بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يستخف المرزوقي بالإسلام
نشر في الحوار نت يوم 06 - 01 - 2010


عندما يستخف المرزوقي بالإسلام.

عندما يكتب المنصف المرزوقي متسائلا في سخرية بالغة : " هل ستحمينا إقامة الحدود في كل مكان من جفاف الأنهار وزحف الرمال .. هل ستؤدي تغطية الرؤوس إلى إنهاء الإحتباس الحراري وتوقف نفث ثاني غاز أوكسيد الفحم في السماء.."..

عندما يكتب المرزوقي ذلك لا يرتاب المرء لحظة واحدة في أن الرجل يستخف بالإسلام ذاته وتحديدا بشريعته أو بجزء منها.. تحدث في مقاله بعنوان ( لا حل في الإسلام هو الحل بتاريخ 31 ديسمبر 09 ).. عن أمور أخرى كثيرة كعادته دوما في أكثر مقالاته عندما يحشر ألف ألف قضية في سياق واحد قصير بكلمات ينفثها نفثا كأنما يسارع نفاد مداد أوشك على النضوب أو كمن يكتب فارا خائفا يترقب أو كمن يسجل شتيمة إشتبك فيها مع خصم عنيد..

ذلك هو أسلوبه في إنشاء المقالات ولكل من تكوينه نصيب والمرء بلا ريب صنيعة بيئته بل صنيعة نظرته إلى بيئته..

تعرض المنصف المرزوقي في هذه القالة إلى قضايا أخرى كثيرة من مثل المشروع السياسي للإسلاميين بحسب ما يراه حتى لو كان عن جهل أو عن قصد يحشر الإسلاميين كلهم في سلة واحدة وذلك عندما يتحدث عن تيار التكفير والتفجير ثم يبدي إعجابه بحزب العدالة والتنمية التركي .. ومن مثل موقف بعض من خلع عليهم الصفة الإسلامية بكرم حاتمي ( نجد مثلا ) فضلا عن السودان وإيران .. موقفهم من الإستبداد والديمقراطية .. تعرض إلى ذلك وغيره وليس للمرء في كل ذلك أكثر من مخالفته في أكثر ما ذهب إليه حدبا على قيم التعدد والتنوع فيما يتصل بما تختلف فيه الأنظار..

أما أن يعمد المنصف المرزوقي إلى تدوين كلام لا يحمل في ظاهر اللغة العربية إلا على الإستهزاء بالإسلام والإستخفاف ببعض شعائره وشرائعه .. عندما يزج المرزوقي بنفسه في ذلك المركب الصعب فإنه لا يهين إلا نفسه في الحقيقة أما شريعة الإسلام التي إستخف بها وبأهلها فإنما تطويه طي العمالقة للأقزام أو طي الصخور الجلمودية لقرون الأوعال التي فارت فيها دماء الإستكبار فأردتها عقد العظمة الكاذبة طرحى ..

أما آن للمنصف المرزوقي أن يتواضع للإسلام العظيم.

أنى له أن يقول في موضع ( الإسلام ليس فقط طريق الأمة إلى القمة بل هو الزاد الذي يعيننا .. ) ثم يكر على ذلك في موضع آخر بقوله ( هل ستحمينا الحدود من جفاف الأنهار وزحف الرمال ).. أما آن لأقزام العالمانية العربية أن يفحصوا القرآن الكريم بأنفسهم ليدركوا أن الإسلام عقيدة وشريعة ومنهاج .. أما آن لهم أن يعفوا أنفسهم من عقلانية ليس لها من العقلانية حبة من خردل.. أي عقلانية وأي رشد وأي حرية يتبجح بها أولئك الأقزام عندما يؤمنون في الكتاب الخالد بما طاب لهم ولذ ويكفرون بما وراء ذلك.. أجل. يمكن أن تختلفوا مع كل التأويلات والتفسيرات ظاهرها وباطنها وأشعريها ومعتزليها.. العبرة بالدليل وليس بالإتباع.. أما عندما يعمدون إلى إلتقاط ما يعجبهم من الكتاب الخالد بمثل ما يفعل المنصف المرزوقي في قالته هذه عندما يستشهد بآية الإسراء عن تكريم الإنسان وآية المائدة عن حرمة النفس البشرية وغير ذلك .. أما عندما يلتقطون ما يشتهون ويردون ما لا يشتهون .. عندها إما أن يكون الكتاب الذي يستندون إليه خرصا مخروصا وإما أن يكونوا هم عبيد الوهم الغربي الخلاب خلابة السراب.. إن الشجرة التي تلتقط منها ظلا ظليلا تفيء إليه فارا من قيظ القواليل لا يليق بك إنصافا لنفسك أن تلعن ثمرتها أو تميط بغصنها العذرة عنك..

السخرية من الحدود سخرية من الإسلام.

أجل. الحدود الإسلامية التي يسخر منها المرزوقي لا تحمينا من جفاف الأنهار وزحف الرمال.. بمثل ما إن علوم الطب البدني التي يدرسها لنا المرزوقي لا تحمينا من المآزق التي سماها هو بنفسه من مثل : البيئة والأزمة الإقتصادية والإستبداد السياسي.. الحدود الإسلامية بما هي جزء من النظام الجنائي للشريعة الإسلامية تحمينا ليس من جفاف الأنهار ولا من زحف الرمال ولكن تحمينا بالتأكيد من جفاف الروح عندما تركض في البرية ركض الوحوش فيها تقضم حق هذا وتغتصب مال ذاك.. تحمينا من أن يعتدي الأقوياء المتحكمون والمتنفذون بمال أو عصبة أو سلطان على حرماتنا المادية والمعنوية.. قالت العرب قديما : القتل أنفى للقتل.. وهي قالة صحيحة عمل بها الأمريكان الذين لم يلغوا عقوبة الإعدام.. قالة صحيحة صدقها القرآن الكريم ذاته حتى بعد أن فحصه الدكتور المرزوقي فإختار منه ما يناسبه ولفظ ما لا يناسبه والحال أن الكريم الشهم عندما يتجول في حديقة غناء فيحاء لا يطيب أنفه بريح زهرة منها ليلعن زهرة أخرى .. قالة صدقها القرآن الكريم ذاته عندما شرع حد القتل ..

الحدود التي يسخر منها السيد المرزوقي هي حقوق الإنسان.

الإنسان عدو لما جهل كما قرر العلامة إبن خلدون عليه الرحمة والرضوان. وليس أعدى على الإنسان من الجهل الذي يحتل عقله فيحيله حيوانا يمشي على رجلين. الحدود التي يسخر منها السيد المرزوقي هي الدليل الأعظم على قيام الإسلام بشريعته فضلا عن عقيدته على وتد متين شامخ إسمه : كرامة الإنسان. الحدود الإسلامية ( حد القتل وحد السرقة وحد الزنى وحد القذف وحد الحرابة ) هي الضامن القانوني المؤسسي لصيانة حقوق الإنسان كل إنسان طرا مطلقا أن تنالها الأيدي المستكبرة فتكرع منها ملء بطونها ثم تولي آمنة مطمئنة لا تلوي على شيء أو تقيم الحد على الضعيف وتدع القوي متماديا في غطرسته.. عندما يسن الإسلام في شريعته حدا ضد السارق فإنما ليحمي أموالك أن تتناوشها الأيدي القوية وعادة ما تكون الأيدي القوية عند رؤساء القبائل والدول وأهل النفاذ المالي.. عندما يسن الإسلام في شريعته حدا ضد الزاني فإنما ليصون عرضك أن يغتصب .. وعندما يسن الإسلام في شريعته حدا ضد القاذف فإنما للسبب ذاته.. لا معنى لكرامة الإنسان في الإسلام إذا لم تقم شريعة نافذة قوية متمكنة تحمي تلك الكرامة.. كرامة الإنسان قيمة معنوية إعتبارية يمكن أن تطأها أقدام المتكبرين في الأرض وألسنتهم تلهج بذكر الله والجماهير تناديهم : المعتصم والمعتضد والمتوكل .. عندما يسن الإسلام شريعة تقيم الحدود فإنما ليوفر الأمن للناس والسلامة والطمأنينة ويحميهم من بأس بعضهم بعضا.. أما المواعظ المتناثرة فلا تكاد تلفظها الألسنة حتى تتبخر أو تعبث بها الدول والحكومات.. إنما جاءت الحدود جزء من الشريعة الإسلامية لتوطيد أركان كرامة الإنسان وتحرير الإنسان .. الحدود هي الضامن لتلك الكرامة ولذلك التحرير.. لذلك لم تكن الحدود إجتهادا بشريا .. لم يرض سبحانه حتى لنبيه أن يسنها قولا أوعملا بل سنها بنفسه سبحانه قرآنا صحيحا صريحا يتلى .. معنى ذلك هو أن التواضع لتلك الشريعة وتلك الحدود هو تواضع للذي خلق ومن خلق ورزق جدير بالملك ومن ملك جدير بالعبادة.. أما رسم علاقة أخرى بين الخالق والمخلوق غير علاقة العابد بالمعبود والمالك بالمملوك فإنما هو كبر .. كبر أوقع المرزوقي فيه نفسه.. والكبر داء ما له دواء.. ومن تكبر على خالقه ورازقه ومالكه فلا يؤتمن ألا يتكبر على مخلوق مثله ومرزوق مثله ومملوك مثله ..

السخرية من المرأة سخرية من الحياة.

لم يقتصر المرزوقي في سخريته البذيئة الساذجة السمجة على الحدود وشريعة الإسلام بل تعدى ذلك إلى السخرية من المرأة.. وذلك عندما قال ( هل سيؤدي تغطية الرؤوس إلى إنهاء الإحتباس الحراري ..).. إذا سخرنا منك كما تسخر يا سيد مرزوقي والسخرية منك هنا مشروعة ( فسوف نسخر منكم كما تسخرون ) وهذه بتلك والبادي أظلم .. إذا سخرنا منك قلنا لك : وهل تعرية الرؤوس تؤدي إلى مقاومة آفة الجراد.. طبعا لا.. ولكنها ( لا ) بمثل أن تغطية الرؤوس لا علاقة لها بالإحتباس الحراري .. ولكنه الكبر الذي خذلك وإستولى على مهجتك فأرداك حبيس هواك.. الرؤوس المقصودة هي رؤوس النساء المسلمات الملتزمات بطاعة الله سبحانه فيما يتصل بالخمار.. تلك هي الرؤوس التي ملئت علما وحصافة وحكمة ورشدا.. تلك هي ا لرؤوس التي يشتغل كثير منها زملاء لك في الطب وأخريات في شتى العلوم الطبيعية والإنسانية.. لولا أن إخوانك من العالمانيين المتطرفين في تونس ومصر وأجزاء أخرى كثيرة في الأرض يحظرون عليهن مقاليد الريادة بعدما إستحققنها عن كفاءة وإقتدار.. أنى لنا أن نستأمنك على أمرنا في تونس بعد الذي قرأنا.. أنى لك أن تناصر حرية المرأة في بدنها وشعر رأسها بعد الذي كتبت بريشة قلمك.. أرأيت أن الحرية التي شنفت بها آذاننا عقودا من الدهر هي حرية لم تصمد في أول إختبار لك.. إختبرك الذي إختبرك بمقال عن كون الإسلام هو الحل ( ولك مطلق الحرية أن تعارض ذلك أو تسانده أو تتخذ منه الموقف الذي يناسبك كلما كان الأمر نسبيا أو قابلا للحوار فليس هو في دائرة الثوابت القطعية التي لا يطأها الإجتهاد حتى لو كان من نبي مرسل ) .. إختبرت بذاك فنضحت بما فيك.. سخرية لاذعة من الحدود ومن الشريعة وكأن الإسلام سروال عبد الرحمان يأتي الأقزام من ملتك فينقص منه طرف الشريعة أو طرفا من طرفها ثم يأتي ضرب آخر من الأقزام فيفصله على مقاسه فهو هنا إسلام فرنسي وهناك خليجي وهو اليوم إسلام عقدي وغدا إسلام سياسي.. وهو اليوم إسلام إشتراكي وغدا إسلام ليبرالي .. بل قال قائلكم : أنا مسلم عالماني.. ثم قال الآخر متمحلا بظرافة الخبثاء : أنا مسلم عالماني عالمانية جزئية أفصل الدين عن السياسة وليس عن الحياة.. وما المانع أن يقول القائل : أنا مسلم كافر وأنا مسلم شيوعي وأنا مسلم وثني وأنا مسلم مشرك وأنا مسلم يهودي ومسلم نصراني ومسلم لا يؤمن بالله ومسلم لا يؤمن باليوم الآخر..

الخمار الذي تهزأ منه يا سيد مرزوقي هو هوية أمة.

ليس الخمار قطعة قماش تستر بها المرأة شعر رأسها أو نحر صدرها ولكن الخمار جزء من هوية ثقافية. المختمرة من النساء ترفع فوق رأسها علما مكتوب عليه : أنا إمرأة شقيقة الرجل ولست أنثى تبيع جسدها للرائح والغادي.. أنا إنسان مكرم معلم مستأمن مستخلف محرر مسؤول.. ولست قطعة حلوى معروضة أمام الذباب الجائع يفترس مني الذي يشاء ويدع الذي يشاء.. الخمار هوية المرأة التي تعمل حقا على تحقيق هذا المبدإ النبوي العظيم ( إنما النساء شقائق الرجال ).. الخمار علامة من المرأة إلى الرجال أن العبرة بما في الرأس من علم وحكمة وما في القلب من حلم وأناة وليست العبرة بالشعور والنحور والصدور والخصور التي تجعل من المرأة طعما يصطاد به صاحبه الطماعين والجشعين والنهمين بمثل ما يقنص الصياد بطعمه فريسة أغرتها الفتنة فوقعت في شرك الهزيمة.. الخمار رمز مقاومة تتحصن به المرأة ضد شياطين الإنس.. الخمار رمز تحرر من الشهوات البهيمية خارج عش الزوجية الطاهر.. الخمار رمز كرامة تكون به المرأة وليا على الرجل بكفاءتها وليس بفتنتها ولا بغوايتها.. بمثل ما كانت الشفاء في عهد الفاروق وليا على مئات من أهل الأسواق.. إذا كنت يا سيد مرزوقي من عبيد الغرب فأعلم أن الغرب المسيحي واليهودي سواء بسواء يقول بتغطية شعر رأس المرأة ويعمل به قبل أن تشغب عليه الشاغبات.. وإذا كنت من عبيد الطبيعة فأعلم أن الأصل في الإنسان فطرة وغريزة هو التحلي بلباس التقوى.. حتى قبل أن تتنزل تعاليم الدين .. أي دين.. الطبيعة التي تعبدها مع الله أو من دونه أصلا هي التي قضت بأن التعري للحيوان الأعجم أما الحياء والتستر فهو للآدمي المكرم.. ليس الإسلام الذي تنكر شريعة بدعا من ذلك بل سبقته بذلك اليهودية والنصرانية وسبقت الفطرة الطبيعية بذلك كل الأديان..

أرأيت كيف أنك تنعق بالحرية والكرامة بينما تصطف بوعي منك أو دون وعي في خندق سركوزي وبن علي والسفلة الذين لا يقرون في باطنهم للمرأة حقا إلا حق الكفر وحق الفسق وحق الخروج عن سنن الفطرة وشبكة السنن الإجتماعية.. أما حق الفكر وحق الإعتقاد وحق الإنسجام مع داعيات الفطرة فلا أصل له ولا فصل في أناجيل الغرب المتبرج بطرد فلاسفته المهرة من مثل قارودي ومراد هوفمان.. إنه ذاته الغرب الذي شنق قاليلي وكوبرنيكوس بأمعاء القسيسين والقياصرة.. هو ذاته الغرب الذي يشنق اليوم فلاسفته الذين إختاروا الإسلام عقيدة وشريعة ومنهاجا.. أما التوفيق منك بين ذلك الغرب شريعة وهذا الإسلام عقيدة .. فإنما توفيق بين متقابلين..

العالمانيون وأردوغان.

عبثا يحاول العالمانيون نسبة التجربة التركية الحديثة على يد أردوغان إلى حصيلتهم.أما رأوا بأم أعينهم أن الرجل الذي يشيدون به يحرص على الظهور بزوجه بمثل ما يفعل رئيس الدولة نفسه في كل محفل دولي مختمرة.. ذلك صنيع الحول من الناس دوما.. يغضون الطرف وهو كليل عما لا يريدون إلتقاطه ويبرزون في إزدواجية مقيتة لقيطة ما تشتهيه أنفسهم ثم يمطروننا بوابل من دروس العقلانية والرشد كأنما الواحد منهم حفيد من أحفاد أرسطوطاليس أو أفلاطون.. لا يرون في أردوغان وتجربته إلا جانبها السياسي أما حرص الرجل وأسرته على الإلتزام بالإسلام قدر المستطاع مع التسليم بأنه عقيدة وشريعة ومنهاج ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) فضلا عن قيادة سياسة إستراتيجية تمكن للإسلام الجامع عقدا بعد عقد بمرونة وذكاء ودأب لا يفتر .. ذلك ما تكل عنه أطرافهم..

تثوير الشعائر هو تشعير الثورات يا سيد مرزوقي.

عزا المرزوقي الإنتشار السريع للإسلام إلى ذهاب الشعائر بثوريتها إلى حد بعيد. أي أن شعائر الإسلام ( من مثل الصلاة في صف واحد منظم وسجود للواحد الديان سبحانه في حين أن الهنود مثلا وغيرهم على حد تعبيره يسجدون لآلهة الأرض) عندما فقهت من لدن المسلمين الأوائل على أنها ثورات تحريرية كبرى صنعت ذلك الإندياح العجيب السريع.. لا خلاف على ذلك يا سيد مرزوقي .. ولكن الأصح من ذلك حتى نتجنب الحول العالماني الذي يبش في وجه المقاصد الشرعية ويهش لها طربا بينما يكل طرفه عندما يظفر بالنص الشرعي الذي خرجت تلك المقاصد من أحشائه الأصح من ذلك هو أن الثورات الإصلاحية العظمى في وجه الإستبداد مثلا أو الجور الإجتماعي أو غير ذلك .. لا تكون ثورات واعدة بالعطاء الجزيل حتى تتشعر.. أي حتى تشعر وتقلد ( أي تعلم وتؤمر ) بشعائر الإسلام.. إذ كيف تولد الثورات التحريرية العظمى من أحشاء تلك الشعائر الإسلامية التعبدية عندما تؤدى بأشكالها وهيئاتها وقالاتها ومكيلاتها وموزوناتها وأزمانها وأماكنها محققة لمقاصدها التي من أجلها أنشئت .. كيف تولد الثورة من رحم العبادة ثم تكون الثورة ثورة غير عابدة.. كيف تفسق الثورة عن تعاليم أمها ثم ننسبها إليها بقولنا إن الشعائر هي التي ثورت إلى حد بعيد فصنعت الأمجاد والأتلاد وطوت الوهاد والنجاد.. كلامك صحيح يا مرزوقي ولكن بشرط ألا تلتزم الحول الفكري.. فلا تستخرج الثورة من العبادة ثم تسبح بحمد الثورة وتلعن العبادة.. بكلمة أخرى : إما كاذب أو جاهل من يرضى بعقيدة الإسلام ثم يفصلها عن المنهاج الذي يمكن لها أي الشريعة.. إلا عقيدة النصارى واليهود التي لا تستوجب شريعة ولا منهاجا في الحياة.. أما عقيدة الإسلام فلا تستوي في الحياة حتى تقوم عليها شريعة تحميها بمثل أن الشريعة لا تستوي نظاما لحقوق الإنسان في الحياة ( رغم أن حقوق الإنسان في الإسلام فرائض مفروضة وليست مجرد حقوق يمكن التنازل عليها حتى من صاحبها نفسه ).. حتى يقوم عليها منهاج سياسي يمكن لها.. ألا تقرأ في الطب يا دكتور منصف أن الإنسان جهاز متعدد الأبعاد متكامل الأضداد متجانس الأرداد.. هل يمكن فصل الجهاز الهضمي مثلا عن الجهاز النفسي.. أليس ما يصيب الجهاز النفسي يكر على الجهاز الهضمي إلى حد القرحة والقيء مثلا.. بمثل ذلك هو الإسلام : جهاز متعدد الأبعاد متكامل الأزواج متجانس الأرداد.. ألا تقرأ في علوم النفس والإجتماع يا دكتور أن التكامل هو سنة الكون وقانون الإجتماع.. ألا تقرأ أن أقوى سنة كونية وإجتماعية طرا مطلقا هي سنة الإزدواج.. ألا تعلم أنه لولا قانون التكامل الجامع بين المزدوجات في الكون والخلق والنفس لصحت بعض أجزاء الماركسية القائمة على قانون الصراع المدمر بدل التدافع السنني.. إذا كان الكون من حولنا قوامه الإزدواج والتكامل أفلا يكون الإسلام وهو من المشكاة ذاتها كذلك : مزدوج الأبعاد مركب الأسناد فهو عقيدة هنا وشريعة هناك ومنهاج هنالك ولكن يلقن ذلك الأطفال الصغار دربة على فن التفكيك فإذا نضجوا دربوا على فن إعادة التركيب فيكون الإسلام وحدة جامعة متكاملة رسالتها العامة : تحرير الإنسان وتكريم الإنسان وتعليم الإنسان وتأهيل الإنسان لمهمات الخلافة والأمانة والمسؤولية.. ألا ترى من كل ذلك أن البناء الإنساني وأنت طبيب هو البناء الإسلامي .. ذلك أن الإنسان للإسلام وأن الإسلام للإنسان.. فمن فصل بين الإنسان وبين الإسلام فقد فصل بين الروح والجسد ومن فصل بين العقيدة وبين الشريعة فقد فصل بين الإنسان وبين الإسلام..

هذه عقبة العالمانيين وعقدتهم.

العقدة المريرة التي لم يتجاوزها العالمانيون ( سواء كانوا بتعبير الدكتور محمد عمارة علمانيين جزئيين يفصلون بين الإسلام وبين السياسة والدولة أو كانوا عالمانيين كليين أو شموليين يفصلون بين الإسلام وبين الحياة العامة كلها ).. هي عقدة غربية مفادها أن الدين بالجملة وبما ينسحب على كل دين لا يكون إلا خصيما للتقدم والعلم والنهضة والإزدهار ومقاومة القيصرية والإكليروس الديني والدغمائية الكنسية المقيتة.. عقدة العالمانيين العرب هي أنهم يقرؤون الإسلام قراءة غربية.. كلما ذكر الإسلام تحولت ذاكرتهم تلقائيا إلى المعركة الطاحنة التي جرت في أروبا بين الكنيسة التي كانت تمثل الدين المسيحي متحالفة مع الإقطاع السياسي والزراعي وبين الثورات العلمية.. تلك عقدة من تخلص منها منهم فقد نجا بعقله ومن حبس نفسه فيها فقد سجن نفسه في بئر سحيقة.. تلك عقدة ورثت عند بعضهم عقدة أخرى مفادها أن الإسلام لئن إختلف مع الكنيسة في تقديم العلم وتقديس العقل وتكريم الإنسان ومقاومة الظلم والجور والحيف فإن بعض تكاليفه التعبدية ( أما الشرعية فلا بالتأكيد لأنها كلها معقولة مفهومة معللة مقصدة ) غير مفهومة وما هو غير مفهوم للعقل حتى لو كان عدم الفهم هو في التفاصيل وليس في العلة الكبرى والمقصد العام من مثل الإبتلاء بالطاعة في عدد الركعات والمزمنات والهيئات وغير ذلك فلا بد أن يؤول فإن لم يؤول فلا بد من رفضه ورده.. الحقيقة أن هذه العقدة هي بالتحديد عقدة الكبر.. أنى لي أن أمرغ أنفي في التراب ساجدا في وضع ذلة ومهانة لخالق لم أره ولم أسمع منه شيئا يوما.. هما عقدتان : عقدة عقلية تحيل صاحبها إلى التجربة الغربية في الصراع الكنسي العلمي وعقدة نفسية تحيل صاحبها إلى آفة الكبر..

بعضهم يصدهم الجهل حقا.

بعض العالمانيين يصدهم الجهل المدقع والمركب حقا. بعضهم يظن أن كلمة الشريعة الإسلامية تعني أن الخلفاء والأمراء ( وحزمة أخرى من الأسماء والألقاب التي لا دليل على سنية إستخدامها إنما هي أسماء لا تقدم ولا تؤخر ولا تحمل عبرة أصلا).. يصنعون الشريعة وحدودها بأنفسهم أو بأمر من رجال الدين ( بحسب التفكير العالماني القاصر بسبب قياسه للإسلام على الكنيسة والشرق على الغرب ).. بعضهم لفرط جهله المركب المدقع يظن أن الإسلام بشريعته قيد من القيود الصارمة وسخط من السماء نازل وهو سيف بتار بأيدي العلماء أو الأمراء.. تصور ساذج سخيف.. تصور تكذبه النصوص الناطقة بإسم الإسلام كما تكذبه مقاصد الإسلام والأهم من ذلك كله أن سنة محمد عليه الصلاة والسلام تكذبه تكذيبا فضلا عن سنة الخلافة الراشدة.. ولكن أنى لهؤلاء أن يدرسوا قرآنا أو سنة أو خلافة راشدة.. هؤلاء يتعلمون الإسلام من ألد أعدائه : المستشرقون ( وإن لم يكونوا كلهم كذلك إنصافا ).. صحيح أن تاريخنا شابه الذي شابه من الإنحرافات ضد حقوق الإنسان بإسم تطبيق الشريعة الإسلامية ولكنه في جملته وليس في تفصيله صورة ناصعة بيضاء على ضمان كرامة الإنسان وحرماته المادية والمعنوية فردا وأسرة وجماعة.. يجهل أولئك أن علاقة الإسلام بالسياسة والدولة والشأن العام هي علاقة وصل وفصل معا. علاقة عادة ما تحكمها المقاصد العامة والمبادئ الكلية والتوجيهات الخلقية.. ولكنهم يطيرون ببعض تلك المقاصد ينزعونها من مظانها النصية نزعا.. وبذلك يتخيلون أن الإسلام والشيوعية صنوان.. وما المانع وكلاهما يقول بالعدالة الإجتماعية.. وكذا الإسلام والرأسمالية صنوان وما المانع وكلاهما يقول بالحريات السياسية.. إنه الجهل المركب المدقع عندما تركن إليه النفس..

أجل. الإسلام هو الحل.. ولكن ..

كلمة الإسلام هو الحل.. إنما تكون صحيحة في سياقها الطبيعي. من تلك السياقات الطبيعية ظهور شعار يقول بأن العالمانية هي الحل ( المقصود بالعالمانية هنا في أغلب مجتمعاتنا العربية والإسلامية حيث تكون الأكثرية مسلمة أما شأن المجتمعات مزدوجة الإنتماءات فقد تكون العالمانية هي الحل ولكنها العالمانية الحقيقية الأصيلة التي تعني : ضمان الحريات الفردية والعامة أما العالمانية التي يتبناها السيد المرزوقي ليشطب بها حق فتاة في خرقة قماش فوق رأسها بدعوى أن ذلك لا يحد من مشكلة الإحتباس الحراري .. تلك عالمانية مستبدة حليفة الدكتاتورية ).. إذا قال العالمانيون أن العالمانية هي الحل قلنا أن الإسلام هو الحل.. الإسلام هو الحل هو كقولك إن تفرقنا اليوم وتأخرنا إنما سببه غياب الحريات وغياب الوحدة.. هل يجادل عاقل حصيف في أن غياب الحريات وغياب الوحدة هما الداءان العضالان.. ولكن يقال ذلك في حملة إنتخابية أو خطبة جمعة أو إجتماع عام أو مهرجان خطابي أما عندما يجلس الناس للحوار وإنجاز البدائل ودراسة الأوضاع فإن كلمة الإسلام هو الحل هو إما جهل أو حماقة.. الإسلام هو الحل هو الشعار الإطاري الأكبر.. هو صحيح هناك.. أما عند العمل والتنزيل فإنه لا بد من تفصيل وتمييز يتطلب تأجيلا حينا وتقديما أو تأخيرا حينا آخر أو إستثناء حينا ثالثا.. الإسلام هو الحل يعني أن الحل في بدائل الإسلام الكبرى من مثل الحريات السياسية والعامة والفردية ومن مثل العدالة الإجتماعية وغير ذلك.. الإسلام هو الحل في مقابل أن الشيوعية هي الحل أو العالمانية هي الحل أو الليبرالية هي الحل أو الإستبداد هو الحل .. الإسلام هو الحل هو الكلمة الأولى ولكنها تقال ثم تفسح مجالها للتفصيل والتفكيك والتركيب وكل عمليات البحث والدراسة بما تقتضيه مناهج التنزيل وأساليب التطبيق من تدرج ومرونة وتقويم ونخل .. الإسلام هو الحل شعار يرفعه من آمن بأن الإسلام عقيدة هو جاهز للتطبيق فورا بكل يسر وكذلك خلقا وعبادة أما شريعة ومنهاجا فإن الأمر يتطلب رأيا قبل شجاعة الشجعان.. الإسلام هو الحل شعار جاهز وغير جاهز في الحالين معا.. الإسلام هو الحل بكلمة واحدة يرسم الطريق الصحيح فإذا إنتظم الناس في ذلك الطريق الصحيح لهم بل يجب عليهم أن يجتهدوا ويجددوا سيما أن الإسلام أتاح لهم ثلاثة أرباعه للإجتهاد ولم يمنع من الإجتهاد إلا ربعا واحدا سماه ( القطعي ورودا القطعي دلالة ) وهو ما لا يتجاوز جزء واحدا من عشرين جزء.. هل تجد يا سيد مرزوقي شريعة في الدنيا تسمح للناس كلهم وليس لرجال الدين رغم أن كلمة رجال الدين مسيحية قحة لا يعترف بها الإسلام ولكن أخاطبك بلسانك أن يعملوا فيها مباضع إجتهادهم بنسبة 75 بالمائة من مساحتها.. الإسلام هو الحل هو إعلان بداية الإجتهاد والتجديد.. من إكتفى بقوله الإسلام هو الحل هو الأحمق.. وليس أحمق منه سوى من رد قالة أن الإسلام هو الحل بالكلية.. كلاهما أحمق.. أما الحصيف فهو من رسم منهاجا لحياته الفردية والأسرية والإجتماعية سماه ( الإسلام هو الحل ) ثم عكف على إستخراج لآلي الإسلام وإستكشاف طاقاته الكامنة وإستنباط معانيه ومقاصده وحكمه ينزلها في محالها المناسبة فإذا إنتفى المحل إنتفت الشريعة تماما بمثل ما أكد ذلك الفاروق عليه الرضوان عملا.. فلا شريعة إلا بمحل تتنزل فيه.. أما عدم تهيئة المحل أصلا لإحتضان الشريعة جرعة بعد جرعة فإن صاحبه يرفع شعارا عنوانه : الجاهلية هي الحل.. أجل. للإسلام وشريعته نظام بيئي كامل وبمثل ذلك أنظمة آية في الجمال والجلال والكمال في كل حقل يحتاجه الإنسان .. ولكن دون ذلك عقبة هي : عقبة الإجتهاد إلتقاطا لكل ذلك من الوحي الكريم المعصوم.. أما أن يزودك الوحي الكريم إياها على طبق من فضة وورد وأنت تحتسي قهوة المساء فوق أريكة فدون ذلك نجوم السماء.. إنما الإنسان المجتهد أما الخامل فهو أحط من الحيوان الأعجم .. والأسد كما قال الشافعي بحق لولا فراق الأكم ما إفترست..

حرية الفكر لا فوضى الجهل يا سيد مرزوقي.

يسير جدا أن ترميك سهام العالمانية كلما نقدت أحدهم بالتكفير والتفسيق. لقد برعوا في نزع تلك السهام من نصالها.ولكن الحق أحق أن يتبع حتى لو كانت ضريبته عالية. أجل. حرية الفكر عندي عقيدة معقودة دونها خرد القتاد كما قالت العرب. ولكن حرية الفكر شيء والتسربل بها لإشاعة الفوضى والجهل والإفتئات على الثوابت العلمية القاهرة شيء آخر. ما ورد في الإسلام من حقائق أي من القطعي ورودا ودلالة في أي حقل كان ولو كان حقل الغيب .. ما ورد من ذلك هو الحق الأبلج.. وفي ذلك قال الأصوليون : الثابت بالبرهان كالثابت بالعيان.. أما العجماوات الناطقة التي تؤمن بالثابت بالعيان وتكفر بالثابت بالبرهان وهي تحتكر الرشد والبرهان والعقلانية.. تلك عجماوات إما أن تتعلم وإما أن تمسك عن الكلام حتى تتعلم إلا أن تكون رويبضات سفيهة تتكلم في أمور العامة والغيب والشهادة تخرص خرصا.. قل في الإسلاميين ومشروعهم ما شئت وبمثل ذلك في آراء المفسرين والمؤولين والكلاميين والفلاسفة والشعراء والعلماء والفقهاء ولا تدع قائلا إلا عقبت عليه إن شئت.. لا حرج عليك ولا تثريب.. حتى لو قلت : هم رجال وأنا رجل.. للناس آذان وأعين وألباب تميز بها الصالح من الطالح.. أما أن يؤزنك الكبر الكابر أو يهزنك الجهل الفاضح المدقع المركب فتفتئت على صحيح الوحي المعصوم سيما من القرآن الكريم بإعتباره متواترا كلمة كلمة .. فلا تنظرن عندها أن نكمم أفواهنا أو أن نغمد أقلامنا حياء منك أو من غيرك.. لو تكلمت في الطب ما سمعت مني ورب الكعبة كلمة واحدة.. أما إذا عقبت على الوحي المعصوم وأنت تدعي الإيمان به حتى عقيدة دون شريعة بحسب زعمك .. فلا تنظرن منا الصمت.. ومن إستغضب فلم يغضب فهو الحمار.. إذا كنت تحترم نفسك حقا فلا تقولن على ربك بغير علم بمثل أنك لا ترضى أن يقول قائل ليس له أي علاقة بالطب في طبك.. كيف ترى أن تخصصك دونه سنوات علم طويلة مضنية مريرة أما الوحي المعصوم بعلومه فهو مرتع مشاع يطأه الجاهل والأحمق سواء بسواء.. فكر كما تشاء وإنقد من تشاء إلا أن تفتئت بما ليس لك به علم على القرآن الكريم بما ينطق به هو نفسه وليس بما يفسره ويؤوله الناس .. أو ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام.. عندها تكون قد تجاوزت حدودك.. وتطاولت على مقام أمة بأسرها تقدس كلام ربها تقديسا..

الهادي بريك ألمانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.