كتب محمد هنيد المستشار السابق لدى رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي في موقع عربي 21 مقالا حول صعود حركة نداء تونس عبر الانتخابات الأخيرة معنونا ''تونس.. الانقلاب الهادئ''. ونقل هنيد أن ''نشطاء التيار الثوري" وصفوا ما حدث في تونس خلال الأيام الفارطة بأنه انقلاب ناعم على ثورة 17 ديسمبر من داخل صناديق الاقتراع هذه المرة لا من خارجها أي من داخل العملية السياسية نفسها. وفسّر أنه توصيف يرى أن الانقلاب الناعم على الثورة كان مسارا تصاعديا قد بدأ منذ فجر الثورة نفسها. وأضاف أن الانقلاب بدأ عندما لم تستكمل الثورة مسارها الطبيعي بمحاسبة شبكة الاستبداد وعندما أعلن ''إعلام العار''الحرب على الثورة وعندما فشل اعتصام "القصبة ثلاثة" وحين اشعلت القيادات النقابية الحرائق الاجتماعية وعندما قرر الثنائي الخليجي الراعي للانقلاب في المنطقة العربية إلحاق الثورة التونسية بالوضع الدامي في مصر . وواصل هنيد مقاله قائلا ''اليوم لم يبق أمام شبكات "الشُّعب الدستورية" ومخبري بن على إلا بعث الخلايا النائمة للتجمع الدستوري الديمقراطي من أجل تزوير إرادة الفقراء عن طريق المال الفاسد والتلاعب بمحتويات الصناديق في بعض الدوائر التي رصدتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. لا يعني هذا مطلقا أن النظام الاستبدادي لا يملك حاضنة شعبية هامة من البورجوازية الوطنية المتعفنة لتنتخبه بل هو يعني أن حاضنة الاستبداد لا يمكنها أن تبعثه من جديد بهذا الشكل ما لم ينجز إعلام العار الوطني مهمته الرسمية في تزييف وعي الناخبين خاصة من الشيوخ والكهول الذين لا يتقنون تفكيك رسائل التغييب الوطنية''. واشار إلى أن الانتخابات وقعت على صدى التهديدات الإرهابية وعلى وقع الحرائق الاجتماعية والتلويح بأن البلد على حافة الإفلاس وهو خطاب إعلامي يستهدف لا وعي المواطن البسيط ليستدعي بشكل غير مباشر "عهد الأمن والأمان" زمن النظام الاستبدادي. هو خطاب مفخخ قصف التونسيين مدة ما يزيد عن ثلاث سنوات هي عمر المرحلة الانتقالية وخلَق حالة من الانتظار والتوجس حكَمت في جزء كبير منها شعور ''الناخبين وهم يتوجهون إلى صناديق الاقتراع. واستدرك هنيد قائلا ''ما لم يدركه الانقلابيون هو أن حركة الوعي المنجز للتغيرات الاجتماعية هي حركة رأسية الاتجاه لا تقبل النكوص (...) وأن الثابت الأصيل في فيزياء الثورات هو أنها تطرح دائما أسباب تجدّدها وتحمل أبدا شروط إمكان استنساخ موجاتها في صور أشدّ عنفا من الموجات الأولى يكفي فقط أن تُستهدف مكاسب الحركة الأولى حتى تتحرك في الأعماق إرهاصات الموجة الثانية الأكثر عنفا وارتفاعا لتكتسح كل النتوءات التي لم تبلغها الموجة الأولى''.