أثارت "المذكرة السياسية من أجل تعاقد سياسي جديد" التي أرسلها حمادي الجبالي رئيس الحكومة لنواب المجلس الوطني التأسيسي جدلا بين صفوف النواب إلى حد ذهب فيه البعض إلى اعتبار أن الجبالي فشل في تحديد قائمة التحوير الوزاري فعوض ذلك بمذكرة "لا تسد ولا تغني عن جوع"، فيما اعتبر البعض الآخر أنها ترتقي لانتظارات النخب السياسيّة والشعب التونسي في المرحلة القادمة. من جهته اعتبر النائب أحمد السافي عن حزب العمال أن هذه الوثيقة تحمل وعودا جديدة ووهميّة من طرف حكومة لم تنجح إلى حدّ اليوم في الوفاء بعهودها القديمة، وأكد أنّ هذا العقد جاء أحاديّ الجانب، ويحتوي شروطا من طرف الحكومة صاغتها دون تشريك بقيّة الأطراف خاصّة وأنّ هذه الحكومة كانت قد رفضت في وقت سابق المشاركة في مبادرة الاتّحاد العام التّونسي للشغل. وفي ذات السياق اعتبر النائب أيمن الزواغي عن حزب العريضة الشعبية أن الوثيقة التي وجهها الجبالي للنواب احتوت على الكثير من الدغمائية والكلام المتعالي " تذكر بخطاب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل "،وشدد الزواغي على أن الجبالي في هذه الوثيقة بدا وكأنه يناشد فيها أعضاء المجلس الوطني التأسيسي بأن يرضوا بواقع الفشل الذريع في شخصه الذي عجز عن تسيير البلاد وعجز الآن عن تشكيل حكومة جديدة. اما النائب والمختص في القانون رابح الخرايفي عن الكتلة الديمقراطية فقد شدد على أن المذكرة السياسية التي تقدم بها رئيس الحكومة حمادي الجبالي "ليست سياسية"، وأكد على أنها احتوت على كم هائل من المعلومات التي تعد غريبة عن الوثائق السياسية والقانونية. وبيّن الخرايفي في تصريحه أنه كان من الأجدر أن تكون المذكرة أوضح وتحمل برنامجا للحكومة وخارطة طريق حتى يساهم في رفع الضبابية السياسية عن البلاد. وأكد محدثنا أن العبارات المستخدمة لا يمكن اعتبارها قانونية أو سياسية ،وأشار إلى أن المذكرة احتوت على ألفاظ ركيكة "لا نعلم الغرض منها وإجمالا لا يمكن اعتبارها إرثا سياسيا". من جهة أخرى اعتبر النائب جلال بوزيد عن كتلة التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات أن مذكّرة الجبالي ترتقي لانتظارات النخب السياسيّة والشعب التونسي في المرحلة القادمة ، ودعا إلى تفعيلها في أقرب الآجال. الرأي ذاته أشار إليه النائب عن كتلة النهضة وليد البناني والذي أكد أنّ هذه الوثيقة هي الأساس الّذي ستبنى عليه التّركيبة الوزارية المقبلة. وهي وثيقة وقع تداولها سابقا بين مكوّنات الترويكا، وتتضمّن مقترحا قدّمه رئيس الحكومة وصادقت عليه كتل الترويكا وقُدّم الآن إلى نواب المجلس الوطني التّأسيسي ليناقشوا على أساسه تركيبة الحكومة الجديدة. تجدر الإشارة إلى أن رئيس الحكومة حمادي الجبالي كان قد وجّه مذكّرة سياسية إلى أعضاء المجلس التأسيسي تحمل عنوان "من أجل تعاقد سياسي جديد ." واعتبر الجبالي هذه المذكّرة مبادرة إنقاذ من أجل تحوير وزاري يشكّل حدثا فارقا بين المرحلتين الانتقاليتين بعد فشل المفاوضات داخل الترويكا، وأكد فيها أنّ التحوير الوزاري يهدف إلى مساعدة الحكومة على إعادة انتشارها إضافة إلى إعادة ترتيب المشهد السياسي قبل الانتخابات المقبلة وتوسيع الائتلاف الحاكم.