السلطة التونسية والمصرية وقناة الجزيرة... تونس – الحوار نت - عندما تحرّض جريدة الصباح التونسيّة وعبر صفحاتها الأولى على قرصنة قناة الجزيرة الرياضيّة وفك شفراتها بطريقة غير قانونية وغير أخلاقية فإنّ هذا ينم عن سلوكيّات مستهجنة، لان تعمّد وسيلة إعلاميّة تُعتبر لسان حال السلطة إلى إقرار مثل هذه الأفعال، بل الدعوة لها والتشجيع عليها بشكل سافر، فهذه سابقة خطيرة، رغم أنّ "سوابق" الإعلام التونسي لا تعد ولا تحصى.
على غرار الصباح فإنّ الكثير من وسائل الإعلام التونسيّة كانت قد شنّت حزمة من الهجمات المركزة على الجزيرة الرياضيّة وباقي قنوات الشبكة، وأدانت ما سمّته "جشع القناة وابتزازها"، وربطت ذلك بالتوظيف السياسي.. وسائل الإعلام هذه التي عبثا تشحن المواطن التونسي ضدّ الجزيرة صمتت تماما أمام ما أعلنه المسئولون عن عزمهم بثّ لقاءات تونس ومصر عبر القناة الرياضيّة الثانية المفتوحة، واكتفت في أحسن حالتها بالإشارة للخبر - وبشكل مقتضب-، وهذا كل ما تكرّمت به جريدة الصباح للفت نظر الجمهور ودعاية للصحيفة لا غير "تبث قناة الجزيرة الرياضية 2 المفتوحة على القمر الصناعي نايل سات اليوم مباشرة من لوبانغو مباراة تونس وزامبيا بعد أن بُثت أمس مباراة مصر ونيجيريا لحساب الجولة الأولى للمجموعة الثالثة"، انتهى.
السلطات التونسيّة وكعادتها تفنّنت في استغلال الموضوع وليّ عنق الحقائق، حيث سارعت الآلة الإعلامية إلى التنويه بالقرار الحكيم والتاريخي والشجاع الذي اتخذه رئيس الجمهورية بإعلانه رصد 3 من المليارات لصالح الجمعيّات الرياضيّة ، وهو المبلغ الذي رصدته الجهات المختصة لشراء حقوق البث.
ولا أحد ثمّن ما قامت به الجزيرة، ولا حتى كلّفوا أنفسهم إبراز هذه المزيّة رغم أنّ القناة اجتهدت مع الإتحاد الإفريقي والشركات المالكة للحقوق من أجل إقناعهم بالأمر، ورغم أنّ الجزيرة ستدخل في أزمة مع الجزائر بحكم أنّ هذا البلد قد اشترى حقوق بث 10 مقابلات مختارة ب10 مليون دولار والأكيد أنّ المسئولين الجزائريين سيعتبرون هذا الفعل من قبيل المعايير المزدوجة، وأنّ الأمر لن يمر بسلام بين الجزائر والجزيرة.
الجزيرة التي سعت منذ انطلاقها إلى تقديم إعلام يرفع منسوب الوعي و الحريّة، ويرفع معه قيمة المواطن العربي كما يرفع سقف طموحه ، الشبكة التي يتمتع البراعم ببراعمها، والأطفال بقناة أطفالها، والتي يستشهد اليوم الإتحاد العام التونسي للشغل بشريطها الوثائقي المعروض على قناتها الوثائقية من أجل محاكمة قتلة الشهيد فرحات حشاد..
الأمر لم يقتصر على السلطة التونسية بل تعداه إلى نظيرتها المصرية حيث أن أسامة الشيخ رئيس قطاع القنوات المتخصّصة، وبعد فشل المفاوضات مع الجزيرة الرياضية على خلفيّة شراء حقوق البث، عاد ليكرر الأسطوانة المشروخة التي صدّعت آذاننا حين قال "أنّ المباراة لن تذاع"، وربط ذلك بكرامة مصر !! الكرامة والسيادة التي أصبحت جدّ حسّاسة إذا ما تعلق الأمر بالكرة والجزائر وسوريا وقطر وغزة وحزب الله وشافيز وغالاوي وقوافل الإغاثة.. لكن هذه السيادة والكرامة تتلاشى فجأة حين يكون الموضوع متعلق بإسرائيل وأمريكا وقتل الجنود المصريين برصاص الجيش الإسرائيلي، وتسليم عزام عزام بأوامر البيت الأبيض.. يبدو أنّ كرامة النظام المصري أصبحت تصاب بحساسيّة تجاه كل ما هو عربي أو من يناصر القضايا العربية !!! في خلاصة القول أن قناة الجزيرة هذه بالنسبة للسلطة المصرية والتونسية وغيرهما من الأنضمة العربية الشرعية "جدا" يحق فيها المثل التونسي القائل" كي لكرومة متاكلة ومذمومة".