منذ بدايات عام 1798 استفحل الطاعون بالإسكندرية والقاهرة عندما كان القائد العسكري الفرنسي نابليون في خضم حملاته العسكرية على عدد من بلدان المشرق العربي. ومن مصر سوريا إلى فلسطين، رافق الطاعون نابليون بونابرت، حيث امتلأ المستشفى الميداني قرب يافا بجثث جنوده الذين فارقوا الحياة بسبب المرض. وأملا في رفع معنويات جنوده وطمأنتهم، عمد بونابرت للاقتراب من المرضى ولمسهم في سعي منه لإقناعهم بأن الوباء غير معد. وفي خضم الحملة على عكا التي استمرت نحو 4 أشهر، تنقل بونابرت برفقة 13 ألف جندي، فارق الآلاف منهم الحياة بسبب الطاعون. من جهة ثانية، حاول الجنرال الفرنسي تخفيف حدة الوباء بمصر فاتجه لفرض جانب من الإجراءات الصحية المنتشرة بأوروبا مساهما بذلك في تقليص عدد الإصابات. وخلال أوت من عام 1799، غادر بونابرت الإسكندرية رفقة أسطول حربي مكون من خمس سفن. بدل التوجه نحو أحد الميناءيْن المخصصيْن للحجر الصحي، حل الجنرال الفرنسي بمسقط رأسه بمدينة أجاكسيو في جزيرة كورسيكا. ومع سماعهم خبر وصوله، احتار المسؤولون الصحيون بأجاكسيو بين طرد السفن واستقبالها، لكن في النهاية فضّل الجميع بعد ضغط من المسؤول جان باتيست بربيري الترحيب ببونابرت الذي نزل بأجاكسيو في اليوم التالي ليلقى استقبالا حارا بمسقط رأسه. وقبل مصافحته للحاضرين، عمد الجنرال الفرنسي لإجراء احتياطي بسيط فغسل وجهه ويديه بالخل قبل لقاء أهالي مدينته. وسجّل التاريخ أنه طيلة الأشهر التالية أثارت مخالفة بونابرت لإجراءات الحجر الصحي ضجة بفرنسا، حيث احتج مسؤولو موانئ تولون ومرسيليا على الأمر وتبادلوا الاتهامات مع وزارتيْ البحرية والداخلية. كما ألقى مسؤولو بلدية فريجوس باللوم على مسؤولي أجاكسيو واتهموهم بمخالفة القوانين وتقديم تراخيص مشبوهة لبونابرت. ومع نجاح انقلاب الجنرال الفرنسي في نوفمبر 1799، عرفت هذه الأزمة نهايتها دون أن تصدر أية عقوبات صارمة في حق المسؤولين