"خرجت من سجن صغير إلى سجن اكبر" تواصل "الخبير" نشر شهادات عناصر المجموعة العسكرية من "مجموعة الانقاذ الوطني" والتي قدمت قضية ضدّ كلّ... من تسبب وامر وقام بممارسة جريمة التعذيب عليهم اواخر الثمانينات ابتداءا من نوفمبر 1987. سنلقي بالضوء في هذه المرّة على السيّد بلقاسم بن ابراهيم والذي كان ضابط صيدلي بالمستشفى العسكري آنذاك. انضم السيد بلقاسم بن ابراهيم الى "مجموعة الانقاذ الوطني" في منتصف 1987، باقتراح من السيّد صالح العابدي، فهو الذي عرض عليه الفكرة، فيتحدث قائلا" مع تأزم اوضاع البلاد في تلك الفترة وترهل نطام بورقيبة وكنا نشهد كلّ يوم تشكيل وزاري جديد، فكان منطلق تحركنا الغيرة على الوطن" ويواصل سرد شهادته" سبب ايقافي، كان تعقب رجال الامن مكالمة السيد صالح لمّا كان في حالة فرار"، وفي يوم 06 ديسمبر حين كان يباشر عمله في المستشفى، يقول السيّد بلقاسم "قدم الي النقيب فوزي العلوي من مصلحة الامن العسكري، وهو حاليا مدير ادارة السجون، واخذني من العمل مقيدا الى مصلحة الامن العسكري بباب سعدون دون ان يعلمني السبب، وبقيت في التحقيق 3 ايام بالأمن العسكري، ثمّ يوم 9 ديسمبر 1987، حملني النقيب فوزي الى ادارة امن الدولة بوزارة الداخلية وسلمني الى المنصف بن قبيلة، مدير جهاز امن الدولة، الذي بدوره سلمني الى عبد الرحمان القاسمي، مدير فرقة التعذيب ومورس عليّ مباشرة شتّى انواع التعذيب حيث وضعوني في غرفة مملوءة بالماء وانا عار تماما، ثم في وضعية "الروتي" ولا اذكر كم من الوقت بقيت لا نه اغمي عليّ، مع تعرضي في كلّ الاوقات الى الضرب". في الاثناء، كان البحث متواصلا، وكان يتهمونه بالانتماء الى الاتجاه الاسلامي، واعترف السيّد بلقاسم بانه لم ينتم ابدت الى أي حزب ولم يكن مسّيسا. وفي المرحلة التالية اخذوه الى زنزانة تضم عناصر اخرى من المجموعة. الى الان، وصلت مدة ايقاف السيّد بلقاسمشهرا دون اية محاكمة، يصف تلك الفترة فيقول" كنت اعيش في رعب حقيقي، حين كان يستدعى احدنا الى التحقيق، كان يعود اما زاحفا او محمولا من شدّة التعذيب". بعد انقضاء مدّة شهر، اخذت الى حاكم التحقيق فاصدر فيّ بطاقة ايداع بالسجن لمدّة عام، فأودع بالسجن المدني 9 افريل الذي هدّم الان. خلالمدّة ايقافه، حسب افادته، تعرض السيّد بلقاسم الى عذاب نفسي شديد كما حرم من جميع حقوق المساجين، وكان كلّ سجين يتحدث مع عناصر "مجموعة الانقاذ الوطني" يتعرض الى التعذيب بدوره. وبعد مرور عام، وبعد وقوع مفاوضات بين عناصر المجموعة من جهة وبين الرئيس من جهة اخرى، وكان مدير ادارة السجون هو الوسيط. وبدأت المجموعة في الخروج على ثلاث مراحل. ويستطرد السيّد بلقاسم قائلا" يوم 03 نوفمبر 1988، اتصل بي في السجن المقدم محمد لزغب، رئيس قسم الابحاثبالأمن العسكري بباب سعدون وعرض عليّ الاستقالة من وظيفتي مقابل خروجي من السجن، فوافقت على الفور، وكان الهدف من هذا العرض حرماني من التقاعد، فقد خدمت 21 سنة، فقدمت استقالتي وخرجت من السجن في نفس اليوم، لكنني خرجت من سجن صغير الى سجن اكبر" ويتحدث عن مخلفات التعذيب وعيناه ملياتين بالدموع قائلا "بسبب التعذيب، كنت ضحية لمرض السرطان، فأجريت عملية جراحية وتم استئصال الورم وانجر عن ذلك تعرضي لمرض السكر وضغط الدم، احتاج الان الى اجراء عملية استعجالية تعرف باسم "Bandlette I-stop Urine" لا يمكن اجرائها الا بفرنسا بتكلفة 15 ألف اورو ولا املك إلا نصف المبلغ وذلك بفضل مساعدو اصدقائي الضباط الذين يتواجدون خارج تونس" وبعد خروجه من السجن، يصف السيد ابراهيم منزله بمركز الامن، فقد اصبح مزارا لرجال الامن في كلّ لحظة، مما اضطره الامر الى الانتقال من منزله بسيدي حسين الى المروج، والاشتغال ب7 صيدليات، وفي كلّ مرّة كان يسلط على صاحب الصيدلية ضغطا ويتهم بانتمائه الى الاتجاه الاسلامي، فيطرد بذلك من وظيفته. زوجة السيد إبراهيم السيدة روحية الدريدي، كان لها نصيب من الشهادة، فتدخلت لتؤكد أن زوجها لزمه من الزمن شهرا حتى يستطيع أن يستوعب ما يحصل حوله وتضيف قائلة" لقد تعرضت بجوري إلى عذاب نفسي رهيب، فقد تخلت عنى العائلة، فاضطررت للخروج للعمل لأعيل أولادي، وكنت المرأة الوحيدة وسط رجال السوق" كما يضيف السيد إبراهيم انه تعرض إلى مضايقات في المطار عندما كان يعتزم القيام بعمرة سنة 2007 وأخيرا في سبتمبر 2011 لما كان ذاهبا لفرنسا للتداوي، وكان رجال الأمن في المطار يعترفون له بأنه مازال مسجلا في لائحة الإرهابيين الدوليين، وحتى يحل هذه الإشكالية نصحه احد الضباط في وزارة الداخلية بالاشتكاء إلى رابطة حقوق الإنسان. في سياق إنارة الرأي العام بقضية "مجموعة الإنقاذ الوطني" ستواصل الجريدة رد شهادات أخرى من عناصر المجموعة إيمانا منا بان هذه الإنارة ستساهم في كشف الحقيقة وفي استرداد حقوقهم وان تأخذ القضية أبعادها الحقيقية. نائلة النوري