وزيرة العدل الألمانية تعبّر عن ارتياحها من خطوات الكنيسة الكاثوليكية بعد اجتماعها أول أمس مع رئيس الأساقفة الألمان بعد الكشف أخيراً عن فضائح الاعتداءات الجنسية على تلاميذ في عدة مؤسسات دينية ألمانية، علت الأصوات المطالبة بتسليم الفاعلين إلى القضاء وبتعويض الضحايا نفسياً ومادياً وبإدخال إصلاحات جوهرية على الكنيسة الكاثوليكية.
أعلنت وزيرة العدل الألمانية سابينه لويتهويزر شنارّنبيرغر أن الكنيسة الكاثوليكية بدأت أخيرا بالتحرك في الاتجاه الصحيح لمعالجة تداعيات فضائح الاعتداءات الجنسية على التلاميذ من جانب رجال الدين المشرفين على مؤسساتهم الدينية والتعليمية. وقالت الوزيرة إن اجتماعها مع رئيس الأساقفة الكاثوليك الألمان المطران روبرت تسولّيتش والتصريحات التي سمعتها من الفاتيكان، تركت لديها انطباعا ب" أن أمورا كثيرة تتحرك حاليا داخل الكنيسة". وزيرة العدل الألمانية تدعو إلى تعويض الضحايا نفسيا وماديا وبعد أن اتهمت شنارّنبرغر الكنيسة الكاثوليكية بمحاولة تجاهل الموضوع والتغطية عليه ذكرت أخيرا أنها تنظر بإيجابية إلى نية الكنيسة الكاثوليكية التعاون بصورة أوثق الآن مع النيابة العامة والسلطات القضائية في هذا الشأن وإيصال المعلومات إليها بسرعة حول حالات مماثلة في المستقبل. كما تنظر بإيجابية إلى خطوات أخرى مثل تكليف مفوضين خاصين بملاحقة هذه التصرفات المشينة والتعاطي مع الحالات التي حدثت في الماضي بكل مسؤولية. إدارة مدرسة أودنفالدشوله في ولاية هيسّن قررت بحث حوادث الاعتداءات الجنسية على 40 تلميذ في ندوة علنية ورأت الوزيرة أنه إضافة إلى التعويض النفسي لضحايا الاعتداءات الجنسية، الذين خرجوا من الظل بسبب الخوف والفضيحة إلى دائرة الضوء ليكشفوا ما حدث لهم، يتوجب على الكنيسة تعويضهم مادياً أيضاً. وأضافت أن بإمكان مؤسسات اجتماعية أخرى تعويض الذين يعانون نفسيا حتى اليوم، وأوضحت أن الطاولة المستديرة التي دعت إليها في 23 الشهر الجاري، والتي تعقد للمرة الأولى حول موضوع التحرش الجنسي بالقاصرين، ستدعو مؤسسات المجتمع للتعاطي مع المسألة بصورة علنية وفعالة لإيجاد حل يحمي الأطفال. وأعربت شنارنّبرغر عن أسفها لمرور الزمن عل حالات الاغتصاب التي حدثت قبل 20 أو 30 سنة والتي لم يعد بالإمكان رفع دعوى قضائية على فاعليها بسبب مرور أكثر من عشر سنين عليها، لكنها شدّدت على ضرورة النظر إلى ما يحدث اليوم وفي المستقبل لملاحقته بكل عزم وحزم. 47 في المائة من الألمان يطالبون الكنيسة بإصلاحات وحذرت مفوضة الحكومة الألمانية لمسائل الاعتداء الجنسي، كريستينه بيرغمان، من حصر الموضوع برجال الدين قائلة إن 90 في المائة من مثل هذه الاعتداءات تتم داخل العائلات. ودعت إلى أخذ ذلك بعين الاعتبار في الحملة التي تشن حاليا ضد أعمال التحرش الجنسي والاغتصاب وحضّت على تشديد العقوبات معتبرة أنه "دون قوانين وازعة، من غير الممكن حماية القاصرين". ولفتت إلى أن الهدف من طاولة الحوار التي ستعقد قريبا هو جعل المجتمع أكثر حساسية إزاء هذه الآفة الأخلاقية. وحضَّ ألويس غلوك، رئيس اللجنة المركزية للكاثوليك الألمان، الكنيسة على إدخال إصلاحات عدّة فيها، مشدداً على أنه إلى "جانب الكشف الكامل عن فضيحة التحرش الجنسي بكل شفافية وصدق وكسر للمحرمات، يتوجب على الكنيسة تجديد نفسها بالكامل". كذلك طالب غلوك بإصلاح طرق اختيار رجال الدين للمهام المنوطة بهم على المستوى الفكري والمهني والتعليمي، مشيراً إلى "وجود خيبة أمل ويأس شديدين بين الكاثوليك حاليا". لقطة من المظاهرات التي قامت في ألمانيا أمام بوابة براندنبورغ في برلين، بعد الكشف عن الفضائح في عدد من المؤسسات الكاثوليكية وكشف استطلاع أجرته القناة التلفزيونية الثانية "إيه.أر.دي" أن 47 في المائة من الألمان و38 في المائة من الكاثوليك يؤيدون إجراء إصلاحات جوهرية في الكنيسة. وقال 22 في المائة من المشاركين في الاستطلاع إنهم يعتقدون أن الكنيسة تواجه أزمة خطرة تهدد وجودها مقابل 13 في المائة لا يرون ذلك. وطالب اتحاد حماية الأطفال في ولاية ساكسونيا السفلى بإقرار قواعد شرف في جميع المدارس ومؤسسات التعليم الداخلي لحماية التلاميذ والمراهقين من التعرض للتحرش الجنسي والضرب على أن يجري السهر على تنفيذها. وذكر الاتحاد أن نحو مائة ألف تلميذ وفتى يعيشون في مدارس داخلية ومؤسسات رعاية في ألمانيا. الكاتب: اسكندر الديك مراجعة: سمر كرم