يحيي العالم الحر اليوم 26 جوان 2020، اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة للتشهير بجرائم التعذيب بمختلف أصنافها ولتقديم الدعم لضحاياه وإجلال الناجين منه. وقد تم إقرار تاريخ ال 26 من جوان من كل عام لرمزيته حيث وقع في نفس هذا اليوم من عام 1945 التوقيع على ميثاق الأممالمتحدة. كما أنه وفي نفس هذا اليوم من عام 1987 تم تفعيل اتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب وما شابهه من أنواع المعاملة القاسية او المهينة أو اللاإنسانية. وتعرّف اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التعذيب على أنه "أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسديا كان أم عقليا يُلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص أو من شخص ثالث على معلومات أو اعتراف أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يًشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث، أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث أو عندما يلحق هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية". واليوم وبعد حوالي عشر سنوات من اندلاع الثورة التونسية لازالت بلادنا تعاني من ممارسات على علاقة بالتعذيب ونددت في عديد المرات جمعيات حقوقية على رأسها المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب باستمرار عمليات التعذيب في تونس محذرة من أن تكون تلك العمليات ممنهجة. ويُعتبر جهاز الأمن والشرطة اول من تحوم حوله الشبهات حول ممارسة التعذيب ضد الموقوفين والمساجين بشكل خاص. وهذا طبيعي على اعتبار أن الشرطة هي الجهاز الذي يملك سلطة "العنف الشرعي"، غير ان كل تجاوز أو إسراف في استغلال هذه السلطة يتحول إلى شكل من أشكال التعذيب. لكن هذا لا يمنع جهات أخرى من ممارسة التعذيب بسبب ما يتمتعون به من نفوذ بسبب علاقاتهم السياسية أو المالية أو بسبب وجودهم ضمن دائرة أصحاب النفوذ. والديمقراطية ومناهضة التعذيب هما صنوان يسيران جنبا إلى جنب، فبمجرد تعثر أحدهما يتعثر الآخر لذلك لابد من الحرص على تأمين طريق سالكة لديمقراطيتنا الناشئة دون تعثر أو تعطيل لئلا تنتكس مسألة مناهضة التعذيب التي يعكف على متابعتها في تونس منظمات وهيئات حقوقية ويتابعها المجتمع الدولي بكثير من التركيز. ويرتبط مسار مناهضة التعذيب في تونس كما في العالم بمسار العدالة الانتقالية الذي كرّس مبدأ المساءلة والمصالحة غير أن هذا المسار واجهته عديد التحديات واتهمه العديد من الناشطين السياسيين والمدنيين بالتسييس والتحزب، وهو ما أضر بسمعة بلادنا في الخارج كدولة تسعى للوئام المدني ولتكريس المصالحة بين الجلاد والضحية. وتلك قضية أخرى قد نعود إليها لاحقا.