تتسارع الأحداث في الشقيقة ليبيا بنسق متسارع لم تعرفه تقريبا منذ الإطاحة بنظام العقيد معمٌر القذافي في أوت 2011 ، فقد نجحت القوٌات التابعة لحكومة الوفاق برئاسة فائز السرٌاج في العاصمة طرابلس من السيطرة على المقرات الحكومية والمطار والمؤسسات الحيوية وبسط سيطرتها بشكل شبه كامل على العاصمة في الوقت الذي يتواصل فيه تمدٌد الجيش الليبي بقيادة الجنرال حفتر في الشرق والجنوب مدعوما من الحكومة المؤقتة بقيادة الثني وبرلمان طبرق ووسط هذه المعطيات الجديدة تعيش المجموعات المساندة للأسلاميين ولمفتي ليبيا السابق الصادق الغرياني حالة من التراجع والأنهيار خاصة بعد الإدانة الدولية الواسعة لأَمَّارَة قطر المساند الرسمي للأسلاميين على أثر جريمة مانشستر في بريطانيا والتي تورطٌت فيها أطراف ليبيا يشتبه في صلتها ببعض الأطراف السياسية النافذة من الأسلاميين في طرابلس مثل الجماعة الليبية المقاتلة . أن تسارع الأحداث في ليبيا بالتوازي مع أنحسار موجة ألأسلام السياسي وحالة العزلة التي يعيشها النظامين التركي والقطري الراعيين الرسميين للأسلاميين وعودة أنصار العقيد القذافي الى المشهد الليبي كل هذه التحوٌلات تفرض على الديبلوماسية التونسية الترفيع من نسق تحرٌكاتها حتى يكون لتونس موقعا في ليبيا الجديدة . فكل المؤشرات تؤكد أن الليبيون يقتربون من التسوية السياسية فقد أنهكت الحرب الجميع وألتقت إرادة الليبيين مع إرادة القوى الدولية وخاصة دول الجوار العربي والأفريقي والأوروبي أيضا لإنهاء حالة الشلل التي تعيشها البلاد منذ أن تم إسقاط نظام الفاتح من سبتمبر في جريمة لا تشبهها الا جريمة إسقاط الولاياتالمتحدةالأمريكية لنظام البعث في العراق . وبعد هذه الحرب الطويلة سيتوجٌه الليبيون لبناء بلادهم من جديد وهم الشعب الذي عرف بعمقه الصوفي وطيبته وستكون ليبيا محتاجة الى كفاءات وشركات لأعادة الأعمار والتنافس على الفوز بصفقات الأعمار سيكون كبيرا وعلى الديبلوماسية التونسية تدارك ما فاتها في السنوات الأخيرة عندما راهنت على الأسلاميين في طرابلس وغضٌت النٌظر عن باقي مكوٌنات المشهد الليبي وخاصة حكومة طبرق والجنرال حفتر وهما الطرف القوي اليوم مع السراج المعترف به دوليا بعد خروج الأسلاميين من المعادلة أقليميا ودوليا . فتونس في حاجة أكيدة اليوم لفتح باب الأستثمار بالتعاون مع الليبيين الذين كانوا يتصدرون معدلات الأستثمار في تونس قبل " الربيع " ضمانا لمصالح البلاد العليا التي عبثت بها الترويكا كما أرادت وللأسف لم يفعل الرئيس الباجي قائد السبسي الكثير من أجل إستعادة موقعنا الطبيعي في ليبيا الذي تفرضه الجغرافيا والتاريخ . وحان الوقت اليوم وإن بشىء من التأخير لإستعادة دورنا . نورالدين بالطيب ... جريدة الشروق