كنت كتبت هذه الأبيات منذ مدة طويلة جدا، وبالضبط بعد اتفاق الفضيحة "غزة أريحا" والمصافحة المخجلة التي كانت بين الراحل أبي عمار ورابين، حيث بيعت قضية فلسطين في رفوف المؤتمرات، وبقي الشبل المقدسي والفلسطيني يذوذ عن أرضه بحجارته. مرت السنوات وكبرت الخيانة، وكان آخرها عرقلة التصويت على تقرير كولدستون، فظهر أن أعيد نشر هذه الأبيات التي لم تذبل ولم تتقادم أبدا. كتبتها على البحر المتقارب، وهو – للتذكير- البحر الذي نظم عليه الشابي قصيدته الشهيرة: (إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر) شعر إنشادي بموسيقى عسكرية يقول لنا بأن الخيانة كانت ولا تزال، وبأن أطفال فلسطين يسطرون أفضل الملاحم بدمائهم وحجارتهم.
أخي القدس تنزف تبكي دما وها شبلها يرتقي الأنجما يُكَبِّرُ يرمي البغاة ولا يخاف الجحافل أن تهجما أطاع الإله الذي قد دعا ه للساح تالله لن يحجما فَهَدَّ الصروح صروح الطغاةْ بكف تدمر من أجرما فهذي السهول تباركه مضى ولْتُبَاركه تلك السما هو الرعد والبرق والرعب في غياهيب ليل إذا أظلما هو السيف يلمع فوق الرقابْ رقاب اليهود سقى العلقما هو السيل يجرف ذلك الذي أهان الأهالي أراق الدِّمَا ولكنه الفل والياسمينْ هو المسك مسرى النبي أَفْعَمَا(1) له الله دوما يسدده وإن قَائِدٌ خان واستسلما وباع اليهود العدى قدسنا وأدمى ربانا التي سَلَّمَا ومد الأيادي يصافحهم لكيلا لا يخالوه قد أسلما(2) على وجهه قسمات الهوان بني قينقاع رجا استرحما فلا يحسبن الزمان سينسي تخاذل من ضيعوا ذي الحمى فتالله لن نرتضي أن نهون سنمضي وحتما فلن نندما فِدَاكِ بلادي دمانا التي لهذي الجراح غدت بلسما سنقضي سنقضي ولكننا سنمضي إلى الخلد كي ننعما فها شبلنا الشهم يرجمهم وكالريح صاحت إذا دمدما(3) سيمضي سيمضي يقاتلهم يفجرهم يردع اللملما(4) رجاك إلهي بقلب حنين وهذي الدموع لقد سجما(5) فيا رب بارك له زحفه وأجزل إلهي له الأنعما
الهوامش 1 – أفعم: أفعم المسك المكان، إذا ملأه عطرا، ويقال أفغم بالغين أيضا 2 – أسلم: المقصود بها الإسلام الدين الحق، وأعني بها هنا الاستقامة وعبادة الله الحقة، ما يسمونه إرهابية ورجعية ظلامية 3 – دمدم: تكلم بقوة وغلظة وشدة، وفي القرآن: "فدمدم عليهم ربهم بذنبهم..." 4 – اللملم: الجيش العظيم (جيوش الصهاينة) 5 – سَجَّمَ: سجمت السماء إذا أمطرت، والدموع سجام بكسر السين، أي غزيرة وكثيرة، قال الناظم: الليل داج والدموع سجام والصحب منا سجد وقيام