رضا الرجيبي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم: "إذا كان ليلة القدر نزل جبريل عليه السلام في كبكبة من الملائكة، يصلون على عبد قائم أو قاعد يذكر الله عز وجل، فإذا كان يوم عيدهم يعني يوم فطرهم باهى بهم ملائكته، فقال يا ملائكتي! ما جزاء أجير وفَّى عمله؟ قالوا: ربَّنا جزاؤه أن يُوفَّى أجرُه. قال ملائكتي! عبيدي وإمائي قضوا فريضتي عليهم، ثم خرجوا يعجون إلى الدعاء، وعزتي وجلالي وكرمي وعلوي وارتفاع مكاني لأجيبنهم، فيقول: ارجعوا فقد غفرت لكم، وبدلت سيئاتكم حسنات. قال: فيرجعون مغفورًا لهم" رواه البيهقي في شعب الإيمان. قال أحد الصّالحين"يرجع من المصلّى في هذا اليوم قوم كما ولدتهم أمّهاتهم" إنّها فرحة العيد، فرحة الانتصار على النّفس وكسر شهواتها والتمكن من لجامها وتطويعها بعد عناد وشرود، فرحة انتصار إرادة الخير على إرادة الشّر والأهواء، فرحة التّخرج من مدرسة رمضان العظيمة بشهادة النّاجحين وجائزة الفائزين، شهادة منمّقة مزخرفة كتب عليها"ارجع فقد غفرت لك وبدّلت سيّئاتك حسنات".وتلك هي السّعادة الحق، الفوز برضوان الله وعطائه، عطاءً غير منقوص ولا مجذوذ قال رب العزّة" وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأرْضُ إلاّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ" هود107 ، وقال سبحانه "فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ" آل عمران185 حقيق لك أن تفرح وتسعد يا من صمت نهار رمضان وقمت ليله بتوفيق من الله، رأيت الطعام والشّراب أمامك وامتنعت عنه طاعة لله، رأيت الشهوات بأنواعها أمامك وأعرضت عنها امتثالا لأمر الله، وقفت في سَبْحٍ طويل تقطّع اللّيالي تسبيحا وقرآنا ودعاء حتّى غصّت الآيات في حلقك وترقرقت الدموع في محجريك فلانت نفسك ورهفت وصفت ورقّت وعرفت أن خطامها في يدك وأن لا مفرّ لها سوى الطّاعة والإذعان "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير ممّا يجمعون" يونس57 وتكتمل حلاوة العيد وفرحته وأنت تجمّل ظاهرك بملابس العيد أن تجمّل روحك وقلبك وتمسح ما قد يكون علق بها من غلّ وحسد أو غيظ فتخرج على النّاس بقلب نقيّ مسامح ووجه بشوش ضاحك فتفشي السّلام وتزور وتهدي وتتصدّق حتى تترك في يوم عيدك هذا بصمة اجتماعيّة طيّبة قد تؤتي أكلها و لو بعد حين و"لا تحقرنّ من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق" صدق رسول الله صلّى عليه وسلّم. أيّام الله لا تنتهي وخيره سبحانه ماله من نفاذ و إذا أردت جعلت أيّامك كلّها أعيادا وأفراحا إذا وطّنت نفسك على الطّاعة وترك المعاصي قال الحسن البصري: "كل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد، وكل يوم يقضيه المؤمن في طاعةمولاه وذكره وشكره فهو له عيد". عيد مبارك وكل عام وأنتم بخير