فيصل القاسم: لنشرك السيد المنصف بن سالم من تونس تفضل يا سيدي. المنصف بن سالم/ تونس: تحياتي لك يا دكتور فيصل.. فيصل القاسم: يا هلا. المنصف بن سالم: وإلى مشاهديك ولست من مشاهديك لأني مقيم بالمستشفى الآن. فيصل القاسم: تفضل. المنصف بن سالم: يا أخي فيصل ورد في مقدمة برنامجكم هل يوجد تعذيب في السجون العربية؟ جوابي لا يوجد تعذيب في السجون العربية وإنما يوجد تحطيم للذات الآدمية التي كرمها الله ودوس للكرامة البشرية خاصة عندما يتعلق الأمر بالسجناء السياسيين، هذا شعوري من خلال ما عشته في سجون تونس والحال ينسحب على معظم الأقطار العربية لكن بتفاوت وهي سياسة ممنهجة ومبرمجة وليست أعمالا طائشة أو أعمالا عفوية كما يقال، فالسجين السياسي عندما يتجاوز باب السجن داخلا يسلم جسده وإرادته إلى من لا يرحم ولا يرقب في ضحيته إلاّ ولا ذمة يتفنن في التشفي والانتقام وإذا كانت الوحوش في الغابة تقتل صيدها قبل أكله فوحوش البشر تأكل ضحيتها وهي حية بالروح والنفس وهذا التحطيم له بعدان أصنفهما كما يلي، البعد الصحي وهو يتمثل في بعض النماذج التي -حتى لا أطيل عليك- الجذب واللجم واللكم لأتفه الأسباب وأحيانا دون سبب فهو ما يناله السجين السياسي، وعند نقل السجين السياسي من سجن لآخر -هذا ما عشناه في تونس- يقام له حفل استقبال ويتمثل في نزع ثيابه كاملة ووضعه بين مجموعة من الجلادين يتقاذفونه كالكرة بينهم حتى يطرح أرضا ويغمى عليه ثم يجبر على الزحف على الحصى ويأمرونه بالصياح كالدجاج يقاقي لأنه سارق دجاج وليس سياسيا فسجوننا خالية من سجناء الرأي أو هكذا يقولون! ولأتفه الأسباب يعاقب بالسجن الانفرادي وأحيانا يربط كالحيوان في سلسلة ويبيت أين يقضي حاجته فوق الإسمنت وأين يتبول، يترك المريض دون إسعاف يهمل أحيانا حتى الموت، يجبر السجين على الحلاقة بنفس الشفرة -اسمعني هذا الخبر الهام- يحلق بنفس الشفرة مع 15 آخرين من مستعملي المخدرات والشواذ أي أوساط مرتع فيروس نقص المناعة المكتسب أجاركم الله والهدف واضح من ذلك، وهناك هجوم جرذان كبيرة تخرج من البالوعات المفتوحة على البيت لتنهش عظامنا ونحن نيام. أما المجال المعنوي فيوضع السجين في زنزانة خاصة بالشواذ وهي مكتظة إلى درجة النوم رأسا وذنب ويبيت طول الليل يشاهد وحوشا تمارس الرذيلة والفاحشة، يمنع من كل أدوات القراءة والكتابة لعدة سنوات، يستفز يوميا بتفتيش أمتعته وهي أضعف الأمور والبعثرة بها والعبث بها وهناك ينادى السجين السياسي بشتى أنواع الأوصاف المشينة كعصابة مفسدين وعملاء وخونة وعملاء إسرائيل، ويعاقب كل من يمد يد العون إلى أي سجين سياسي من ذلك أن أحد السجناء وهو متقدم في السن ناولني حبة موز ذات مرة فأخِذ وجلد على قدميه حتى أصبح لا يقدر الوقوف عليها لأنه ناولني حبة موز فقط. -----------------------------