تتذكر الذاكرة الشعبية التونسية والعربية يوم غرة أكتوبر 1985 الاعتداء الصهيوني الغاشم والاثم على مدينة حمام الشط من الاحواز الجنوبية للعاصمة . يومها قصفت الطائرات الاسرائيلية على بعد مسافة 7000 كلم حمام الشط التي احتضنت مقر القيادة الفلسطينية من عام 1982 الى عام 1989 بعد أن دعمها الزعيم الحبيب بورقيبة واحتضنها في تونس التي أصبحت في ذلك الوقت مقرا للجامعة العربية. فحسب شهود عيان لوسائل اعلامية وقتها،" حوالي الساعة العاشرة صباحا أغار سرب من الطائرات الاسرائيلية تحميه من الخلف وعلى ارتفاع مغاير طائرات أخرى بادرت منذ خروجها من البحر بنشر كرات حرارية في الفضاء تحسبا لردود الدفاع الأرضي المضاد للطائرات، حيث أن الكرات الحرارية تهمش على الصواريخ الدفاعية مسالك بلوغ أهدافها.. ثم أغارت الطائرات على ارتفاع قليل على مقر قيادة الفلسطينيين بحمام الشط وقذفت الدفعة الأولى من قنابلها المبيدة والتحقت بالبحر.. ثم مرت على اليمين خلف جبل بوقرنين القريب من حمام الأنف وأعادت الكرة في غارة ثانية قصفت أثناءها بقية الأهداف المقصودة وتوجهت الى البحر لتغيب نهائيا على الأنظار حيث كان لون الطائرات رصاصيا، رماديا." الاعتداء الصهيوني أسقط يومها 50 شخصا من التونسيين والفلسطنيين المتواجدين بالمنطقة فسارع فورا الرئيس الحبيب بورقيبة بالاتصال بالدول الغربية والامم المتحدة والجمعيات الدولية معلنا غضبه وسخطه على فعل العدو الصهيوني. وبعد ساعات قليلة استأذن السفير الامريكي وطلب مقابلة الرئيس بورقيبة للاعتذار فوجد الرئيس غاضبا منفعلا انفعالا شديدا واعتبر سكوت أمريكا تأييدا لفعل اسرائيل المعتدية على حرمة التراب التونسي. وقال بورقيبة حرفيا للسفير الامريكي: "والله لو ما تتحرك الولاياتالمتحدة وتقوم بواجبها الدولي إزاء استنكار الاعتداء الغاشم على بلادنا سوف أسارع بقطع العلاقات معكم". وبعد أيام قليلة اجتمع مجلس الأمن وصوت بالأغلبية الساحقة لفائدة تونس وأمسكت أمريكا على التصويت لأول مرة في التاريخ ضد اسرائيل وهو مؤشر ايجابي الى جانب تونس. ثلاثون عاما مرت و تبقى ذكرى «حمام الشط» راسخة في الأذهان ورمزا خالدا للأخوة التونسية الفلسطينية على الدوام مع عدم نسيان الاعتداء البغيض الاسرئيلي على أرض العروبة.