كثر الجدل طوال هذه الفترة حول التحوير الوزاري وإرساء حكومة تكنوقراط التي دعا إليها حمادي الجبالي و كانت مفاجئة و"صدمة" بالنسبة لحركة النهضة خاصة بعد عملية اغتيال القيادي بالجبهة الشعبية الشهيد شكري بلعيد. وبين مؤيد لقرار الجبالي الذي اعتبر "بالشجاع و الجريء"لأن المبادرة صادرة عن أمينها العام في تحد صارخ لحركته وتغليب لمصلحة البلاد عن المصلحة الحزبية وهو ما جعله يكسب موافقة المعارضة وودها و بين رافض لها معتبرا إياها فصلا من فصول المسرحية التي تخرجها حركة النهضة، بين هذا و ذاك تعددت التأويلات و اختلفت، و اجتهد المجتهدون كما شاؤوا و نشطت حركية المزايدات السياسية بين الأحزاب ،بين تصريحات و تصريحات مضادة،بين اتهامات و أخرى تنفي،حركية كبرى سويعات قليلة قبل الإعلان عن التحوير المنتظر و كأن الكل،و خاصة حركة النهضة،يسابقون الزمن لتغيير مسار التاريخ في اتجاههم. ولكن ما يثير التساؤل حول تداعيات هذه المبادرة صلب حركة النهضة وقيادييها هو اعتزام الحركة ترشيح علي العريض أو عبد الكريم الهاروني أو عبد اللطيف المكي، في رواية أخرى، لخلافة حمادي الجبالي الذي قيل إنه "عليه أن يستقيل من الحياة السياسية ويأخذ راحة لمدة 5 سنوات على الأقل"،في حين أن أطرافا أخرى داخل حركة النهضة ترجح أن الأمين العام لحركة النهضة سيكون مجددا مرشح الحركة لرئاسة الحكومة الجديدة و ذلك في صورة تقديمه استقالته غدا لرئيس الجمهوريةإذا لم تتم الموافقة على حكومة التكنوقراط التي اقترحها بعد مشاورات مع الأحزاب والجمعيات والمستقلين . و ما يمكن استخلاصه من هذه "الفوضى" السياسية هو أن هذاالتضارب في الآراء والمواقف داخل حركة النهضة يضعها موضع شك أمام الرأي العام وأمام الأحزاب الأخرى من جهة،ويعزز الثقة أكثر في مبادرة الجبالي من جهة أخرى، و ذلك في انتظار ما ستعلن عنه الساعات القليلة القادمة من مفاجآت لا للسياسيين فقط بل و خاصة للتونسيين الذين ملوا هذه "المراوغات" التي تريد أن تشغلهم عن مطالبهم الأساسية في الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية و التنمية الجهوية، و كذلك عن التهاب الأسعار .