انطلقت مساء أمس عملية الاقتراع في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية وتوجه التونسيون في كانبيرا الأسترالية للإدلاء بأصواتهم على أن تستمرّ العملية غدا في مختلف دول العالم ويوم الأحد في كل جهات الجمهورية التونسية. وتختتم العملية بأصوات التونسيين في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأميركية فجر الإثنين المقبل. تلك هي تونس الجديدة الممتدة من كانبيرا الأسترالية إلى سان فرانسيسكو الأميركية. وأيا كانت التجاذبات ومهما تدنّى مستوى الخطاب والممارسة أثناء الحملة الانتخابية ومهما انقسم التونسيون حول المرشحيْن للدور الثاني فإن القيمة الأكبر تبقى على علاقة بالمواطن التونسي لا بالمرشحين إن التونسي هو الذي سيقرر من يحكم تونس خلال السنوات الخمس القادمة. قد لا يعلم الكثير منا أنها سابقة في الوطن العربي, فلأول مرّة يقام دور ثان لانتخابات رئاسية إذ جرت العادة على أن تُنظم الانتخابات في وطننا العربي بدور واحد فقط, والدور الثاني هو من أرقى الممارسات الديمقراطية. كم تأنى وكم صبر هذا الشعب التونسي العظيم وتعالى فوق كل مهاترات بعض السياسيين وصبيانياتهم والتهديدات الأمنية ليواصل بثبات في نفس الطريق التي رسمها لنفسه منذ أن خرج للشارع مطالبا بإسقاط النظام. الانتخابات الرئاسية وهي في آخر مراحلها إنما هي تتويج لمراحل إسقاط النظام التي استغرقت منا وقتا طويلا وجهدا مضنيا وتضحيات جساما, ومن حقّ للتونسي اليوم أن يفخر بوصوله إلى هذه المرحلة. إنها أول ديمقراطية حقيقية في الوطن العربي وسيتوّجها الشعب التونسي بالتأكيد بالإقبال بكثافة على مراكز الاقتراع بعد أن كبُر فيه يوما بعد آخر الإحساس بالمسؤولية, وسيختار هذا الشعب العظيم الأصلح لتونس العظيمة الذي يجمع التونسيين ويداوي جراح الماضييْن القريب والبعيد والذي يكون خادما لهذا الشعب لا سيّده. العالم كله يتحدث عن تونس, ارفعْ رأسك شامخا فأنت تونسي.