صدم العم "سالم" لما كان يهم بالدخول إلى جامع حي الغزالة بأريانة لأداء صلاة الصبح فوجد باب المسجد مغلقا وهو الذي اعتاد منذ سنوات أن يحضر قبل سويعات لأداء قيام الليل وقراءة ما تيسر من القرآن قبل أن يصلي فريضة الصبح. يقول عم "سالم" بحنق شديد ''بن علي ما عملهاش باش يجيو هالفروخ يعملوها" وهو يحدثنا عن صنيع عدد من الشبان المحسوبين على التيار السلفي المتشدد والذين استولوا على مقاليد الجامع وصاروا هم من يقررون ويفرضون أراءهم على المصلين منذ الثورة، فقد عمد إمام الجامع رفقة أصدقائه السلفيين إلى تغيير قفل الباب الرئيسي للجامع ولما حضر عم "سالم" مع عدد من كبار السن الذين تعودوا على أداء قيام الليل في الجامع وجد المسجد مغلقا واضطر للبقاء خارجا لحين وصول الإمام و"عصابته" كما يسميهم. ولما عبّر المصلون عن استيائهم لمثل هذا الصنيع تعلل الشبان الملتحون بأن صلاة قيام الليل مكروهة في غير ليالي رمضان !! وأخذوا يقنعون بقية المصلين بأحاديث في أغلبها ضعيفة. ولا تعتبر هذه الفتوى الأولى الغريبة فقد فرض السلفيون على المصلين أن يقام آذان صلاة العشاء بداية من الساعة 20:45 أي قبل نصف ساعة من حلول وقت الآذان وتعللوا بأن شيوخا كبارا قد أبلغوهم أنهم صاروا غير قادرين على حضور صلاة العشاء في وقت متأخر فقاموا بتقديم الوقت كيفما شاءوا وحسب ما قدّروا. ولا يتردد الإمام الخطيب والذي يتبع التيار الجهادي في كل خطبة يوم جمعة في قذف معارضيه بشتى النعوت والصفات من قبيل هؤلاء "العلمانيين" و"أعداء الله ورسوله" و"الملاحدة" و"الكفار" ولا تخرج مواضيع خطبه عن ضرورة النفور للجهاد وتغطية النساء بالنقاب وفرض شرع الله ولو بالقوة وغيرها من الآراء المتطرفة التي تكفر الديمقراطيين والانتخابات ولا تعترف بالدولة. امام ضجر السكان والمصلين من تصرفات هؤلاء السلفيين الذين كان أغلبهم من أصحاب السوابق العدلية قام عدد من المصلين بتوجيه مراسلات إلى وزارة الشؤون الدينية لحثها على التدخل وتنصيب إمام معين من طرفها إلا ان الوزارة لم تحرك ساكنا بل إن هذا التساهل دفع بالسلفيين لمزيد بسط سيطرتهم وتغيير أقفال الجامع وكأنه ملكية خاصة وفرض آرائهم ومواقفهم على المصلين....و الوزارة مشغولة بمسائل أخرى....