ضربة موجعة تلك التي تلقتها المجموعات الإرهابية المسلحة بدحرها من رأس جدير بعد أن استعادت قوات الجيش الليبي بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر معبر راس جدير الحدودي الذي كان خاضعا لسيطرة ميليشيا درع ليبيا التابعة لقوات فجر ليبيا. المعركة على الأرض تغيرت موازينها بشكل كبير ولن تكون الأمور كما خططت لها الجماعات المسلحة التي استحوذت على كميات هائلة من الأسلحة والذخيرة. ومن راس الجدير إلى طرابلس ستسير قوات الجيش الليبي مضطرّة على الجثث والدماء لتحرير العاصمة من براثن الجماعات الإرهابية المدعومة من جهات خارجية. وتتنازع من أجل السيطرة على راس الجدير قوى دولية وإقليمية عديدة لا تهمها حياة الليبيين ولا سلامتهم بقدر ما يهتمون بحماية مصالحهم ومخططاتهم في ليبيا التي باتت القنبلة الموقوتة التي قد تنفجر في أي وقت. الفريقان المتنازعان اللذان اختارا الأراضي الليبية ''ساحة محايدة'' لإدارة المعركة بينهما هما فريق السعودية والإمارات وربما الجزائر ومصر وكل هذه الدول تدعم اللواء حفتر لدحر الإسلاميين والحفاظ على وحدة التراب الليبي. بينما يتكون الفريق المعادي من تركيا وشمال السودان وقطر وهو الفريق الساعي إلى تقسيم ليبيا إلى قسمين على الأقل: قسم شرقي عاصمته بنغازي تسيطر عليه قوات حفتر وقسم غربي عاصمته طرابلس تسيطر عليه الجماعات الإرهابية التكفيرية. وهنا يكمن الخطر الأكبر على تونس والتونسيين حيث يتاخم القسم التكفيري الحدود التونسية وكان هذا المخطط سائرا في طريق التنفيذ لولا التكتيك الذي استعمله فريق اللواء حفتر الذي باغت الإرهابيين بنقل أرض المعركة إلى رأس الجدير بعد أن كانت قوات فجر ليبيا تتربص به في طرابلس. النوري بوسهمين قائد الإرهابيين الذين يسيطرون على العاصمة طرابلس لن ينتظر كثيرا بعد أن قربت ساعة الحسم وستكون معركة طرابلس هي المعركة الحاسمة والتي ستحسمها قوات حفتر لصالحها خاصة بعد أن خرجت قطر – علنيا على الأقل – من كتيبة الداعمين لفجر ليبيا إذعانا منها لقرارات القمة الخليجية الأخيرة التي أوصت بالحرص على وحدة الدولة الليبية ودعم البرلمان الليبي في طبرق. معركة طرابلس الحاسمة ليست بالبعيدة وستكون معركة طويلة ولن يحسمها الجيش الوطني الليبي بسرعة كما حسم معركة رأس الجدير على اعتبار أن الجماعات التكفيرية تمتلك كميات هائلة من الأسلحة والعتاد, وكعادة الجماعات الإرهابية التي لا تعتمد كثيرا على التكتيك الحربي فإنها ستواصل القتال إلى آخر رصاصة في جيبها ولن تستسلم حتى تموت أو تنفد ذخيرتها وعندما يشتدّ عليها الخناق ستحاول استعمال المدنيين دروعا بشرية ولن تخشى على حياتهم كما تخشى عليها قوات الجيش الليبي الذي عليه أن يكون حذرا وناجعا في الآن نفسه.