رسالتي إلى ... المحرومة من الدعم و الإشهار* كان مخاطبي يتحدث بكل جدية و هو يسألني عن طريق الهاتف: » هل بلغتك أخبار الإنفتاح الحاصل في الحياة السياسية مؤخرا ؟ » فأجبته بأن ما أراه و ألمسه يوميا لايؤشر إلا على مزيد من الإنغلاق و التشدد طالبا منه أن يعفيني من من لعبة التنجيم و أن يقول ما لديه إن كان لديه ما يقال. فرد علي بصيغة الإستغراب « ألم تطلع بعد على العدد الأخير من صحيفة الموقف ؟ » أنا لا أطالع صحيفة الموقف و لم أطلع على العدد الأخير و لا على ما قبله سوى ما ينشر منها على الأنترنات و كان مخاطبي يعرف ذلك جيدا ولكن ما دخل الإنفتاح في الحياة السياسية بجريدة الموقف؟ عندها رد مخاطبي بشكل قاطع: « عندما تنشر صحيفة الموقف مقالا للدكتور المنصف المرزوقي وتوزع بصفة طبيعية و أتمكن أنا داخل الجمهورية من مطالعته فهذا يعني أن هناك إنفتاح سياسي غير مسبوق بصدد الحصول في الحياة السياسية في تونس. » هذا الحوار حقيقي و ليس مستنبط وهو مثال عن التندر و السخرية التي نتناول بها مثل الكثير من التونسيين بعض صحف المعارضة التي تدعي الدفاع عن حرية التعبير و تتباكى من التضييق و الحصار المفروض عليها من طرف السلطة. أنا لم أطلع بعد عن العدد الأخير من الصحيفة المذكورة و لكن الأمر يتعلق – و العهدة على صديقي – بالمقال الذي كتبه مؤخرا الدكتور المنصف المرزوقي عن الوزير الأول السابق محمد مزالي بعد وفاته و الذي نشرته جريدة الموقف « بعد تهذيبه » في عددها الأخير و بعد أن وقع تداوله في عديد مواقع الأنترنات. و لكن الغرابة التي تثير السخرية ليست في المقال في حد ذاته و لكن في إسم كاتبه. فالدكتور المنصف المرزوقي « ممنوع من الدعم و الإشهار » على صحيفة الموقف منذ سنوات و من الأسماء المضروب عليها الحجب « الديموقراطي التقدمي » لذلك يعتبر مجرد نشر مقال له نجاح لحملة « سيب صاح » لدى المعارضة. لا أريد التوقف كثيرا عن مغزى هذه المغازلة التي بدأت في الحقيقة في العدد السابق من صحيفة الموقف بمقال قصير عن صدور الطبعة الكاملة لكتاب الرحلة للدكتور المرزوقي و تزامنت مع إعلان قيام « تحالف المواطنة و المساواة » بين شق آخر من المنافسين على لافتة المعارضة سوى ملاحضة أن عملية الإحتواء و تدوير البيادق كما ألفناها داخل المعارضة قد بدأت لدى بعض البارعين في إعادة الإنتشار للمحافضة على الركود كلما ضهرت محاولة لتحريكه. بقيت كلمة أخيرة للتوضيح لبعض « الزعماء » الذين ينادون بحرية التعبير و الحق في نقد رموز السلطة و سياستها و لا يغفرون التجرأ على مجرد معاتبتهم فيمارسون الحجب و الإنتقاء بشكل أكثر فجاجة و تخلفا مما تمارسه صحافة المجاري و الموالاة ليعلموا أن التونسيين لم تعد تخدعهم الشعارات و انهم مدركون أن السياسة هي بالأساس ممارسات و أن الصحافة إذا تجردت من النزاهة تصبح مجرد وسيلة للنصب و المغالطات. المختار اليحياوي – تونس في 03 جويلية 2010
* المقصود بالعنوان جريدة الموقف و هي جريدة شخصية تصدر بترخيص خاص بمالكها السيد أحمد نجيب الشابي و ليست جريدة الحزب الديموقراطي التقدمي حتى يمكنها إدعاء الحق في الدعم العمومي لصحف المعارضة مثل بقية جرائد الأحزاب الأخرى- كمثال عن ممارسة هذه الصحيفة للحجب و الإقصاء ضد أسماء بعينها يمكن المقارنة بين النص الأصلي للسيرة الذاتية للعميد الجديد المنشور على صفحة الأستاذ الكيلاني و النص المنقول حرفيا الذي نشر في العدد 552 من صحيفة الموقف