إعداد: محمد الهادي الحيدري خريطة التشكيلات التكفيرية والجهادية في ليبيا تحولت الجارة ليبيا بفعل الفراغ الأمني والسياسي الذي أعقب سقوط نظام القذافي عام 2011 الى مجاميع مسلّحة متناثرة هنا وهناك وعلى جنبات حدود دول الجوار واحيانا على بعد بضع الكيلومترات منها , مشكلة بتوجهاتها الايديولوجية والدينية المختلفة واحيانا المتعارضة خطرا لا يهدّد ليبيا فحسب بل كل دول الجوار حيث أصبحت مدن ليبية في الشرق والغرب معقلا للجماعات التكفيرية التي تتبنى عقيدة «قاعدة» بن لادن والظواهري القتالية وزادت عليها بأن وجهت سلاحها للداخل العربي قتلا وتقتيلا وارهابا تجاوز الحدود القطرية الى العمق الاقليمي ولم تكن تونس ولا الجزائر بمنأى عن تمدد هذا الاخطبوط السرطاني حيث فكّكت قوات الأمن التونسية مؤخرا شبكة ارهابية خطيرة معظم عناصرها قدموا من ليبيا , فيما أعلنت مصر والجزائر مرارا تفكيك شبكات ارهابية ومصادرة شحنات اسلحة قادمة من الجارة ليبيا. وتقول مواقع ليبية ان هؤلاء توعدوا وهددوا ونفذوا، وتغلغلوا في مفاصل الدولة (ليبيا) بمساعدة أعوانهم من «الجماعة الليبية المقاتلة» وحزب «الإخوان المسلمين» و«كتله الوفاء للشهداء» التي تُسيطر على المؤتمر الوطني العام (البرلمان) وتؤثر على قراراته بأذرعها العسكرية المتمثلة في بعض التشكيلات المسلحة التي ينتسب إليها عددٌ من الشباب الذين لا يفقهون في السياسة شيئا(...) , وتشير هذه المواقع الاخبارية الى أن عقيدة هؤلاء هي «الدم الدم.. الهدم الهدم». جيش الشورى الاسلامي في «درنة» يمثل شرق ليبيا معقلا للجماعات التكفيرية وتعدّ درنة أحد أهم معسكرات التدريب والتجنيد واستقطاب «الجهاديين» من دول الجوار من تونسيين وجزائريين ومصريين ومن دول افريقية مثل مالي ونيجيريا والتشاد (...) ، ويعتبرها رجال تنظيم «القاعدة» في ليبيا ملاذا آمنا لهم في مناطق رأس الهلال وسيدي خالد التي تعرَّضت إحدى مزارعها التي يستخدمها التنظيم مخزنا لتخزين الذخائر والأسلحة يوم 27 مارس الماضي إلى قصف من طرف طائرة بلا طيار، وتعود ملكية هذه المزرعة لأحد قادة كتيبة شهداء بوسليم يدعى عطية سعيد الشاعري المُكنَّى ب«عطية بقيوه»، وتحتلها – حسب المصادر ذاتها - تشكيلات رجل القاعدة الأول في ليبيا والتي تتمركز في مقر ثانوية الشرطة، ومقر الشعبية سابقًا الذي تُسيطر عليه جماعة ما يُعرف ب«جيش الشورى الإسلامي» «لجنة فضّ النزاعات» في مدينة درنة. وتقول تقارير ليبية وعربية ان درنة تضم عددا كبيرا من الأجانب، وأن معسكراتهم التدريبية في منطقة رأس الهلال بعد أن ترك قياديوتنظيم القاعدة معسكرهم الأول في غابة «بومسافر» وأن أمير تنظيم «أنصار الشريعة بتونس» سيف الله بن حسين المكنّى ب «أبي عياض» وجد ملاذا آمنا في هذه المدينة وأنه تحت حماية مقاتلين إسلاميين من تونس وليبيا. الإرهاب والمال وحسب «الوسط» الليبية ترتزق تشكيلات تنظيم «القاعدة» في ليبيا، من عمليات السطو المسلح على العابرين، والعمليات الكبيرة على مداخيل الشركات والبنوك، وعلى عمليات الخطف لأبناء المسؤولين ورجال الأعمال والشخصيات المهمة في ليبيا عامة ومدينة بنغازي خاصة، نظرا لوجود عدد من معاونيهم في تلك المدينة ، والذين يقتنصون الفريسة ومن ثم يتم نقلها بحرا إلى كهوف جبال رأس الهلال حسب تصريحات أحد المخطوفين ، بعد أن أصبح التشديد الأمني كثيفًا على الطريق البري، ويتم طلب مبالغ خيالية بالملايين من ذويهم، وإلا يتمّ قطع رؤوسهم، وإرسال جثثهم إليهم، بالإضافة إلى الدعم الذي يتلقاه تنظيم «أنصار الشريعة» من الدولة الليبية، حيث تدفع لهم الرواتب كثوار حاربوا كتائب القذافي إبان «حرب التحرير»، ، وما يزالون يتلقون تلك الرواتب، ناهيك عن جهات أجنبية تمولهم من خارج الحدود. ويترقب تنظيم «القاعدة» غرب البلاد تطورات الأحداث الجارية في شرقها، في انتظار مصيره بعد إعلان عدد من المجالس العسكرية تأييدها ل «عملية الكرامة»، التي بدأت في عاصمة الثورة الليبية ومهدها بنغازي المتمردة، في كل من سرت وطرابلس وصبراتة ومعسكر ال 27 الذي يتمركز به رجال الجماعة الليبية المقاتلة، وعلى رأسهم رئيس غرفة ثوار ليبيا «شعبان هدية» المُكنَّى ب «أبوعبيدة الزاوي»، الذي قُبض عليه في مصر يوم 24 جانفي الماضي، فيما أُجبرت الحكومة المصرية على الافراج عنه في وقت لاحق، مقابل تحرير خمسة ديبلوماسيين اختطفوا من السفارة المصرية في العاصمة طرابلس. وتتحرك «القاعدة» في الصحراء الافريقية، وتشكل ليبيا -من وجهة نظر البعض- موقعا مناسبا للتدريب والتمركز والتحرك من هناك صوب الجزائروتونس. وتقول كلوديا غازيني المحللة لدى مجموعة الازمات الدولية، والمتخصصة في شؤون ليبيا: «هناك عدة مجموعات تشاطر «القاعدة» ايديولوجيتها بحيث انها تدعو الى دولة تعتمد فيها الشريعة الاسلامية وتغذي العداء للغرب». وتضيف «هناك ايضا ادلة على أن اشخاصا اقاموا في السابق اتصالات مع قادة «القاعدة» متواجدون حاليا في ليبيا. لكن لا شيء من كل هذا يدل على ان هؤلاء الافراد والمجموعات يتبعون حاليا هذا التنظيم بشكل مباشر». وتشير دراسة أعدّها قسم «معهد العربية للدراسات» الى أنه ومع انتهاء ولاية المؤتمر الوطني الليبي(البرلمان ) في فيفري الماضي وتصاعد وتيرة الاغتيالات التي طالت ثلاثة أرباعها قيادات أمنية وعسكرية خلال سنة 2013،خاصة شرق البلاد، كانت كل المؤشرات تدل على أن أمرا ما سيقع قريبا في ليبيا،في ظل هيمنة جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها على مفاصل الدولة – شبه الدولة – وفي ظل انزعاج إقليمي من تحول البلد إلى قاعدة خلفية لتدريب وتسليح وإيواء الجماعات الجهادية المتطرفة ،وان تحرك اللواء خليفة حفتر ،والذي أطلق عليه عملية «كرامة ليبيا» ليس سوى شرارة في موقد جاهز،لمعركة حتمية بين قوى «الإسلام السياسي» وأذرعها العسكرية وبين القوى المدنية. تيار الإخوان المسلمين وحلفائهم ويتكون هذا التيار أساسا من جماعة الإخوان المسلمين ممثلة في ذراعها السياسي «حزب العدالة والبناء» وكتلتها في البرلمان والأحزاب المتفرعة عن الجماعة الليبية المقاتلة سابقا، وهي حزب «الوطن» بقيادة عبد الحكيم بلحاج وحزب «الأمة» بقيادة سامي الساعدي وكتلهما في البرلمان «كتلة الوفاء للشهداء». وينطلق هذا التيار في معارضته للواء حفتر من منطلق الحفاظ على شرعية «المؤتمر الوطني» المنتهية ولايته منذ فيفري الماضي، والحفاظ على حكومة أحمد معيتيق الجديدة والتي ستضمن تفرّد هذا التيار بالسلطة التنفيذية بعد هيمنته على السلطة التشريعية من خلال سن قانون العزل السياسي وضم العديد من النواب المستقلين وضمان ولاء رئيسه نوري أبو سهمين. أما من الناحية العسكرية، وهي الأهم في هذا الصراع، فيتشكل هذا التيار من عدد من الكتائب الموالية لجماعة الإخوان وحلفائها هي : ميليشيا درع ليبيا: وهي محسوبة على تيار جماعة الإخوان المسلمين،وتضم داخلها ثلاثة ألوية رئيسية ،لواء درع المنطقة الوسطى والذي يتخذ من مدينة مصراتة مقرّا له ،لواء درع المنطقة الشرقية في بنغازي ولواء المنطقة الغربية في الخمس وطرابلس،وبالرغم من الادعاء بأنها قوات نظامية تابعة لوزارة الدفاع الليبية ،فإنّ قادتها لا ينتمون للمؤسسة العسكرية الرسمية،وهي القوة التي اعتمد عليها رئيس «المؤتمر الوطني»،نوري أبو سهمين، لتأمين وحماية المراكز الحيوية في العاصمة طرابلس،في مواجهة القوات التابعة للواء خليفة حفتر. «كتيبة 17 فبراير»: تعد أكبر الكتائب المحسوبة على جماعة الإخوان من حيث عدد المقاتلين والتجهيز العسكري ، ويتركز نشاطها في مدينة بنغازي، اذ تتخذ من أحد قواعد الجيش النظامي الليبي مقرا لها في منطقة «قاريونس»، وتحظى بدعم مادي من الجهات الرسمية . «غرفة عمليات ثوار ليبيا»: ميليشيا ذات توجهات إسلامية وتعتبر من الأذرع القوية لجماعة الإخوان المسلمين، حيث استعملتها الجماعة في مختلف صراعاتها السياسية مع خصومها وقد وصل الأمر حد اختطاف رئيس الوزراء الأسبق، علي زيدان من منزله في 10 أكتوبر 2013 بعد خلافات مع الجماعة داخل البرلمان،وكذلك قامت باختطاف ديبلوماسيين من السفارة المصرية في طرابلس وهم الملحقان الثقافي والتجاري في السفارة إضافة الى ثلاثة موظفين آخرين، فضلا عن خطف الملحق الإداري بعد القبض على رئيسها شعبان هدية في الإسكندرية من قبل السلطات المصرية في 23 جانفي 2014. « كتيبة ثوار طرابلس»: ميليشيا ذات توجهات إسلامية مقربة من زعيم حزب «الوطن» والأمير السابق للجماعة الليبية المقاتلة ،عبد الحكيم بلحاج ،يقودها العضو السابق في الجماعة الليبية المقاتلة المهدي الحاراتي والذي أسس في وقت سابق «جيش الأمة» إحدى الكتائب الجهادية المقاتلة في سوريا ،ويتركز نشاط الكتيبة في منطقة طرابلس والمنطقة الغربية. « سرايا رأف الله السحاتي»: ميليشيا ذات توجهات إسلامية، يتركز نشاطها في مدينة بنغازي شرق البلاد، وبالرغم من إعلان انضمامها للجيش الليبي في وقت سابق، فإنها احتفظت بمعسكراتها وسلاحها، وكانت أولى الكتائب التي اشتبكت مع قوات حفتر ،في بداية عملية «كرامة ليبيا» في ماي الجاري ببنغازي. ويتكون التيار الجهادي من مجاميع مسلحة موالية في أغلبها لتنظيم «القاعدة»،على المستوى الفكري في الحد الأدنى، وتشتغل من خارج الدولة في مشروع تقويض جذري للدولة المدنية وهو مشروع قائم على تأسيس «إمارة إسلامية» تحتكم إلى الشريعة، هذه الكتائب الجهادية تتقاطع مع الجماعات المسلحة الموالية للإخوان في الصراع مع قوات حفتر، دفاعا عن وجودها المادي في البلاد ضد مشروع حفتر الموجه أساسا إلى «تطهير ليبيا من الإرهاب» ولكنها لا تنطلق من نفس منطلقاتها في الدفاع عن شرعية «المؤتمر الوطني» بل من منطلق جذري رافض تماما للعملية السياسية بثوبها الديمقراطي الذي يعتبر في أدبيات التيار الجهادي «صنما يعبد من دون الله» يجب أن يحارب، وأهم هذه الكتائب : «جماعة أنصار الشريعة»: وتعتبر كبرى الجماعات المسلحة ذات التوجه الجهادي في ليبيا ،وتضم داخلها إلى جانب العناصر الليبية ،بضع آلاف من المقاتلين الأجانب من جنسيات تونسية وجزائرية ودول إفريقيا جنوب الصحراء،وتتهم الجماعة باستهدافها لقادة الجيش الليبي وقوات «الصاعقة» في المنطقة الشرقية من خلال عمليات التصفية والاغتيال. كتيبة شهداء بوسليم: جماعة جهادية صغيرة،تتكون من معتقلي الجماعة الليبية المقاتلة سابقا في سجن أبوسليم،ممن لم يلتزموا بمراجعات الجماعة عام 2008 ومازالوا يحملون الافكار الجهادية المتماهية مع فكر تنظيم «القاعدة» ،ويتركز نشاطها في مدينة درنة ،أقصى شرق البلاد. «كتائب السجين الشيخ عمر عبد الرحمن»: وسُميت باسم زعيم الجماعة الإسلامية المصرية الذي يقضي حاليا عقوبة السجن المؤبد في الولاياتالمتحدة لتورطه في الهجوم على مركز التجارة العالمي عام 1993 من بين مخططات أخرى. «جيش تحكيم الشريعة»: تنظيم عسكري جهادي يحمل فكر «القاعدة» وينشط في مناطق الشرق، كان قد تبنى عبر بيان تناقلته مواقع جهادية، مسؤوليته عن التفجير الانتحاري الذي استهدف «الكتيبة 21 صاعقة» التابعة للقوات الخاصة الليبية في 29 أفريل الماضي بمدينة بنغازي شرق البلاد. وتشير تقارير إعلامية إلى أن هذا التنظيم «يضم داخله عشرات العناصر من تونسوالجزائر ومن جنسيات دول افريقيا جنوب الصحراء وعناصر أخرى عائدة من سوريا ويعتمد في تمويله على اموال منهوبة من مؤسسات الدولة الليبية ابان ثورة 17 فبراير .» وتشير تقارير غربية وعربية الى أن أغلب هذه التنظيمات تضمّ مئات «الجهاديين» من تونس – على وجه الدقة – وهوما يجعل هذه الجماعات خطرا حقيقيا يتربص بالدولة التونسية التي أعلنت بدورها حربا على الجماعات التكفيرية المتطرفة التي استوطن ارهابيوها الجبال.