رغم حرص السلط على إعادة المياه إلى مجاريها بالجامع الكبير بصفاقس، إلا أن صلاة جمعة يوم أمس لم تخل من الخلافات والمشادات الكلامية بين بعض الشبان المحسوبين على التيار السلفي وبين إطار الجامع الشرعي ومصليه «التقليديين». ولئن لم تسجل في بيت الله صدامات جسدية أو اعتداءات مادية تذكر، فإن ما حصل لا يتجاوز التدافع والتراشق بالتهم بين شقي الخلاف من المصلين في وقت صلاة الجمعة وهي خلافات ما كان لها بل ولا يحوز شرعا أن تحدث في بيت من بيوت الله.
أصل الخلاف كما ذكرنا في أعداد سابقة يعود إلى تمركز مجموعة من الشبان المحسوبين على التيار السلفي عنوة بالجامع الكبير بعد أن نجحوا في تغيير أقفال الأبواب وبسطوا سيطرتهم على كامل الجامع منذ مساء يوم الإربعاء مانعين الإمام وغيره من الإطار القائم على الجامع الإشراف عليه متهمين إمام الخمس بمنهجه الصوفي وانتسابه للطريقة التيجانية التي يرون فيها بدعة تخالف المنهج النبوي.
المحسوبون على التيار السلفي رفضوا كذلك أداء صلاة الجمعة في الساعة الواحدة والنصف زوالا وتمسكوا في المقابل بأدائها في حدود منتصف النهار و20 دقيقة غير آخذين بالتيسير وبشرعية التأخير معتبرين تأخير صلاة الجمعة عن وقت أذان الظهر بدعة كذلك بالرغم من صراحة النصوص الفقهية التي تجيز التأخير مادام وقت الصلاة هو داخل إطار الوقت الاختياري أي من صلاة الظهر إلى قبيل صلاة العصر وهو ما فصلناه في عدد سابق.
السلط الجهوية بصفاقس ومن ورائها وزارة الشؤون الدينية حاولت مناصرة الإطار الشرعي والقانوني للجامع، لكن ذلك لم يحصل يوم أمس الجمعة رغم التطمينات التي تم تقديمها للإمام، وقد عم الهرج والمرج والتدافع والتلاسن بين شق ينادي باعتلاء إمام محسوب على التيار السلفي المنبر، وشق ثان تمسك أفراده بإمامهم الأول الشيخ الكراي، وفي الأخير لم يخطب بين المصلين لا هذا وذاك ليبقى الوضع معلقا من خلال إمام ثالث حصل «الوفاق» والإتفاق المؤقت في شأنه.