شهر واحد .. وعدة متآمرين سعيد مبشور "عادت ظاهرة المجاهرة بإفطار رمضان، أو ما يعرف بالعامية ب'' وكّالين رمضان'' في مناطق مختلفة من الوطن، بعد أزيد من 20 سنة على اختفائها". الأمر لا يتعلق هنا بخبر في إحدى الصحف المغربية كما قد يتبادر إلى ذهن القارئ، بل إنه مقطع من متابعة أنجزتها الصحفية إيمان خباد لجريدة "الفجر" الجزائرية يوم 14 شتنبر الجاري، مضيفة أن ظاهرة الإفطار في رمضان "عرفتها الجزائر خلال سبعينيات وحتى منتصف ثمانينيات القرن الماضي قبل أن تختفي في التسعينيات•" مضيفة أن العديد من الناس أقدموا على انتهاك "حرمة الصيام بالأكل والشرب بكل بساطة أمام الملأ، وكأن شهر رمضان شهر عادي كأغلبية شهور السنة• " المثير في الخبر أنه جاء متزامنا مع الضجة التي أحدثتها واقعة المجاهرة بالإفطار العلني بمدينة المحمدية المغربية، حيث اجتمع عدد من المنحرفين فكريا وسلوكيا بمحطة القطار، من إنجاز تاريخي، تتحقق به آخر مطالب الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويكون مسك ختام دولة الحريات، ونكون بعده قد قطعنا آخر شوط نحو التقدم والرفعة والتطور ! هل هي صدفة أن ينتبه المجتمعان المغربي والجزائري في نفس اليوم واللحظة إلى تفاصيل المؤامرة؟ أليس من حقنا التساؤل حول خلفيات الاستهداف المتواصل لقيم شعوبنا الدينية والوطنية وتقاليدها العريقة وتراثها الثقافي والحضاري؟ ثم كيف تفسر لنا جارتنا إسبانيا حشر أنفها المستدام كل حين في شأننا الداخلي، وهي التي لا زالت تجثم على رئتينا في سبتة ومليلية، وعلى شراييننا في الجزر الجعفرية وغيرها، وهي التي يصادق برلمانها هذه الأيام بالذات على قانون أقل ما يقال عنه أنه عنصري وهمجي ودنيء، وهي التي نهبت بلادنا لعقود برا وبحرا، وهي التي زرعت فسيل الفتنة بيننا وبين جيراننا الجزائريين حينما أوهمت جنرالاتهم بإمكانية نسف الوحدة والتماسك بين أبناء الوطن المغربي الواحد، فدعمت انفصاليي بوليساريو بالمال والسلاح، ولم تتورع في احتضان كل ناشز وناعق باحث عن الشهرة والمجد خارج سرب الوطن. أو لعل إسبانيا لم تنس أن رمضان هو الشهر التي فتح فيه فتى الأمازيغ الأحرار طارق بن زياد بلاد الأندلس، حيث كان منطلق المعركة يوم الأحد الثامن والعشرين من رمضان سنة 92ه ، معركة لم تستمر سوى خمسة أيام، وصل فيها المغاربة إلى العمق الإسباني بلغة اليوم، وفي العام الموالي وبالضبط في رمضان من سنة 93 ه ، كان جيش القائد العظيم موسى بن نصير قد لحق بجيش طارق في بلاد الأندلس، وفي طريقه فتح هو الآخر أقاليم لم تكن قد لحقت بعد ببلاد الإسلام. الإسبان الذين يسموننا شعب "المورو"، عندما وصلوا إلى الجزر التي تسمى اليوم بالفليبين في العام 1571 م تحت قيادة القائد البحري الإسباني لوباز دي ليغازبي مانيلا، وهو القائد الذي يطلق اسمه على عاصمة الفليبين إلى اليوم، ومن جراء المقاومة التي واجهها الإسبان هناك، والتزامهم بدينهم الإسلامي، فقد سماهم الإسبان كما سموا المغاربة "مورو"، وهو الاسم الذي تحمله الحركة التي تمثل بلاد مورو الإسلامية في الفيليبين، جبهة مورو الإسلامية. هكذا هي علاقتنا بالإسبان، صداقة مشوبة بالخوف والحذر، وشك دائم في إمكانية إعادة انبعاث مارد جبار اسمه الإسلام، ولذلك فهم يدعمون كل بادرة أو حركة أو مجموعة تتبنى أي طرح يهدف إلى هدم مرتكزات الشخصية المغربية الأصيلة، حيث أن إسبانيا ومن ورائها دوائر أوربية بالطبع، ما فتئت تتكشف أدوارها الخلفية في ملفات التنصير والشذوذ وتشجيع الفساد الأخلاقي. وإذن ف "وكالين رمضان" هم مجرد وكلاء لاستعمار بائد وبئيس، يأكل الثوم بأفواههم كما يقال، فيشكلون بوعي أو بدونه، طابورا خامسا لتنفيذ مخطط كبير، قد يبتدئ بوقفة للمطالبة بإفطار، لكنه يجب أن لا يستمر أبدا، يجب أن نحاصره هنا، بكل فئاتنا واختلافاتنا، حتى لا ندع المجال لأعداء الأمة للإفطار بأمتنا وتغذية أحقاد دفينة ومطامع استعمارية بغيضة يشكل ارتباط الأمة بدينها وإرثها الحضاري حصن قلعتها الأخير.