هل أصبحت المالية الإسلامية قادرة على استكمال بعض الممارسات المالية والمصرفية التقليدية؟ وهل يمكن أن تكون هذه المالية بديلا عما تقدمه من منتوجات جديدة تتوافق مع الأخلاقيات الإسلامية وتشجع الاستثمار الحقيقي وتحد من المضاربات وتكرس ثقافة الشراكة؟ وهل أن الطرق البديلة للتمويل والاستثمار المقترحة من قبل المالية الإسلامية تستجيب لحاجيات الفاعلين الاقتصاديين؟ وهل أن البعدين الأخلاقي والديني اللذين تتميز بهما المالية الإسلامية قادران على معالجة تجاوزات الرأسمالية الليبرالية واختلالات السوق؟ أسئلة تم التطرق إليها ومناقشتها خلال اليوم العلمي للمالية الإسلامية الذي نظمته أمس المدرسة العليا للتجارة بتونس بالتعاون مع معهد الدراسات التجارية العليا بقرطاج ومدرسة الأعمال»سيكما» الفرنسية تحت إشراف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. أهمية التمويل الإسلامي تم التأكيد خلال هذا اللقاء على أن الصيرفة الإسلامية يقصد بها النظام أوالنشاط المصرفي المتوافق مع المبادئ المالية الإسلامية والمرتكزة أساسا على تحريم الفائدة التي تأخذها البنوك على القروض أي «الربا» وعلى أساس ثان يتمثل في المسؤولية الجماعية التي يتحملها الحريف والمصرف في حالة الإستثمار المشترك. وتم التطرق إلى مبادئ الصرفية الإسلامية وأخلاقياتها ودراسة بعض التجارب في هذا المجال وتنوعت المداخلات في هذا اللقاء الذي أثثه ثلة من الباحثين والجامعيين من مختلف هذه الهياكل التعليمية المشاركة من مهنيين وأكاديميين من تونس وخارجها من بينهم السيد محفوظ الباروني رئيس مجلس إدارة بنك الزيتونة وعمر مسعود الباحث في معهد التجارة بلندن، والشيخ مختار السلامي مفتي الجمهورية التونسية السابق الذي تحدث عن دور التشريع الإسلامي في تطوير وتنويع المعاملات المالية وتركيز أسس الاقتصاد المالي وهو ما يمكن كل فئات المجتمع من التمتع بخدمات مالية مميزة تحترم قواعد الدين الإسلامي وتراعي التطورات العالمية التي يعيشها المجتمع الحديث. وتناول النقاش مسائل متنوعة تساعد على فهم التمويل الإسلامي وتفاعله مع البيئة المالية التقليدية وتوسيع مفاهيم التمويل الإسلامي ومبادئه وتطوير الأخلاق المالية والمصرفية والاستثمار «الواقعي» والتمويل البديل والتأمين وتم تسليط الضوء حول مبادئ التمويل الإسلامي والوساطة المالية الإسلامية ومبدأ تقاسم الربح والخسارة فضلا عن عدد من القضايا ذات العلاقة وقد تم التطرق عموما إلى أن المالية الإسلامية تحترم القواعد الاقتصادية والاجتماعية وفقا للشريعة الإسلامية وتقدم نموذجا أخلاقيا ومربحا في آن واحد على عكس المالية التقليدية وهي تتفاعل مع محيط عادي ومحيط ديني يطور المعاملات التجارية والمالية باعتبار أن الشريعة الإسلامية تفرض على المعاملات المالية والبنكية مقاييس ومعايير مضبوطة وواضحة مستوحاة من القرآن والسنة والإجماع والقياس والاجتهاد . وفي تصريح أدلى به للصباح السيد محفوظ الباروني رئيس مجلس إدارة بنك الزيتونة قال أن الصيرفة الإسلامية تقوم على تقنيات خاصة بها والاقتصاد الإسلامي ليس مؤسسات فقط بل هو منتجات وخدمات تقدمها سواء المؤسسات العالمية اوالوطنية داخل تونس . وقال أن تونس كانت من أول المؤسسين لمنظومة الاقتصاد الإسلامي من خلال تاسيس البنك الإسلامي للتنمية الذي يعتبر بنك الحكومات الإسلامية وله موقع في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان الإسلامية وتونس. إضافة إلى ذلك فان الدولة التونسية كانت أول مؤسس لبنك إسلامي وهو «البركة» الذي أحدث من حوله مؤسسات أخرى مثل «التكافل» وغيرها. وقال أن تقاليد الصيرفة الإسلامية في تونس هي مترسخة في المعاملات المالية عبر المؤسسات التي تم ذكرها كما سيتم تتويج هذا التوجه المالي بانطلاق مصرف الزيتونة الذي يعتبر نتيجة لعمل مميز وعقلاني. وقال إن بنك الزيتونة هو بنك شمولي تجاري سيكون له فروع عبر الجمهورية يساهم من خلالها في تمويل التنمية واستقطاب الادخار الوطني وهو نظام يتكامل مع النظام المصرفي الموجود في تونس باعتباره يتوافق مع كل القوانين والتشريعات الوطنية التي تضبط وتحدد النظام المالي بالبلاد وقال أن البنك سينطلق في نشاطه مع نهاية النصف الأول من السنة الحالية.