تصاعد المخاوف في تونس من تغلغل الألعاب الخطرة، مثل الحوت الأزرق، بين الأطفال، ما دفع السلطات إلى التفكير في حلول عملية من شأنها حماية صغار السن أثناء تصفحهم لمواقع الإنترنت. شبح الحوت الأزرق انتحرت تلميذة في إعدادية سيدي علوان من محافظة المهدية، وسط البلاد ليلة الأحد-الاثنين. وقالت وسائل إعلام محلية إن الحادثة، جاءت نتيجة تأثر الفتاة بلعبة الحوت الأزرق. وتعد حالة الانتحار الأخيرة، الثانية من نوعها في غضون أسبوع واحد، بالمدرسة نفسها وفقا لما تناقلته تقارير إخبارية، فضلا عن إنقاذ طفل ثالث. وفي شهرفيفري الماضي، أشارت وسائل إعلام إلى انتحار أربعة أطفال بسبب اللعبة ذاتها. وتتكون لعبة "الحوت الأزرق"، من 50 تحديا (تحدٍ كل يوم) وتشكك السلطات في دقة هذه الأرقام، وسبق للمندوب العام لحماية الطفولة مهيار حمادي أن أكد، في تصريح سابق ل"أصوات مغاربية"، أن "محاولة انتحار واحدة تم التأكد من كونها ناتجة عن لعبة الحوت الأزرق، فيما تبقى جميع الحالات الأخرى محل بحث معمق تجريه وكالة السلامة المعلوماتية وتأخذ وقتا مطولا". وقال المستشار بوزارة تكنولوجيا الاتصال، أيمن الطالبي، ل"أصوات مغاربية"، إن وزارته كانت سبّاقة إلى التحذير من مخاطر لعبة الحوت الأزرق، منذ ما يزيد عن 5 أشهر، قبل انتشارها في دول مغاربية، من خلال مداخلات دورية في برامج إعلامية مختلفة. ويعتبر الطالبي أن "صنصرة (حجب) هذه الألعاب قد يعطي ثماره، كما يمكن يؤدي إلى نتائج عكسية تماما، على اعتبار أن المنع يولّد الرغبة في الاكتشاف لدى الأطفال". عمّار كيدز برنامج لحماية الأطفال وإزاء خطورة بعض الألعاب الإلكترونية على الأطفال، تحركت الوكالة الوطنية للإنترنت في اتجاه إرساء برنامج يساعد العائلات على حماية أطفالها. ويقول الرئيس المدير العام للوكالة، جوهر الفرجاوي، في تصريح ل"أصوات مغاربية" إن "البرنامج الجديد واسمه عمّار كيدز جاء من منطلق الشعور بالمسؤولية المجتمعية للوكالة". وعمّار كيدز، بحسب الفرجاوي، هو شعار لحماية الطفولة وعلامة تجارية مسجلة، يمكن من خلالها للعائلات مراقبة تصفح الأبناء للمواقع الإلكترونية وحجبها بصفة اختيارية". وأطلق نشطاء تونسيون قبل ثورة 14 يناير تسمية "عمّار 404"، على سياسة مراقبة وحظر إلكتروني على مواقع الإنترنت، كان نظام الرئيس الأسبق ينتهجها إزاء المواقع الإخبارية التي لا تتماشى مع رؤيته. وبحسب الفرجاوي، فإن عمّار كيدز يراوح بين حرية الإنترنت وحماية الأطفال، من خلال إفساح مجال حرية اعتماد هذا البرنامج من عدمه. كما تسعى الوكالة إلى عرض هذا البرنامج بأسعار في متناول العائلات التونسية، فضلا عن تبسيط طرق استعماله بدرجة كبيرة لإعطاء مفعوله. ولم يدخل هذا البرنامج، حيّز التنفيذ بعد، بسبب الإمكانيات المالية الكبيرة التي يتطلبها، غير أن الفرجاوي عبّر عن أمله في بدء العمل به في الأشهر القليلة القادمة. وأمرت محكمة تونسية، هذا الشهر بحجب لعبة الحوت الأزرق ولعبة مريم من المواقع الإلكترونية والاجتماعية ومتاجر التطبيقات وغيرها. في المقابل، يشكك خبراء في مجال البرمجيات، في نجاح برامج المراقبة على مواقع الإنترنت. وفي هذا السياق، تشير مهندسة البرمجيات، ريعان بلقاسمي، إلى أن شبكة الإنترنت تتوفر على العديد من البرامج الإلكترونية القادرة على تخطي الحظر ك"بروكسي". وتؤكد بلقاسمي، في تصريح ل"أصوات مغاربية" أن فرض حظر على عناوين الأجهزة المتصلة بالإنترنت، لن يعطي أكله في ظل توفر برمجيات يمكنها استبدال تلك العناوين لتظليل المراقبة، على غرار ما كان يفعله النشطاء لولوج المواقع المحظورة كيوتيوب وغيره إبان حكم بن علي. ويمكن للأطفال في ظل توفّر انتشار الهواتف الذكية واللوحات الرقمية ومقاهي الإنترنت، الهروب من حظر المواقع الخطرة. وتعتبر بلقاسمي أن المراقبة الأبوية المباشرة والتوعية بسلبيات بعض الألعاب الإلكترونية يبقى أفضل الوسائل التي يمكن للعائلات اعتمادها في مواجهة هذه المخاطر.