لا يهزه الريح جاءت الحرب على غزة لقسم ظهر البعير من ناحية وكرديف للجدار العازل الذي لم يحقق للعدو الاسرائيلي الامن المنشود ولا للمستوطنين السلم والطمانينة .
وقد لهف الجدار في الواقع مزيدا من الاراضي اضافة الى التجويع الجماعي بغلق جميع المعابر بشكل شبه دائم في وجه كل حركة مع تقسيط الماء والمؤونة والدواء والطاقة حتى كانت غزة تغرق في الظلام الدامس فترات طويلة ولايام اطول بشدتها وقسوتها.
وكانت الحرب على غزة بحجم الدمار الذي خلفته و عشرات مئات الارواح التي ازهقتها والتي ناهزت الالف واربعمائة شهيد من بين الاطفال والنساء والشيوخ وقتل عائلات باكملها نظرا لسياسة الارض المحروقة والذي جعل من القصف الهمجي والعشوائي اداتا للابادة فلم تترك بيتا او مدرسة او مشفى او اي نوع من انواع التجهيزات والبنى التحتية والمر افق الصحية قائما حسبما جاء في تقرير المحقق الدولي قولدستون وعشرات من شهود العيان لاثار الهجمة ومن جميع انحاء العالم كانت وبكل المقاييس حرب ابادة جماعية لشعب اعزل لم يكتفى بسرقة اراضيه وتحريف معالم واقعه العمراني وتزييف تاريخه ومحاولة شطب ذاكرته ,بل وقع استعمال اكثر
الاسلحة فتكا ضده ولا سيما المحرمة منها دوليا اضافة الى الزج بالالاف في المحتشدات والاغتيالات المتعددة اليومية والقتل البطيء المتواصل بفعل الحصار والجدار لكن لم يتمكن الصهاينة من اخماد الصوت الفلسطيني ولا كسر ارادته ولا دفعه الى الياس والتخلي عن قضيته وعن حقوقه الثابتة الغير القابلة للتصرف في تحرير ارضه ودحر الاحتلال ..
بعد هذه الحرب الظالمة ايقن الصهاينة انه لابد من اشراك اكثر الدول العربية انغماسا في التطبيع وتورطا في مد الجسور مع كيانه فانطلقت حلقة المرحلة من التآمر تستهدف بلوغ الحد الاقصى من الظغط على غزة لكونها الرقم الصعب الممانع والصامد فكان لا بد من الاعداد الجيد لهذه المرحلة اعلاميا محليا ودوليا ووقع الاختيار طبعا على الحلقة الاضعف في سلسلة التراجعات والهشاشة للانظمة العربية والمؤهلة جغراسياسيا للعب الدور الاكثر تاثيرا ونجاعة في الاجهاز على غزة وذلك بقطع شرايين الحياة بين مصر وغزة المحاصرة امتثالا وتنفيذا للامر الصهيوني الامريكي الذي قدم لذلك الاستحقاق مع كل المساعدات المالية والفنية واللوجستية هدية مصر القادمة في تزكية توريث مبارك لابنه جمال. فالنظام المصري مكبل باتفاقيات كامب دافيد وهو حريص على احترامها وتنفيذها حتى ولو كانت على حساب سيادة الشعب المصري وعليه التزامات امنية ويتلقى بعد اسرائيل حجما لاباس به من المساعدات الامركية والغربية وهو امام تفاقم البطالة واقتصاده الهش والتاثير الخانق للازمة المالية الدولية وتصاعد الاحتجاجات في الداخل لمكونات المجتمع المدني المطالبة بالاصلاح السياسي واحترام حقوق الانسان العامة والسياسية,نظرا لهذه الاسباب والاوضاع اوكل الى النظام المصري مهمة تنفيذ اخطر مخطط في هذه اللحظة التاريخية يتم بمقتضاها وهو الانجاز الذي لم يتحقق للصهاينة وما كان ليتحقق لولا ان النظام المصري اخذ على عاتقه بناء جدار الموت الذي بدات فعلا في تنفيذه والذي يستحيل معه حفر انفاق من جديد لتبليغ اية مساعدات ولا ننسى ان النظام المصري مافتئ كلما تفطن الى وجود الانفاق ان يغمرها بالمياه او ينفخ فيها من الغازات القاتلة لدفن من فيها احياءا ثم دمسها .
جاءت بالتالي مهمة بناء حدار الموتي على حدود مصر مع غزة لتحكم الطوق على الشعب المرهق بالحصار الصهيوني وحتى معبر رفح الذي كان لابد ان يكون الرئة التي يتنفس منها المحاصرون لا يختلف اثنان في ان النظام المصري كان يستعمل غلقه او فتحه للمساومة او الضغط فغزة التي لم تركن للمصالحة بالشروط المصرية صارت عبئا ثقيلا على مشاريع التسوية للنظام المصري في المنطقة والذي يعمل من اجل مزيد من التطبيع مع كيان العدو ,هكذا اصبح النظام المصري المؤهل الانجع لبتر يد المقاومة وانهاءها بعد نشاطه المتزايد والحماسي لاغراق الانفاق بمن فيها .اصبح لا بد لمزيد من النجاعة والعمل الممنهج ان يطالب بادوات اكثر دقة للرصد من جهة ثم قطع شرايين الحياة بعرقلة قوافل المساعدات الانسانية باكثر التبريرات بجاحة بان ارض مصر مستهدفة وان الارهابيين يخططون للقيام بعمليات تهريب للسلاح من و الى غزة للقيام بعمليات تخريبية على ارض مصر بعد ان تم القبض على مجموعة من الشباب واتهامهم بالعمالة لحزب الله.
هذا من جهة ومن جهة اخرى وفي نفس الوقت نفخ في صور الحمية الوطنية بعد هزيمة الفريق المصري في مبارات الترشح لكاس العالم بهدف اذكاء الشعور المزدزج بمرارة الهزيمة امام الجزائر والغضب من معاملات اغلبها مبالغ فيه من قبل الاعلام المصري والماجور للحصول على ردود الفعل التي نرى ونسمع من شباب وقعت مغالطته وتحريضه حتى يبلغ حد التبرء من انتماءه للعروبة والتفاخر المرضي باصول فرعونية نسبا وحضارة. ذلك الاعداد النفسي والتعبئة العنصرية جاءت في اوانها وليس بالصدفة لخدمة مشروع الجدار ووضع الشعب المصري امام القرار الصعب بالانكماش على نفسه والازدراء بكل ماهو قومي وعربي وحتى اسلامي من البعض لزجه بالزاوية الضيقة للمصالح الاضيق طبعا مصالح من يحرك الخيوط وراء الستار كما انه يضع المعارضة الوطنية في خانة الخيانة اذا ما وقفت في وجه بناء الجدار وفضحت مبرراته وقاومت تنفيذه ونتائجه الكارثية ليس فقط على الشعبين المصري والفلسطيني بل على الامة جمعاء لاننا نرى في هذه المرحلة من تاريخ امتنا ان كل نظام عربي يسعى الى اذكاء المصالح القطرية والدفع نحو الانعزال فيما يبحث كل نظام عن تحالفات مع الدول الاستعمارية التي تخطط لاستعادة مكانتها التي فقدت جزءا منها في فترة حروب التحرر الوطني ونتيجة هزيمتها العسكرية في المنطقة ككل.
اما عن النظام المصري وهو ينطلق في انجاز جدار الموت وقطع صلة الرحم بين شعبين شقيقين لا يمكن الا ان يصبح سهما لكل استهجان واستنكار وحتى لمقاومته لانه صفى نفسه نهائيا في مربع العدو وكيف لا وجزء من الجدار قد انجز باشراف امريكي صهيوني: فهل هذه السيادة المنشودة؟؟ وهل هذا الامن القومي المطلوب؟؟.
في الواقع لا خوف على مصر من شعب غزة والخوف كل الخوف من بيع مصر للشيطان الاكبر حتى يحصل جمال مبارك اسوة بكرزاي في افغانستان والمالكي بالعراق وغيرهم من العملاء على مقعد الرئاسة بقبول توريث عرش مصر من قبل مبارك! هذا نظام تنكر لوجدان حضارتنا ومبادئنا السامية في الدفاع عن المظلوم وايجار المستجير ونصرة قضايا الحق والعدل والمبادئ الكونية لحقوق الانسان ومبادئ حركة عدم الانحيازالتي قامت على نصرة الشعوب في تقرير مصيرها ومقاومة الاحتلال ومساعدتها لذا اقترح بادئ ذي بدء اغراق العالم باسره توجيها الى النظام المصري برقيات التوبيخ والتنديد والاستنكار والاستهجان كمرحلة اولى ريثما يثوب الى رشده او نرفع لاحقا من سقف احتجاجاتنا بتنظيم مظاهرات ومسيرات لفضح النظام المصري وتفكيك خيوط المئامرة الذي يمسك بطرفها اللوبي الصهيوني الامريكي ويمسك بالطرف الاخر النظام المصري.
هذه قضية حياة او موت وعلى الباغي تدور الدوائر :"لا يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين و من يفعل ذلك فليس من الله في شيء .