كل شيء أصبح مباحا في ثورة تكنولوجيا الاتصال، فداخل مواقع شبكة الإنترنيت مراهقات يعرضن مفاتنهنّ وأجسادهنّ وإنشاء لمجموعات جنسية ودعوات لممارسة الجنس. ما هو موقف المجتمع التونسي من هذه الظاهرة الخطيرة التي أفرزتها التحولات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية؟ وما الذي يدفع فتيات مراهقات إلى التعري وكشف أجسادهنّ دون خجل أو خشية من عواقب مثل هذا التصرف؟ وكيف يفسّر الأخصائيون في علم النفس والاجتماع هذه الممارسات؟ التونسيون أظهروا الكثير من الاستياء إزاء هذه الممارسات التي يصفونها بالعشوائية والدخيلة على مجتمعنا. يقول السيد حافظ قناوة: «ظاهرة دخيلة علينا لا تتماشى مع قيمنا وعاداتنا وديننا. ثم إنّ الفتاة المراهقة عندما تقدم على مثل هذا التصرف، ألم تفكّر فيما يمكن أن تسببه من حرج لعائلتها وأفراد أسرتها ثم مَن سيقبل الزواج منها بعد أن تعرّت على الملإ وكشفت مفاتنها دون شعور بالمسؤولية».
قلّة منحرفة ويؤكد السيد محمد أمين الرزقي أنّ هذه الممارسات تخدش الحياء وتحدث الصدمة وتهدّد تماسك المجتمع. ويضيف: «توجد قلة من الفئات الشابة لا تستطيع إنشاء علاقات في الواقع فتلتجئ إلى شبكة الإنترنيت وفي ظل غياب الرقابة من طرف الأولياء قد لا يحكم توظيفها». ويستنكر السيد رمزي السعدي سوء توظيف مواقع شبكة الإنترنيت فمثل هذا السلوك اللاأخلاقي ترويج للبذاءة ومساهمة في تشويه صورة العائلة والمجتمع. بدوره يعتبر السيد عادل البوزيري: «إنها ممارسات تكشف خطورة الوسائل التكنولوجية الحديثة وحدّة تأثيرها على توازن الأسرة... كما تكشف هشاشة نفسية هؤلاء وغياب الوازع الديني لديهم». ويذهب السيد عبد المنعم إلى اعتبارها ممارسات لامسؤولة فيها تشويه للأعراض وانتهاك للحرمات ونشر للفضائح. بالإضافة إلى تأثيرها على محيط من يقدم عليها وعلى علاقاته داخل الشارع وبالمعهد، وقد تفرض عليه الانعزال عن المجتمع خوفا من ردة فعل الأقارب والأصدقاء. ويوضح سهيل الحاج عيّاشي أنه يشعر بالإحباط إزاء تصرفات هؤلاء الذين يوظفون شبكة الإنترنيت توظيفا خاطئا دون رقابة الأولياء. واذا كان الشارع التونسي يرفض هذه الممارسات ويتخذ إزاءها موقفا متصلّبا وصارما فكيف يفسّرها الباحثون في علم الاجتماع وعلم النفس؟
كشف المستور! يرى السيد المنصف القابسي الباحث في علم الاجتماع أنّ المسؤولية مشتركة وجماعية أمام هذه الممارسات فمثل هذه المواقع فيها استعراض واحتفال بالجسد ومحاولة للانكشاف والكشف عن ما هو مخفي. واذا كانت نفسية المراهق تساهم في ذلك فإنّ غياب الرقابة في زمن سيطرة الهاجس الليبرالي على مختلف المعاملات الاقتصادية والاجتماعية له دور أيضا. فالنظام الليبرالي القائم على مبدإ «دعه يعمل... دعه يمرّ» يقوم أيضا على مبادئ كشف المخفي وهتك المستور وحتى ولو على حساب القيم لغاية تحقيق الربح. ويتابع: «أصبحت ثقافة الاستهلاك مسيطرة على العقول وغابت بعض الموجّهات القديمة التي كانت ترسم لنا الحدود والأخلاق... إننا نعيش حالة انعدام المعايير وشكلا من أشكال الانفلات والمؤسف أنّ هناك بعض السماسرة يترصدون مثل هذه المشاهد والممارسات ويوظفونها ويخضعونها لمنطق الربح».
غياب التأطير ويُعزي الدكتور عماد الرقيق الأخصائي في علم النفس التجاء بعض الشباب إلى مواقع الإنترنيت لاستعمالها في عرض الأجساد للتعرّي إلى غياب التأطير وعدم توجيه المراهق أو المراهقة وهي ظاهرة خطيرة ناتجة أيضا عن خلل تكويني نفسي تربوي (غياب الأنا والأنا الأعلى) كما أنّ بعض هؤلاء يسعون إلى التقليد الأعمى دون اعتبار أو اكتراث أو مبالاة وهذه الفئة لا فهم لديها للجنس ويقع أفرادها ضحية ممارسات عشوائية حادة كما أنها لا تستطيع التفريق بين المباح والممنوع. كما بيّن أنّ وجود مشاكل وسط العائلة والتفكك الأسري بسبب طلاق مثلا يدفع بعض الشباب إلى مثل هذه الممارسات.