أظهر استطلاع للرأي أن متابعي المناظرة التليفزيونية التي جمعت مرشح تيار الوسط الفرنسي إيمانويل ماكرون في انتخابات الرئاسة الفرنسية ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان أمس الأربعاء، رأوا أن ماكرون أكثر إقناعاً. وقال نحو 63% من المشاهدين الذين استطلعت آراءهم قناة "بي إف إم تي في" إن ماكرون كان أكثر إقناعاً، مقارنة ب 34% من الذين رأوا أن لوبان هي التي كانت أكثر إقناعاً. ويتقدم ماكرون في استطلاعات الرأي بين الناخبين الذين صوتوا في الجولة الأولى لصالح المرشح اليساري جان لوك ميلانشون وأولئك الذين اختاروا المرشح المحافظ فرانسوا فيون، وهم فريقان من الناخبين يشكلان نحو 40% ممن أدلوا بأصواتهم في الجولة الأولى. وحسب استطلاعات الرأي، فإن ماكرون وزير الاقتصاد الفرنسي السابق، يمكن أن يحصل على ما يتراوح بين 59 إلى 60% من الأصوات، بينما ستحصل لوبان على ما يتراوح بين 40 إلى 41%. اتهامات متبادلة استهلّ المرشحان للانتخابات الرئاسية الفرنسية مناظرتهما التلفزيونية بهجمات متبادلة شديدة، وذلك قبل 4 أيام من الجولة الثانية الحاسمة من الانتخابات الأحد. وقالت لوبان، إنّ "ماكرون هو مرشح العولمة المتوحشة والهشاشة والوحشية الاجتماعية، وحرب الجميع ضد الجميع والتخريب الاقتصادي الذي يطاول خصوصاً مجموعاتنا الكبرى، وتجزئة فرنسا من جانب المصالح الاقتصادية الكبرى". ورد ماكرون أنّ "إستراتيجيتك هي ترديد أكاذيب"، وأضاف في هذا النقاش الذي تابعه ملايين المشاهدين: "إنّكِ وريثة نظام يزدهر على غضب الفرنسيين منذ عقود". وقالت لوبين "في أيّ حال فإنّ امرأةً ستقود فرنسا، أنا أو السيدة أنجيلا ميركل"، وذلك بعد أن اتهمت ماكرون بأنه لا يفعل شيئاً بدون مباركة من المستشارة الألمانية. وأضافت: "ذهبتَ لرؤية ميركل، لقد ذهبت تطلب مباركتها لأنك لست عازماً على فعل شيء بدون موافقتها"، منددةً ب"خضوع" مرشح حركة "إلى الأمام!" للاتحاد الأوروبي. لكن ماكرون ردّ قائلاً: "بالطبع أريد لفرنسا علاقات ندّية مع ألمانيا"، طالباً من منافسته التوقف عن إطلاق "هذه العبارات السخيفة". وأردف: "لحسن الحظ، كان لبلادنا قادة ذوو رؤية، فالجنرال ديغول والمستشار أديناور علما كيف يعملان معاً، وقد بنيا أوروبا الحالية". وقال ماكرون: "فرنسا ليست بلداً منغلقاً، أنا مرشح فرنسا القوية داخل قارة أوروبية توفّر الحماية". وتناولت هذه المناظرة التي استمرت ساعتين ونيفاً في حضور صحافيين اثنين طرحا الأسئلة، 4 عناوين كبرى: الاقتصاد والإرهاب والتربية وأوروبا. وبعد 10 أيام من حملة شرسة بين المرشحين، لا يزال ماكرون الذي تصدر الدورة الأولى متقدماً بحسب استطلاعات الرأي، لكن يبدو أن الفارق يتقلص مع لوبان التي تتبنى أسلوباً هجومياً. ويتبنى المرشحان برنامجا متناقضان، فماكرون ليبرالي وموال لأوروبا، فيما لوبان مناهضة للهجرة وأوروبا. واتهم ماكرون لوبين ب"جلب الحرب الأهلية إلى البلاد". وقال: "أنتِ تجلبين الحرب الأهلية إلى البلاد، مكافحة الإرهابيين لا تعني بأي حال من الأحوال الوقوع في فخ الحرب الأهلية"، مضيفاً: "هذا هو الفخ الذي ينصبه لنا الإرهابيون"، واعتبر ماكرون أنّ الإرهابيين يأملون في فوز لوبان التي اتهمت في المقابل خصمها ب"التساهل مع الأصولية الإسلامية". وقالت لماكرون: "الأمن والإرهاب مشكلة رئيسية غائبة تماماً عن مشروعك"، مضيفة: "ليس لديك مشروع، وفضلاً عن ذلك تُبدي تساهلاً مع الأصولية الإسلامية". وخاض ماكرون في تفاصيل مشروعه لمكافحة الإرهاب الذي يمرّ عبر جهد استخباري وتعزيز للتعاون الأوروبي. وقال للوبين: "ما تقترحينه هو مثل العادة شيء وهمي"، وأوضح: "تقومين بمكافحة الإرهاب على منابر التلفزيون، لكن في كل مرة تكون هناك إصلاحات مقترحة في البرلمان الأوروبي لا تصوتين لصالحها". ويسعى المرشحان إلى استمالة المترددين والراغبين بالامتناع عن التصويت، للفوز بانتخابات الأحد. وتابع ماكرون: "مع لوبين سنخرج من منطقة اليورو وأوروبا"، في حين أظهرت الاستطلاعات أن غالبية الفرنسيين ترفض التخلي عن العملة الأوروبية الموحدة. وهاجم وزير الاقتصاد السابق منافسته، متهماً إياها بإطلاق الوعود من دون القدرة على تمويلها، وقال: "ليس هناك من تمويل سحري، لم تشرحي كيف تخفّضين البطالة، أنتِ لا تقترحين شيئاً". ورددت لوبين أن منافسها "يقوده فرنسوا هولاند"، مذكّرةً بأنه كان مشاركاً في الحكومة الاشتراكية للرئيس المنتهية ولايته والذي لا يتمتع بشعبية. وأدى خروج اليساري الراديكالي جان لوك ميلانشون واليميني فرنسوا فيون من الدورة الأولى إلى تنامي شعور بالخيبة لدى شريحة واسعة من الناخبين الذين يرفضون الاختيار، بالنسبة إليهم، بين "الطاعون والكوليرا". وقالت وزيرة التربية الاشتراكية نجاة فالو بلقاسم الأربعاء محذرة: "نحن في مرحلة خطر مطلق، علينا ألا نلعب بالديموقراطية على طريقة الروليت الروسية"، وتشير معلومات إلى ان شريحة لا يستهان بها من اليساريين قد تفضل الامتناع، أو التصويت بورقة بيضاء. وحذر حزب الجمهوريين اليميني نوابه من أن الذين "يتقربون من الجبهة الوطنية" استعداداً للانتخابات الرئاسية، أو "يتقربون من ماكرون" قبيل الانتخابات التشريعية المقررة في 11 و18 جوان القادم، سيفصلون من الحزب. ولا تتوقف لوبين عن السعي إلى التقرب من أنصار ميلانشون، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن 20% منهم سيقترعون لصالحها، على أن يقترع نصفهم لصالح ماكرون، أما بالنسبة إلى أنصار فيون فإنّ ربعهم إلى ثلثهم سيقترع للوبين وأقل من نصفهم لماكرون.