بعد جلسة دامت أقل من ثلاث ساعات، أقر البرلمان البرتغالي مشروع قانون يسمح بزواج الشواذ في الدولة التي توصف بأنها الأكثر تدينا داخل الاتحاد الأوروبي، لتصبح بذلك سادس دولة أوروبية تجيز ذلك الأمر. وفي عددها الصادر السبت 9-1-2010 تحدثت صحيفة "ذا ديلي تليجراف" عن وقائع الجلسة التي شهدها برلمان البرتغال أمس الجمعة حول القانون الجديد، فقد شهدت تبادلا للآراء أعقبه تصويت على مشروع القانون في صيغته الأولى، والتي تُعد الأهم، حيث إن المرحلة الأخيرة تُعد مجرد إجراء عادي. وذكرت الصحيفة البريطانية أن مشروع القانون حظي بتأييد 125 عضوا في البرلمان البرتغالي، في حين صوت 99 نائبا ضد المشروع، مشددين على أن السماح بزواج المثليين ينافي القيم والتعاليم الدينية. من جانبه حرص خوسيه سقراط، رئيس الوزراء البرتغالي، على الحضور متحدثا قبل الجلسة للصحفيين بنبرة عكست ثقته في أن القانون ستتم الموافقة عليه، فيما صرح عقب الجلسة: "حضرت شخصيا للدفاع عن قانون الحرية والعدالة والمساواة والإنسانية"، على حد وصفه، مضيفا: "أنه (القانون الجديد) خطوة مهمة سبقتنا إليها دول عديدة، ومن المؤكد أنه ستلحق بنا دول أكثر.. كان لا بد من مسايرة الركب". وعلق المتحدث باسم رئاسة الوزراء على هذه الخطوة بقوله: "القانون خطوة اجتماعية مهمة في البرتغال التي دائما ما توصف بأنها واحدة من أكثر دول الاتحاد الأوروبي تدينا"، مشيرا إلى أن هناك مراجعة أخيرة ستجرى على القانون، ومن المنتظر أن تتم المصادقة عليه قبل زيارة بابا الفاتيكان بنديكيت السادس عشر المقررة مطلع مايو المقبل. احتفالات وانتقادات وعقب الموافقة المبدئية على مشروع القانون احتفل الشواذ خارج البرلمان بتبادل القبلات واحتساء كئوس الخمر، رغم ظهور بعض علامات الضيق عليهم نتيجة أن القانون الجديد لا يمنح المثليين المتزوجين حق تبني الأطفال؛ لأنه يعتبر الزواج والتبني أمرين مختلفين. وتعرض القانون لانتقادات شديدة من المعارضة التي يقودها المحافظون، بينما يحظى موقف الحكومة البرتغالية من زواج المثليين بدعم الأحزاب اليسارية التي تعترض على حرمان المثليين المتزوجين من حق التبني. وعلقت الأحزاب اليسارية والحركات المناصرة للعلاقات المثلية وعلى رأسها حركة "روزاروته بانثر" على القانون بأنه بمثابة "زواج من الدرجة الثانية"، مشيرين إلى كونه يُعد تمييزا ضد الشواذ لحرمانه إياهم من حق التبني، على حد تعبيرها. والبرتغال أصبحت سادس دولة أوروبية تقر زواج الشواذ بعد كل من النرويج والسويد وبلجيكا وهولندا وإسبانيا، حيث جاء كوفاء لوعود انتخابية قطعتها الحكومة الاشتراكية على عاتقها، كما تأتي في المرتبة التاسعة عالميا بعد جنوب إفريقيا وكندا ونيبال. وتجدر الإشارة إلى أن علاقات الشواذ في البرتغال كانت بمثابة جريمة يُعاقب عليها القانون حتى عام 1982، وتم رفع العقاب عنها منذ ذلك العام، لكنها لم تأخذ شكلا قانونيا، وبمقتضى هذا القانون الجديد الذي تبقت له مرحلة أخيرة صارت تلك العلاقات محمية بالقانون. وتوجد دول أوروبية أخرى تسمح بالزواج المدني بين مثليي الجنس، وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا وألمانيا. وموقف الكنيسة الكاثوليكية المعلن في هذا الأمر أن الخنوثة ليست خطيئة، ولكن الممارسات الجنسية الشاذة تعتبر خطيئة. وكان الكاردينال خافيير لوزانو باراجان، الذي تقاعد من منصبه هذا العام كمتحدث رسمي باسم الفاتيكان للشئون الصحية، قال في ديسمبر الماضي إن الشواذ جنسيا "لن يدخلوا الجنة"، إلا أنه رفض أي شكل من أشكال التمييز ضدهم، داعيا إلى "ترك الحكم عليهم لله". وفي عام 2008 حذر بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر من أن الشذوذ الجنسي يمكن أن يؤدي إلى تدمير الجنس البشري، داعيا إلى ما وصفه ب"الدفاع عن الإنسانية" ضد الممارسات الجنسية الشاذة.