تونس - الحوار نت - تحت إشراف المندوبية الجهوية للثقافة بقفصة تحتضن أم العرايس مهرجانا فنيّا صاخبا تتخلله عدّة عروض راقصة.. أمّا السهرة الحدث ومسك الختام كما عبّرت عنها الجهات المشرفة فستكون مع الفنانة الشعبية فاطمة بوساحة والحفل وفق تصريحات ذات الجهة سيقام على شرف التلاميذ الناجحين في امتحان البكالوريا ليقع تكريم النجباء منهم. السيد مدير المهرجان أفاد بأنّ الحدث يأتي نزولا عند رغبات الجمهور المتعطش للفن والمسرح والترويح عن النفس!! ولا ندري إن كان مازال في حوض "هيروشيما" أنفس تحمل بعض رمق عيشة حتى تطلب الترويح!! فكيف تتعطش نفوس للطبلة والمزود وهي عطشى للحياة.. للأمل.. للضوء في آخر النفق؟
من فرط إنسانية هذا المدير أنّه جاء لأبناء الفقر والسجون والموت والدْوَامِيس يبشرهم بأنّ الحدث والمسك والنجاح والتكريم والنجباء والتلاميذ والبكالوريا والامتحانات.. كل هذه الكلمات والمعاني النبيلة المشعة بالعمل والعلم والأمل ستتعانق في ربوع أم العرايس مع إبداع سيدة المزود الأولى في تونس فاطمة بوساحة، والذين سيجلبون هذه المُغنيّة إلى حوض المأساة سيفعلون فعلتهم وهم يمنون النفس بأن يتلهى الأطفال عن آبائهم القابعين في السجون وتحت أنقاض الداموس ب"يا كرهبت كامل رني رني ما صابني رديون فيك نغني"، وربما استعاض الشباب عن البطالة ب "مصابني شباك في حانوتك كتنادي للصناع نسمع صوتك".. كما أنّها بادرة طيبة للنساء اللواتي رمّلهنّ البوليس والفسفاط عسى أن ينشغلن عن حزنهنّ ب"والله مبرد دمو أنا نبدع فيه يتبع في كلام أمو و كلامي نسيه"، أمّا الذين قطعت السلطة موارد رزقهم وأوصدت أبواب الحياة في وجوههم فسيجدون عزائهم في شحرورة الخضراء حين تدعوهم ل "حل وشرع البيبان ربوخ لليذن لاذان".
دعوة للذين أصابهم الداموس بإعاقة دائمة ولم تصبهم رحمة السلطة وتعويضاتها، فسرحوا خلف الخبزة يسترزقون بطَاسَة فول وشْكَارَة حمص يطاردهم مدير المدرسة يضطرهم إلى آخر الشارع، يجهزون القراطيس المثقوبة بأيديهم اليتيمة "العضو الوحيد الباقي على قيد الحياة الناجي من مجازر المناجم" يقطر الماء المالح من أكفهم اليابسة يترقبون مائة أو حتى خمسين فرنكا يأتي بها تلميذ اشْتَهَى الفول وآخر اسْتَاحِجْ الحمص، دعوة لهؤلاء كي يشنّفوا آذانهم ب"شرن شرن ألو تعرف مين تقلق هذا موش حلو المرة الجايا نعلق!!!".. علقي يا خالتي فاطمة كيما تحبي ما دام حياة ودماء وأعراض وأموال شعب كامل معلقة بين أصابع العائلة العصابة.
على رأي الخالة فاطمة "حل وفرق القازوز خلي الناس الكلها تزوز".. فعلا كل الناس زازت إلى تونس إلّا أبناءها بقوا مطاردين محاصرين، فهؤلاء زازوا للسياحة وأولئك للعبادة في معابد الجزيرة المسكينة وآخرون كثر زازوا إلى البلاد لغاية في نفس جاك وموريس وكاترينا.. عندما يسيح الحياء مثل المرق يلطخ الأثواب ويعلق بالشوارب، لا تستغرب كثيرا فأنت في دولة القانون والمؤسسات؟؟ دولة البايات الجدد.. دولة قراصنتها يملكون المال والسلاح والسلطة والقوة والطائرات والبواخر والقطارات والحدائق والمرافق.. لكن فقط لا يملكون ذرة من خجل...