قبل كل شئ هذا الحوار هو من بنات أفكاري استقيته مما يدور على الساحة من آراء واختلافات وليس بالضرورة يجسد تجسيدا كاملا عن كل ما يتبناه كلا الطرفين وإنما اخترتهما لما يمثله كلاهما من حضور على المشهد فعزمت أمري وتوكلت على الله واتصلت بكلاهما وأحضرت لهما متكئا وفرشا كما لم أنسى أن يتخلل هذا الحوار مشاركة الجمهور الذي لعب في خلال النقاش دور المشجع وما تستدعيه كامل هذه الكلمة من معنى فيصل الحد في بعض الأحيان إلى ماوصل إليه الأمر بين الجزائر ومصر دخل الشيخان الفاضلان البيت وبعد المعانقة والسلام قال الغنوشي : قرأت ماكتبت مؤخرا وإني أحترم ماجاء فيه ولكني يا أخي أنا أختلف معك في كثير من النقاط أهمها أنك صورت الحركة وكأنها وجدت يدا ممدودة من النظام وهي ترفض وقف هذا النزيف الذي ندفع نحن ثمنه وكأننا نعشق التمتع والتلذذ بآلامنا مع العلم يادكتور أنه بعد أن تم إطلاق آخر دفعة من أبناء الحركة لو تذكر قد صرحت للجميع أنه لو تجد قيادة الداخل أي حل مع السلطة فنحن هنا في المهجر موافقون على كل مايقررونه عنا ولكن ياأخي أثبتت لنا الأيام بعد ذلك أن النظام لااستعداد ولانية لديه للحوار معنا لأننا في الحقيقة طرقنا الباب أكثر من مرة وطالبنا بالحوار والمصالحة ولكن لم نجد آذانا صاغية فكيف يكون مجرد احتجاجنا على مايحصل هو السبب في تعميق الأزمة .... هنا تدخل أحد المشجعين وقال نعم أنتم السبب ويجب حل حركة النهضة فعلا الصراخ وكادت أن تحل حركة النهضة لولا تدخل عبد المجيد النجار فقال: أنا قدمت رؤية متكاملة وتطرقت إلى الأزمة ومن ثم قدمت هذه الخارطة التي بينت فيها أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع وقلت فيها أن نصيب الأسد لهذه الأزمة تتحمله السلطة كما أشرت في أن المعارضة قد تكون محقة في أن السلطة لاتتجاوب ولكن هل يعفينا ذلك من أن نعترف بأخطائنا حتى نستطيع تجاوزها وخاصة أن هناك أصوات من صلب الحركة بدأت تململ وتبدي امتعاضا لنهج المغالبة الذي أكدت الأحداث أنه لاطائل منه ولافائدة ترجى وماستفدنا منه إلا ثقافة المظلومية... تدخل أحد المشجعين قائلا إنها خيانة إنه أمر دبر بليل تريد يانجار أن تتخذ قميص عثمان لتقسم الحركة وعلا الصراخ ثانية وكادت أن تتدحرج رؤوسا لولا تدخل الغنوشي قائلا
عن أي مظلومية تتحدث يادكتور نحن لانتكلم عن مشكلة حصلت من آلاف السنين نحن الآن نعذب الآن نمنع الآن نسجن الآن نهجر أين تضع الصادق شورو في ثقافة المظلومية
تدخل مشجع آخر الصادق شورو لم يعطي لنفسه حتى فرصة التأمل في المستجدات فما إن خرج من السجن حتى رجع للمغالبة تدخل النجار وأسكته وقال إن هذه المبادرة قد تكون قاصية في بعض تفاصيلها ولكنا ننشد في تطبيقها حلا للإنسداد الحاصل ولذلك أنا ركزت على المستقبل وأردت تجاوز الماضي وذلك لمصلحة الحركة وخاصة أن هناك مؤشرات قوية تثبت أن التغيير قادم لامحالة فلما لانحاول التعامل مع هذا الواقع ونشارك ونساهم في حل هذه الأزمة وخاصة أننا طرف فيها قال الغنوشي المشكلة أنكم تتجاهلون أن هذه الأزمة متعلقة بأكثر من طرف وصحيح أنك أشرت أن النظام له اليد الطولى في هذا الأمر ولكن هل النظام مستعد لهذه المصالحة هل النظام قدم لنا ما يشير أنه يقبل الحوار هل النظام استجاب لنداءاتنا لما صرح قياديو الداخل في أكثر من مرة أنهم يريدون تجاوز الماضي وأنهم يريدون النظر إلى المستقبل فمالذي قابلهم به النظام إلا زيادة في سياسة الحقد والتشفي فكيف تريدنا أن نتجاوز واقعا نعيشه إلى واقع معدوم وليس له وجود إلا في مايتمناه بعضنا وإذا كان الأمر بهذه الصورة فكيف ستنزل مبادرتك وأهم لاعب فيها غائب عنها فهل يبقى معنى وقتها لمصالحة مبتورة من أولها تدخل مشجع نعم القول ماقلت ياشيخ لافذ فوك قال النجار لم أتجاوز الواقع ياشيخنا ولو كنت أعرف أن الواقع جيد ومقبول لما قدمت هذه الخارطة أصلا أنا أريد تغيير هذا الواقع الذي نعيشه إلى الواقع الذي نتمناه ثم لاتنسى أن هناك واقعا آخرا لم تنتبه إليه قيادة الحركة وهو أن كثيرا من أبناء الحركة بدؤوا بالتململ والتذمر للسياسة المتبعة في التعامل مع النظام تدخل مشجع قائلا نعم أنا أدين هذه السياسة وأدين العنف وأنا مستقيل من الحركة ولاتلزمني قراراتها قال الغنوشي أستاذي الكريم قاطعه رجل من أقصى المدينة نريد مئة توقيع من مئة نهضوي يعتذرون للتجمع عن أخطائهم وأنا أظمن لكم المصالحة قال له النجار اترك الشيخ يتكلم فالكلمة له قال الغنوشي أستاذي الكريم إن ماتدعوننا إليه ليس مصالحة بل هو استسلام وإذعان للظلم وسكوت عن حق كفلته جميع الدساتير فلا تنسى أننا نحن الضحية وغيرنا الجلاد وبالبرغم من ذلك لو نلمس من النظام ما تقول فلاأحد منا يرفض ماتعرض ولكن تجري الرياح بما لاتشتهي السفن فتدخل رجل حكيم وقال ياقوم انتبهوا وفرقوا بين مايعرضه النجار وغيره من الوجوه المخلصة وبين من يريد أن يستغل هذا الأمر ليحدث الشقاق ويصور الأمر وكأن النجار من أولائك الذين مالوا كل الميل فحولوا سهامهم إلى الحركة ليهدموها بينما الحق أن النجار ينتقد ليبني وهذا هو الفراق بينه وبين غيره كما لايفوتني أن أقول أن مايقوله النجار فيه من الحق ما لو أضفناه إلى الحق الذي يقول به الغنوشي لوصلنا إلى مانرجوه جميعا فطلب رجل آخر الكلمة وقال اسمحوا أن أوضح شيئا أحسب أن الجميع فاته فحمد الله وأثنى عليه ثم قال للنظام خطة تتمثل في التالي 1 ) أن تدور حرب كلامية مستمرة بين أبناء الحركة والمستقلين منها 1 2 ) أن تشعل حرب بين الحركة الاسلامية وأحزاب المعارضة 3 ) أن يشغل الكل بالكل حتى يبقى يتفرج عن صراع الاخوة الأعداء وتتفرق المعارضة 4 ) أن يرى كل طرف أن النظام أقرب إليه من الطرف الآخر 5 )يستخدم أطراف متعددة لهذا الغرض بعضها يلوم الجهات العلمانية على تحالفها مع الاسلاميين . وبعضها يلوم الاسلاميين على سكوتهم على تجاوزات العلمانيين . المهم أن لا يستفزنا التحريض ، وأن أن تكون ردودنا في إطار المطلوب شرعا والمسموح به سياسيا . وليس استجابة للبالونات الحرارية . تَعالوا بِنا نَطوي الحَديثَ الَّذي جَرى
-- وَلا سَمِعَ الواشي بِذاكَ وَلا دَرى تَعالوا بِنا حَتّى نَعودَ إِلى الرِضى -- وَحَتّى كَأَنَّ العَهدَ لَن يَتَغَيَّرا وَلا تَذكُروا ذاكَ الَّذي كانَ بَينَنا -- عَلى أَنَّهُ ما كانَ ذَنبٌ فَيُذكَرا لَقَد طالَ شَرحُ القالِ وَالقيلِ بَينَنا -- وَما طالَ ذاكَ الشَرحُ إِلّا لِيَقصُرا مِنَ اليَومِ تاريخُ المَحَبَّةِ بَينَنا -- عَفا اللَهُ عَن ذاكَ العِتابِ الَّذي جَرى دعونا نردد أيضاً من اليوم تعاملنا -- ونطوي ما جرى منا فلا كان ولا صار -- ولا قلتم ولا قلنا وإن كان ولا بد من العتب فبالحسنى فقد قيل لنا عنكم -- كما قيل لكم عنا كفى ما كان من هجر -- فقد ذقتم وقد ذقنا وما أحسن أن نرجع -- للوصل كما كنا وفي خضم هذا الحوار الهادئ أذن مؤذن الصلاة فما كان من القوم إلا أن أقاموا الصلاة وصلوا ولم يجدوا بعد روحانيات العبادة بدا من التوقف عن الحوار على أمل أن يكملوه في المستقبل فقمت بدوري وقدمت اعتذاري لكلا الشيخين إن تطاولت على مائدتهما وعذري في ذلك أنني قدمت في الأول أن هذا الحوار اقتبسته من بنات أفكاري مستعينا في ذلك على ما أقرأه لهذا الطرف أو ذاك فليس بالضرورة مانسبته لأحدهما يكون صادقا عليه ولكن قطعا يصدق على من يؤيده في نهجه وهذا مانلاحظه من قراءت في هذا الموضوع ويحضرني في ذلك مايروى عن المناظرة التي حصلت بين الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان وإمام دار الهجرة مالك بن أنس فلما خرج أبوحنيفة سئل كيف رأيت مالك قال لايفتى ومالك في المدينة ولما سئل مالك كيف رأيت أباحنيفة قال إن هذا الرجل لو أراد أن يثبت أن هذه السارية من ذهب لأثبت كناية عن قوة حجته وإني لأحسب لو أن نقاشا كهذا حصل بين النجار والغنوشي ربما وصلا إلى ماوصل إليه مالك وأبي حنيفة كمالايفوتني أن أنوه إلى ماقاله الغلام لأبي حنيفة لما رءاه يلعب فوق جدار فقال أبوحنيفة احذر أن لاتقع ياغلام فقال الغلام احذر أنت فبوقوعك تقع الأمة وإلى أن يلتئم الحوار القادم دمتم في رعاية الله